هناك شبه إجماع لدي جموع المواطنين وعامة الناس وخاصتهم، علي أن الكارثة الجديدة للسكة الحديد، الناجمة عن الحادث المروع لقطار البدرشين، الذي راح ضحيته العديد من الشهداء والمصابين من أبنائنا المجندين، لن تكون الاخيرة للأسف، طالما استمرت حالة هذا المرفق علي ما هي عليه من تدهور جسيم، واهمال أشد جسامة. هذه هي الحقيقة المُرة التي يجب علينا أن نواجهها، إذا ما أردنا اصلاحا حقيقيا للسكة الحديد يوقف مسلسل الكوارث المتكررة، التي أصبحنا عرضة لها كل عدة أسابيع، والتي حولت هذا المرفق الهام من وسيلة آمنة لنقل الركاب كما هو الحال في الدنيا كلها، إلي وسيلة سريعة لنقل المواطنين إلي الآخرة، كما هو الحال عندنا. وللحقيقة نقول بوضوح، إنه رغم فداحة الكارثة وجسامة الحدث، والإدراك بأن شيئا مهما عظم لن يعوض أهالي وأقارب الضحايا عما فقدوه، إلا اننا يجب أن نعي تماما اننا أمام جريمة إهمال أخري، تضاف إلي الجرائم العديدة التي سبقتها والتي سفكت فيها دماء كثيرة علي قضبان السكك الحديدية، وأن هناك جرائم أخري في الطريق، طالما تجاهلنا الحاجة الملحة لوضع نهاية عاجلة لهذا الإهمال. ولا يحتاح الأمر إلي نظارة سوداء أو بيضاء كي نري الواقع المر الذي اصبحت عليه قطارات ومحطات السكك الحديدية في مصر كلها، بعد ان كانت واحدة من أجود وأفضل السكك الحديدية بالعالم كله، فإذا بها الآن مثال صارخ للتدهور وسوء الحال، وسوء الإدارة، وغيبة الانضباط، والرقابة،...، وما خفي كان أعظم. وحتي نكون أكثر وضوحا وصراحة، نقول إن جرائم الإهمال الجسيم، وصور الفوضي الشاملة، تعددت في مواقع كثيرة، وليست في قطاع السكك الحديدية فقط، للأسف، وبالرغم من تعدد هذه الجرائم، واختلاف صورها وأشكالها إلا أن النتيجة واحدة في كل الأحيان، وهي سقوط المزيد من الضحايا الأبرياء. وبالطبع، وكما تعودنا في كل مرة، ينتابنا الحزن والألم والأسي، وتشتعل النفوس بالغضب، وتتعالي أصواتنا تطالب بمواجهة صحيحة، ووضع حد للإهمال القاتل، والقضاء علي الفوضي والتسيب،...، ثم تهدأ الأمور بمرور الوقت، ونعود لما نحن فيه من فوضي واهمال وتسيب، انتظارا لكارثة جديدة. ولكني ارجو أن يختلف الأمر هذه المرة، ونكون علي قدر المسئولية والحدث.