الانفلات الأمني هو ظاهرة اجتماعية يجب دراسة ابعادها وأسبابها للوصول الي علاجها والتغلب عليها ومن عوامل العلاج اعاده ترتيب الجهاز الأمني وهو ما نطلق علية اعادة هيكلة جهاز الشرطة. فإعادة الهيكلة تقتضي الجوانب الفنية والمادية والإدارية وإعادة هيكلة نفوس أبناء الشعب المصري نفسه للتجاوب مع العمليات الشرطية وإعادة الهيكلة الفنية تقتضي وضع خطط مستقبلية أمنية تتناسب مع الظروف الحالية بعد الثورة وتتلاءم مع الحالة النفسية والإجرامية لأعمال البلطجة المتزايدة في الشارع المصري مع اعادة النظر في دراسة مفهوم الجريمة وأسبابها وطرق منعها قبل حدوثها وضبطها بعد وقوعها بأقل جهد ممكن مع الوضع في الاعتبار احترام حقوق الإنسان. والجزئية الثانية هي إدارة المنظومة الأمنية بأسلوب علمي ممنهج منظم أثناء ارتكاب الجرائم أو الوقائع وأخيرا وليس آخرا ادارة المنظومة الامنية بعد الواقعة وهو ما يطلق عليه بيان الايجابيات والسلبيات الخاصة بعمليات الشرطة والعمل علي تلافي الأخيرة »الدروس المستفادة «. -أيضا مطلوب إعادة تثقيف رجال الشرطة دينيا وسياسيا واقتصاديا وفكريا فالأمن قضية اجتماعية وهو أيضا واجب ديني مقدس قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »عينان لا تمسهم النار عين بكت من خشيه الله وعين باتت تحرص في سبيله«. فاستحضار النية لدي رجال الشرطة يعطيهم حماسا دينيا مقدسا ويلهب روح العمل الفدائي لقناعته بعمله الشريف الذي يقوم به فهو يكتسب الثقة وعلي اثر ذلك فان افراد الشعب يثقون في رجل الشرطة ويقفون معه جنبا الي جنب في سبيل تحقيق الأمن العام وأيضا الاهتمام بأعمال البحوث الشرطية والجنائية والدورات التثقيفية والاستفادة من الدراسات المقارنة والأنظمة السابقة وأعمال الشرطة في بداية العهد الاسلامي وفي العقود اللاحقة كالعصر الاموي والعباسي والمملوكي والعثماني وكذا دراسة منظومة الشرطة في بريطانيا لاسيما بوليس سكتلنديارد والبوليس الأمريكي والبرازيلي والايطالي في تحقيق الأمن ومنع أعمال البلطجة ومحاربة المافيا مع الوضع في الاعتبار المناخ السياسي والطابع الشرقي والظروف الاقتصادية لمصرنا الحبيبة. أيضا يجب الاعتماد علي اللامركزية الفنية بمعني عدم تقييد صغار الضباط في مواقعهم بأوامر رئاسية عليا صادرة من قادة لم تتعايش مع الحدث فالضابط الموجود علي مسرح الجريمة أقدر من غيره في تقدير الموقف وكيفية التعامل معه هذا مما يزيده ثقة بالنفس وليس هناك ما يمنع من الاستعانة بخبرات الضباط السابقين والمتخصصين في تحقيق منظومة الأمن بشرط تواجد عنصري الخبرة والأمانة. وثانيا: اعادة الهيكلة المادية وهي خاصة بالإمكانيات المادية التي تستخدمها الشرطة في مباشرة عملها كالسيارات المصفحة والأسلحة الحديثة ذات المناظير وغيرها وأيضا استخدام الكاميرات الحديثة في عمليات المراقبة ووضعها في جميع البنايات المهمة والتي يمكنها تسجيل الأحداث صوتا وصورة وكذا استخدام الطائرات المروحية ذات المحرك الواحد سريعة الانتشار لمراقبة الطرق السريعة والكشف عن أماكن تخزين الأسلحة المهربة