في عام 2005 صدم العالم الإسلامي صدمة كبري بسبب الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها إحدي الصحف الدانماركية Jylland-Posten وتسيء لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. الصدمة الأكبر كانت في رد فعل الدانمارك التي لم تعتذر حكومتها، ولا صحافتها، ولا أحزابها السياسية دفاعاً من وجهة نظرهم عن »حرية الصحافة« و »حق الفرد في التعبير عن رأيه بالكلمة أو الريشة أو العدسة« و »حق المواطنين في المعرفة، وحظر إخفاء و حجب المعلومات عنهم«. ونفس المبررات صدعونا بها للمرة الثانية في عام 2008 عندما وقف كل هؤلاء إلي جانب »إفيش« يسخر فيه راسمه من »الكعبة« و »مكة«، وهو ما زاد من غضب وحنق مئات الملايين من المسلمين وغير المسلمين الذين يرفضون المساس بالأديان ومقدساتها ورموزها. وبالأمس.. فوجئنا بتغيير موقف الدانماركيين من أقصي الشمال إلي أقصي اليمين! فلأول مرة نسمع أصواتاً منسوبة لشخصيات إعلامية، وسياسية، دانماركية لا تستبعد إضافة تشريع يسمح بفرض الرقابة علي الإعلام بالنسبة لحالات محددة! رقابة في الدانمارك؟! يا للهول! أين تبددت حماستهم لحرية لعن الأديان، والتطاول علي الأنبياء؟! ولماذا الآن فقط تتردد كلمة »الرقابة« كأمر وارد ويمكن الأخذ به في الدانمارك؟! الذي حدث ببساطة متناهية أن »دويتو« شيطاني الكاريكاتور: »بيا برتيلسن« وزميله »جان إجيسبورج« أعلنا عن قرب إفتتاح معرضهما الذي يضم عشرات الرسوم الكاريكاتورية التي لا رابط ولا ضابط لها، و لتحيا حرية الإعلام والإبداع علي الطريقة الدانماركية! وتقدم ال »دويتو« إلي القصر الملكي برغبتهما في أن تتشرف رسوماتهما بالعرض في المتحف الذي يحظي بعناية ورعاية صاحبة الجلالة الملكة »مارجريتII« وهو ما تحقق. كان المفروض أن يفتتح المعرض يوم 13 أكتوبر الحالي، و بحضور الملكة شخصياً.. لكن الذي حدث أن قراراً صدر بإلغاء المعرض اعتراضاً علي إحدي اللوحات المعروضة التي أثارت فزع السلطات وأولها القصر الملكي في كوبنهاجن! اللوحة عبارة عن رسوم كاريكاتورية لأفراد العائلة الملكية رجالاً ونساءً عرايا كما خلقوا! ليس هذا فقط بل وفي أوضاع منحطة يستحيل أن تخطها إلاّ ريشة رسام وضيع، و شاذ: روحاً وجسداً، وإلاّ كيف يعقل أن يرسم أميراً يضاجع نعجة؟! وأميرة تضاجع رجلاً أرضاً؟ وكهلاً تداعبه أميرة؟، و.. و.. إلي آخر الأوضاع الجنسية الشاذة التي تحولت إلي لوحة حرصا »شيطانا الكاريكاتور« علي تخصيص مكان مميز لعرضها وتكون محط أنظار زوار المعرض. إدارة المعرض أرجعت قرار الإلغاء إلي عدم احترام الرسامين لما سبق الاتفاق عليه معهما، خاصة عدم عرض اللوحة الإباحية التي تظهر أفراد العائلة الملكية عرايا. وفوجئت إدارة المعرض قبيل يوم الافتتاح بالرسامين يقومان بتوزيع بيان علي جميع أجهزة الإعلام يتضمن قائمة باللوحات المعروضة وعلي رأسها تلك اللوحة القبيحة المشترط عدم عرضها مسبقاً! وأكدت إدارة المتحف أنها تتحمل وحدها مسئولية قرار إلغاء المعرض، بسبب هذه اللوحة التي يتعارض السماح بعرضها في المتحف الذي يحظي بعناية ورعاية صاحبة الجلالة الملكة مارجريت! ومن الطريف أن المسئول عن المتحف أكد أن قراره بإلغاء المعرض يرجع إليه شخصياً ولا علاقة للقصر الملكي به من قريب أو بعيد! استغل الرسامان الاباحيان قرار إلغاء معرضهما للتنديد به، والتخويف من التحرش بحرية الإبداع، كما أكدا أن »حرية التعبير« لم تعد متاحة في الدانمارك! حقيقة أن عدداً كبيراً من السياسيين والفنانين أعلنوا تضامنهم مع الرسامين وضد إلغاء معرضهما لكن حقيقة أيضاً أن الصحافة الدانماركية علي غير العادة وقفت إلي جانب الإلغاء، ونددت باللوحة الإباحية! والأغرب أن الصحيفة التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم Jylland-Posten كتبت مقالاً افتتاحياً أكدت فيه أن »بيا برتيلسن« وزميله »جان إجيسبورج« خططا وتوقعا هذه النتيجة، لأنهما بعرض تلك اللوحة الإباحية تسببا في إحداث هذه الضجة، والجدل المثار حالياً بسببها. فليس من المقبول أن يُسمح بعرضها في متحف يحظي برعاية ملكة البلاد شخصياً! الرسامان واصلا ضجتهما، وأعلنا عزمهما علي عرض اللوحة ضمن عشرات غيرها في معرض آخر بالعاصمة كوبنهاجن. ويذكر أن اللوحة الإباحية معروضة حالياً في إحدي صالات العرض في »كاسل« بألمانيا!.