مأساة وكارثة إنسانية بكل المقاييس ما جري لأطفالنا الشهداء في أسيوط.. وهي تحمل لنا جميعاً كل معاني الألم والمرارة والحزن والأسي. فهؤلاء الأطفال الأبرياء لم تتح لهم الفرصة ربما ليشعروا بطفولتهم أو الحياة كما كانت لاقرانهم.. وكان شاغل هؤلاء الأبرياء الصغار هو الاجتهاد والمذاكرة والرغبة في تحسين ظروفهم وظروف أسرهم التي كانت تراهن عليهم.. ولكن هذه ارادة الله.. ولا نقول ما يغضب الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولكننا ونحن في حالة الحزن والأسي والمرارة في كل ربوع مصر علي هؤلاء الأطفال ربما لا نهتم بالاجراءات التي تمت مع المسئولين عن هذا الإهمال. استقال الوزير ورئيس السكة الحديد أم تمت إقالتهم.. ويتم استدعاؤهم للنيابة للتحقيق ولا يجوز ان تلقي المسئولية علي عامل المزلقان وحده فهو يعمل في إطار منظومة كاملة بها عوار واخطاء وإهمال جسيم. الاستقالة أو الإقالة واستدعاء كل من له علاقة بهذه الكارثة لا يجب ان يشغلنا عن التعامل مع الموقف والمستقبل.. وكيف يمكن انقاذ مفاصل الدولة وأجهزتها من الإهمال القاتل وهو المتهم الغائب في كل الكوارث حتي الآن.. المحاسبة ضرورة.. والمساءلة لمن يتحمل المسئولية السياسية والقانونية نعم.. ولكن ماذا عن المستقبل والتعامل مع السكة الحديد ومرافق أخري لا تزال تحتاج لانقاذها من تراكمات الإهمال والأخطاء. الإهمال يتواصل في مواقع عديدة.. وأصبح يدفع بنا إلي حالة من الحزن والأسي وتكاد مصرتتحول إلي سرادق عزاء بسبب حوادث القطارات من الفيوم إلي أسيوط وقليوب وغيرها بالاضافة إلي حوادث المرور بسبب تراخي وإهمال وقصور يجب ان نصارح أنفسنا في علاجه. ولا يجوز بأي حال ان نلقي الأمر علي القضاء والقدر مع تسليمنا الكامل بقضاء الله وقدر الله وما شاء فعل. ولكن لا يجوز أيضاً ان نلقي أنفسنا إلي التهلكة والكوارث. باهمالنا وغياب الضمير وغياب المساءلة والمتابعة. وربما يكون للعاملين في أي مرفق مطالب فئوية وعمالية وتراكمات وأخطاء ولكن لا يجوز مطلقاً الإهمال أو الوقوع فيه الذي يؤدي إلي ضياع الأرواح والشهداء بسبب تقصير وإهمال والبكاء علي شهدائنا من أطفال أسيوط الأبرار يدفعنا إلي طرح مستوي الأداء في السكة الحديد مرة أخري. وما يجري علي المزلقانات في كل مناطق الجمهورية وهل يستمر الوضع الحالي وكلما وقعت حادثة خطيرة يتم استقالة أو إقالة وتغلق الملفات وتضيع دماء الشهداء والضحايا. السكة الحديد ومرافق أخري تحتاج إلي مراجعة لنظم العمل بها. هل يصلح رئيس مجلس الإدارة بمفرده مهما كان اسمه وخبرته لادارة هذا المرفق الهام بمفرده. لماذا لا يتم طرح فكرة نواب لمناطق الوجه البحري والقبلي ويتحمل هؤلاء مسئولية المتابعة والمسئولية القانونية أيضاً. هل تستمر هيئة السكة الحديد في التعامل مع المزلقانات بهذه الطريقة المؤلمة وكيف يتحول الأمر إلي تحميل المسئولية إلي عامل المزلقان ولا نعفيه من المسئولية ولكن لماذا يتحمل المسئولية بمفرده. وهل يتحول عامل المزلقان في أي منطقة إلي مجرد كبش فداء وامتصاص الغضب. المزلقانات تحتاج إلي مراجعة ومتابعة ونظام جديد ولا يجوز ان يكلف عامل واحد علي المزلقان قد يقع في النوم أو يصاب بمرض.. ولماذا لا يفتح باب التعيينات ويتم تعيين اثنين علي الأقل علي كل مزلقان في الوردية الواحدة. ان مصر في الماضي وعند انشاء السكة الحديد منذ سنوات طويلة كانت تضع علي المزلقان شرطيا تابعا للسكة الحديد واثنين من العمال وكان هؤلاء في حالة يقظة واهتمام ومهمة وعليهم متابعات من شرطة النقل والمواصلات ومراكز وأقسام الشرطة القريبة. فالرقابة الوقائية ضرورة.. وما يسمعه الناس من مكافآت أو حوافز ومرتبات للقيادات العليا في وزارة النقل والسكة الحديد بالمقارنة بالمبالغ الهزيلة التي يحصل عليها العمال في المزلقانات وغيرها من الأعمال يؤكد وجود خلل. وماذا يمنع من وجود أكثر من عامل في أي منطقة أو مزلقانات في كل ربوع مصر وماذا يمنع من المتابعة والرقابة الدورية كما كان يحدث قبل ثورة 23 يوليو 1952 وهل سنظل بعد ثورة 25 يناير أسري اخطاء وتحاكمات النظام السابق في الإهمال والتراخي وعدم وجود رؤية للتعامل مع الأزمات والسكة الحديد كهيئة مصر هي من أغني الهيئات العامة بمواردها ورجالها أيضاً ولكن هناك سوء إدارة لا يجوز ان يستمر ويجب الفصل بين إدارة الهيئة مالياً واقتصادياً والإدارة الهندسية التي تراقب الصيانة والإصلاح مع وجود مجلس إدارة يضم تخصصات ضرورية للعمل بعيداً عن المجاملات والترضيات حركة النقل والانتقال عبر السكك الحديدية في كل بلاد العالم هي الأكثر أمانا والأقل تكلفة ولكن في مصر لا تزال تمثل خطراً علي الأرواح ويتساقط الشهداء وآخرهم الأطفال الأبرار في أسيوط عليهم رحمة الله ورزق أسرهم الصبر. كلمات لها معني قال الله تعالي في كتابه العزيز: "وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم" "التوبة الآية 71" صدق الله العظيم