محمود أبوسعدة هذا لسان حال المواطن البسيط الغلبان صاحب البلد الحقيقي الذي يمثل 09٪ من المجتمع، لسان حال الشريحة العظمي ملح الأرض التي لا تنبت إلا به وذيل السمكة الذي يحركها. يقول هذا المواطن: كل من يسمون أنفسهم بالنخبة يسحلونني يوميا ويتحدثون باسمي دون توكيل مني فأنا لا أعرفهم ولا يعرفونني فأنا مواطن من طين هذا البلد بعد أن اختلط عرقي بطينها، أعاني منذ عقود طويلة وأعيش علي الفتات الذي يتساقط من موائدكم.. أكدح وأشقي وأذوق الأمرين لأربي أولادي ويبلغوا أرقي الدرجات العلمية ليجلسوا بجواري بعد أن يستولي أولاد النخبة وذووهم علي حقوقهم في أرقي الوظائف حتي لو نجحوا بالرأفة والغش، أنا لا أعرفكم لأنني لا أحمل إلا جنسية هذا البلد وأكثركم يحمل جنسيات أخري.. أنتم تركبون السيارات الفارهة والطائرات وأنا تذوب قدماي في الشوارع وبسببكم تتركني الحكومة نهبا لسائقي الأجرة أو القطارات غير الآدمية أنتم تأكلون السيمون فيميه والكافيار وأنا لا أعرفهما وأكمل عشائي نوما لأستيقظ فجرا حتي أجاهد في سبيل الفوز بجنيه خبز مدعم تعف عن أكله الحيوانات. أنا لا أعرف لماذا تتناحرون وتتصايحون وتدخلون في معارك توقف حال البلد وتعوق انطلاقه وتهدد استقراره وتؤخر ثمرة ثورتي الشعبية التي قمت بها من أجل أن يتبدل حالي فإذا به من سييء إلي أسوأ بسببكم أنتم الذين تجتمعون في فنادق الخمس نجوم في درجات حرارة تناسب أبدانكم التي لا تلفحها الشمس ولا يخترقها البرد. خمسة استحقاقات قلت فيها رأيي وأعلنت عن هويتي ورغبتي في الطريق الذي تسير عليه بلدي وأنتم تسفهون اختياري وتحقرون رأيي وتصفونني بالجهل والأمية وبأنني أسير الزيت والسكر حتي سئمت منكم وعرفت ان الديمقراطية عندكم هي ديمقراطية مصالحكم التي تبحثون عنها.. فأنتم شيء واحد وإن تعددت مسمياتكم من ناشط سياسي أو خبير أو محلل أو استراتيجي أو فقيه دستوري أو حنجوري بعد أن اختلطت عليّ الأمور بسببكم ما بين الحقيقي والمزيف والمخلص والمغرض، أنتم تبحثون عن بقاء نخبتكم كما هي بكل مكتسباتها ولكن كما هي سنة الله دوام الحال من المحال فلابد أن يجئ يوم تتغير فيه هذه النخبة بعد أن تتواروا عن الأنظار وتجئ نخبة أخري تبغي مصلحة البلاد والعباد. إن هي إلا أسماء أتعجب كثيرا من الذين يقصرون الأسماء علي ما تحمله من معني وحتي لو كان للاسم من معناه نصيب فإن ذلك ليس بقاعدة ولكن ان هي إلا أسماء لا تعلل، فقد رأينا الحزب الوطني الديمقراطي مثالا للانتهازية والتخريب، ولم يقل أحد قط ان من لم ينضم إلي حزب المصريين الأحرار أنه من العبيد، وقد رأينا حزب الأمة كان فيه الصباحي هو الأمة والقائمة تطول من حبيب العادلي إلي نظيف.. إذن لماذا يصر البعض علي أن مسميات التيار الإسلامي تحتكر المعني وهو الإسلام فقد سمعت أحدهم معترضا يقول إذا كانوا هم الاخوان المسلمين فماذا نحن هل كفرة؟ فهذا ميراث عقلي خاطئ فلابد أن نعرف ونعلم أجيالنا ان الإسلام لم يكن ولن يكون يوما حكرا علي أحد وليس هناك علي وجه الأرض حجة علي الإسلام غير الله ورسوله لا السلفيون ولا الإخوان فيجب التعامل معهم من منطلق ان هي إلا أسماء فكان في المجتمع المدني المهاجرون والأنصار وأهل الصفة وكان معهم اليهود والنصاري وكان الإسلام حجة علي الجميع. تاريخ من ذهب في تقرير جون بوينج المبعوث الإنجليزي إلي وزير خارجية بريطانيا بلمرستون عام 7381 جاءت فقرة من ذهب يتحدث فيها عن المسيحيين في مصر: »ولا يكاد يوجد بينهم وبين النازحين الأوروبيين أي اختلاط ولا يعرف عن عاداتهم المنزلية إلا القليل شأنهم في ذلك شأن المسلمين فالحجاب مضروب علي نسائهم كما هو علي نساء المسلمين وفي الريف لا تكاد تختلف عادات الأقباط عن عادات المسلمين وهم كالمسلمين يؤمنون بالخرافات الشائعة في البلاد سواء كانت راجعة إلي أصل إسلامي أو مسيحي« وفي كتاب مصر الحديثة لكرومر يقول: »الخلاف الوحيد بين القبطي والمسلم ان الأول مصري يتعبد في كنيسة والثاني مصري يتعبد في مسجد«. هكذا قالوا عنا منذ قرن ونصف وهكذا يجب أن نكون شركاء في الوطن شركاء في الشمس والماء والهواء في الأرض في الجو النادر المميز. لقد آن لهذه الأصوات أن تخرس وتتركنا نعيش متحابين متعاونين متراحمين دون أن يتنازل أحدنا عن عقيدته ارضاء للآخر فاعتزاز كل منا بعقيدته وقيامه عليها لا يكون أبدا ضد التعايش والتراحم والمودة وأداء الحقوق وهذا يتماشي مع فكرة الإسلام عن الوحدة البشرية لصالح إعمار الأرض.