الأمومة من الموضوعات المهمة التي شغلت الحركة الفنية التشكيلية في مصر وخصصت معارض ومسابقات لهذا الموضوع لقيمته وأهميته في الحياة وقيمته الإنسانية لتواصل الأجيال والحفاظ علي هذه الثوابت، وتمثال الأمومة للسجيني أبدعه من خامة الأسمنت وأبعاده »45*35*431سم« وتم سبك التمثال من خامة البرونز النبيلة عام 2102، والأمومة تمثال أفقي البناء ممشوق وملفوف ومستقر بحكم الجاذبية.. في حركة حانية ودافئة ويتسم بالرشاقة التي تبدأ من أعلي عند الرأس التي تحتضن طفلها، والوجهان ملتحمان مضمومان بقدر كبير من المشاعر والحب يتجاوزان ما يسمي بالتعبير التقليدي، ويأتي إلتفاف ذراع الأم علي جسد طفل مكونين عمقا بيضاوي البناء عميق الاحتواء، والشكل البيضاوي منحوتا جزءا واحدا محدثا حالة من الإنصهار بين الجسدين دون إشارة لأي تفاصيل.. ومن خلال التأمل في معالجة الفنان لهذه الجزئية نستطيع تلمس ما في عمق هذا البيضاوي الحنون، وهذا يعتمد علي قدرة المثال السجيني البارعة في تجسيد اللامرئي لخبرته الطويلة وفهمه وتمكنه من مكونات الجسد تشريحيا، وهذه إشارة وعلامة مهمة لأهمية امتلاك الفنان الأصول الفنية باقتدار حتي يتمكن من تحقيق أفكاره بيسر وبدون معاناة، وهذا درس آخر تركه السجيني للأجيال الصاعدة من شباب الفنانين حتي يستطيعوا انتاج إبداع خالص وأصيل، وبرع السجيني في التركيز علي الكتلة المختزلة واعتبر الكيان الكلي للتمثال هو الدال والمعبر عن المعني الجميل والإنساني للأمومة، وهذا البناء الممشوق ينبثق منه فقط الوجهان يحملان طاقة ملتهبة من المشاعر وتبادل دقات القلب ونبض الحياة، البساطة وبلاغة التعبير هما سمات وركائز مميزة لتمثال الأمومة، أتذكر عزيزي القارئ في الستينيات كان تطلق مسابقات فنية تحت موضوع »الأمومة« في المدارس والجامعات وكان من نصيب كاتب المقال الحصول علي الجائزة الأولي عام 1691، ولم تكتف الإدارات التعليمية بطرح هذه المسابقة فقط بل كانت تمتد إلي التلاميذ أصحاب المواهب الأدبية وخاصة الشعر، مضافا إلي ذلك مسابقات التصوير الفوتوغرافي، وشغل هذا الموضوع السينما والدراما المصرية وأيضا الأغنية والأدب بفروعه ومجالاته المختلفة، فالمرأة عنصر أساسي ورمزي في أعمال بعض الفنانين المصريين.. كالمرأة في تمثال نهضة مصر للمثال مختار، والمرأة في لوحة الميثاق للفنان عبدالهادي الجزار.. في هذه الأعمال الرائدة المرأة هي رمز لمصر الحبيبة، نستدعي ذكريات كانت أحداثا من عقود إنشغل بها فنانون وأدباء وسينمائيون من أجل إبداع يليق بمصر وحضارتها التي علمت العالم كله.. ونهر الفن يتألم بشدة عما يحدث علي الساحة السياسية والانقسامات الشديدة والفوضي العارمة بالمجتمع، وغياب آليات أمنية للحفاظ علي الدولة من الانهيار، ما يحدث في مصر الآن بعيد عن روح ثورة 52 يناير 1102، الثورة تعني العمل لتحقيق أهدافها وتعميق محتواها علي أرض الواقع، فمصر أمنا جميعا تستحق منا الحفاظ علي كبريائها وعظمتها، فعلي الرئيس مرسي وقف هذه الكارثة التي تنهش في جسد مصر التي دافع المواطن المصري عنها عبر عقود وقرون ضد المعتدين، لا ننسي كل مشهد غير حضاري في المظاهرات يشاهده العالم في نفس اللحظة.. وهذا يعني مزيدا من الأضرار الاقتصادية تخلف في كل مناحي الحياة.