اختلطت الأوراق الوطنية وتعالت نعرات لأناس يطالبون بالانفصال عن الوطن الأم وكأننا اخترقنا تاريخنا ليسطر صفحات جديدة عن دويلات خرجت غاضبة من رحم البلد. سبحان الله عندما دعا سيدنا يونس - عليه السلام - قومه للايمان بالله وظل بينهم زمنا ولم يؤمنوا وليّ غاضبا فَضيَّق الله عليه فظل في بطن الحوت أياما وليالي اضاءت ظلمتها كلمة »لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين« حتي عاد الي الحياة وعلم ان قومه قد آمنوا بعد أن تركهم. انها دعوة للصبر والايمان بأن الحق يٌضَيِّعه الغضب وان الخروج ما هو بالحل. الآن تتردد مقولة عدائية وخبيثة ورغم ان الناس يأخذونها مأخذ الهزار والتنكيت الا انها تحمل في طياتها معاني خطيرة جدا وهي ان الوطن ليس في حالة انقسام بين ابنائه فقط بل امتد الأمر الي الكيانات الاقليمية التي يضمها تحت رايته.. ألا وهي مقولة استقلال محافظة تلو الأخري.. وينفرط العقد. إن لم تأخذ قيادات الدولة الأمر الذي يدعو الي الانفصال مأخذ الجد سنصبح شعوبا وقبائل تتقاتل ويحكم كل فصيل قبضته علي أملاك محافظته ويتحكم في موانيها ويكون له جنوده الذين يدافعون عن استقلاله. هذا الهزل إذا استمر ستتعدد الجنسيات داخل الوطن وقد كان من الخطأ الشائع اننا تركنا للألفاظ التي تدعو الي تشجيع هذا الانقسام مجالا واسعا فأفرطنا في تعميق الانتماءات الضيقة فنقول.. محلاوي - اسكندراني - بورسعيدي - اسماعيلاوي - مصراوي.... الي اخره من الاصطلاحات في حين عندما مَنَّ الله علي مصر بالاسلام وسكن جميع ارجائها لم نسمع غير كلمة مصري في أي مكان تطلق علي مواطنيها. الاستقلال المزعوم دعوة اشبه بانفصال الابن عن الأم غاضبا منها فتضيق مساحة الانتماء الوطني وتتشكل العداءات ويتربص كل واحد في محافظته بالآخر وربما نجد كومنولث من بعض المحافظات ضد بعض المحافظات. هذا التغييب الوطني سيسهل للاعداء ان يتسللوا ويدعموا فريقا ضد الآخر كما حدث في المدينةالمنورة حين كان اليهود يدعمون الأوس والخزرج لاشعال نار الفتنة بينهما والحروب ويستفيدون هم الي أن جاء سيدنا محمد - صلي الله عليه وسلم - وآخي بينهم فأفشل مخطط بني صهيون في البدايات وها نحن نفتح لهم الباب علي مصراعيه مرة أخري ولا نتعلم. الصبر علي الحق له ثواب كبير والغضب يُضَّيع الحق وثوابه لهذا ادعو اخوتي المصريين في جميع محافظات مصر ان يطالبوا بحقهم دون غضب او إحساس بالانفصال عن الوطن وانما بصبر واصرار للحصول عليه بالطرق الشرعية والقانونية وليس باحداث شلل اقتصادي او قطع طرق او اشعال نيران في كل مكان. ما سمعت يوما ان الحق عاد بهذه الافعال بل أؤكد ان الحق سيذهب بعيدا وسنلقي اثاما وان الصبر والجهاد السلمي هما الطريق لتحقيق الحق وليس السيف - أسف المولوتوف - والرصاص والا سنلقي بأنفسنا في بطن الحوت!