وبدلا من استخدام جزء كبير من ميزانية وزارة الداخلية في تجهيز مكاتب السادة المديرين أو استخدامها في غير الاغراض الأمنية يجب استحداث سيارات مصفحة وملابس واقية بدلا من استحداث سيارات فارهه للركوب وأقترح أيضا بتحويل جزء من تحصيل المخالفات والتي تذهب معظمها لوزارة العدل الي وزاره الداخلية لتحسين الخدمات المرورية وإدارة المرور. أيضا نطالب بزيادة رواتبه رجال الشرطة عامة ولما لا يتساوي ضباط الشرطة لاسيما صغار الضباط مع رجال النيابة والقضاء المناظرين لهم وقد رأينا أن المؤسسة الحكومية الوحيدة والتي قدمت كثيرا من الشهداء والمصابين وتعرضت للأذي والضرب والحرق والإهانة فوق ما يتحمله بشر ولربما كانت احصائية الشهداء والمصابين من رجال الشرطة خير معبر علي ذلك وهم يجنون الان سوءات النظام السابق كما أطالب أيضا بمساواة رجال الشرطة فيما بينهم في جميع الادارات مع زيادة بدل المخاطر لرجال المباحث والمواجهين للجمهور الغاضب وتقليل الفجوة المادية بين ضباط الشرطة وأفراد الشرطة بصفة عامة وفي الاحوال غير العادية والتي يعمل فيها رجال الشرطة عدة ساعات اضافية يجب وضعها في الحسبان وتعويضها عنها. وثالثا: إعادة الهيكلة الإدارية و نبدأها بوضع معايير موضوعية لاختيار القادة والصف الثاني والثالث في ادارات الشرطة والبعد عن حالات التقييم الشخصية والتي عاني منها جهاز الشرطة طويلا حيث كان الإبقاء علي القيادة المسالمة الضعيفة والعصف بالقيادة القوية ذات الفكر والرأي والبحث العلمي هذا في سبيل عدم منافسته للوصول الي اعلي السلم الإداري ولعل المبدأ الإقتصادي الخاص بسلع السوق ينطبق علي جهاز الشرطة في العهد البائد وهو القائل بأن العملة الرديئة تطرد العملة النفيسة من السوق. هكذا طردت القيادة الحكيمة من جهاز الشرطة وايضا يجب اصلاح السجون وإنهاء التعذيب بشتي أنواعه مع وجود بدائل لعقوبات داخلية لمن يتجاوز من المساجين حدوده ثم العمل علي تأهيل المساجين قبل انقضاء مدة عقوبتهم دينيا واجتماعيا وسلوكيا حتي يكونوا نواة اقتصادية نافعة مع ضمان عدم عودتهم للنشاط الإجرامي مرة اخري وعلي ذلك ليس هناك ما يمنع من وجود نائبين لوزير الداخلية احدهما مدني ويكون من ضمن مهامه اصلاح السجون ومراعاة حقوق الانسان وكذا الجانب الاعلامي للشرطة في سبيل ازالة الفجوة بين الشرطة والشعب وإعادة الثقة المتبادلة بين الشرطة والشعب آخذين في الاعتبار الكفاءة والأمانة. أيضا إعادة هيكلة المجتمع المصري إعلاميا ونفسيا عن طريق تهيئة الرأي العام لقبول عمليات الشرطة والانضمام الي المنظومة الأمنية كعنصر مشارك فعال وهذا يتطلب اظهار حسن نوايا رجال الشرطة أولا والتزامهم بالقانون وحقوق الانسان ثانيا وبالحيادية التامة وعدم الميل الي اي فصيل سياسي من ناحية ثالثة وان يكون ولاء الشرطة دائما وأبدا لله تعالي وللدين وللوطن فالأمن لا يتحقق بمعرفة رجال الشرطة وحدهم وإنما بتضافر جميع القوي الموجودة في الشارع المصري. وكلنا أمل ان يعود الأمن لمصرنا الحبيبة في أسرع وقت ممكن وتعود مصر كما كانت دائما بلد الامن والأمان.