أثارت عملية نشر الرسوم الكاريكاتورية عن الرسول المصطفي عليه الصلاة والسلام، العديد من وجهات النظر بشأن رد الفعل الواجب من المسلمين على ما نُشر، وتعددت الآراء حول ذلك، ما دفع الكثير من الزملاء والاصدقاء الأفاضل في صحيفة " المصريون " وغيرها من الصحف العربية الاسلامية الى طرح وجهات نظرهم مؤيدة بهذا أو ذلك من المبررات، وبينما اعتقد الكثيرون - بحب وغيرة مطلوبة لدين الله ورسوله المصطفى - ان على المسلمين مقاطعة المنتجات الدانماركية قاطبة - من زاوية معاقبة البلد التي لم تقدم حكومته على معاقبة الفعلة، أشار آخرون - وبنفس الروح والغيرة المطلوبين دفاعاً عن رسول الله - عدم جدوى المقاطعة، حيث لم تكن تلك المرة الأولى ولن تكون الأخيرة للهجوم على دين الله وانبيائه، بل وستتسبب حملات الاحتجاج والاعتراض وما يصاحبها من عُنف ناجم عن تأجج مشاعر المسلمين وغيرتهم على نبيهم المصطفى الى مزيد من التضامن بين الفعلة في أوروبا وأمريكا، وهم كثيرون، وستفتح فصلاً جديداً من فصول التدليل على همجية ردود أفعل المسلمين، وهو ما بات القاعدة المتعمدة في التعامل مع الاسلام والمسلمين وباعتقادي فإن المقاطعة، وكما أشار بعض العلماء الأفاضل واجب على كل مسلم، لكن الكثيرين ربما لجلل الجرم لم يفرقوا - ربما بسبب الغضب - بين الخاص والعام لم يكن الشعب الدانماركي بشرائحه المختلفة - ومنهم المتعاطف مع القضايا العربية - هو مرتكب الجرم، ولم تكن الحكومة الدانماركية اليمينية - ومن بين افردها من يتسم بالتخلف العقلي الحقيقي فيما يخص الاسلام والمسلمين - هي التي ارتكبت الجرم، كذلك لم تكن الشركات الدانماركية جميعها هي التي ارتكبت الجرم - علماً بأن بعض تلك الشركات تدعم في مصر وغيرها منظمات المجتمع المدني المحترمة! وتقوم بتمويل مشاريع اجتماعية عديدة في بعض المناطق الفقيرة في العالمين العربي والاسلامي. كان من ارتكب الجرم صحيفة يمينية ليست لها قيمة حقيقية في عالم الاعلام والصحافة الدانماركي، شاركها في ذلك بعض المتاجرين بالاسلام والمسلمين في الدانمارك، وقد شارك بعضهم في جمع رسوم كاريكاتورية لم تُنشر في تلك الصحيفة ، وقام بجولة في المنطقة العربية والاسلامية لعرضها بغرض جمع الأموال لعمل حملة اعلامية للرد على ما نُشر!، وهو الأمر الذي لم يحدث ووقع البعض في الشرك. كان من المفترض - وكثير من الاصدقاء الأفاضل في الدانمارك - ممن يتصدون للعمل الاسلامي العام، ويتصفون بذهن صاف ومرتب ان يطرحوا قضية مقاطعة منتجات الشركات التي تُعلن في الصحيفة الدانماركية، وليس مقاطعة المنتجات الدانماركية على السواء، وحين تعلم الشركات الدانماركية والاسكندنافية عامة ان الاعلان في صحيفة تسب الاسلام والمسلمين سيكلفها ركود ومقاطعة منتجاتها في العالمين العربي والاسلامي ستتوقف تلقائياً عن الاعلان في تلك الصحيفة، ما سيؤدي الى افلاس واغلاق تلك الصحيفة خلال شهرين على الأكثر هذا هو رد الفعل الذي كان على علماء المسلمين والأخوة والاصدقاء في الصحف المختلفة اقتراحة من بوابة العدل اولاً، ومنطقية الحكم ثانياً، واتساقاً مع موقف يثير التعاطف مع مشاعرنا بهذا الخصوص، ويبرهن على قدرتنا على التفكير المنطقي في اتخاذ رد فعل بحق حدث - لا يتجاوزه الى غيره من ردود الفعل التي تبدو غير منطقية ولا مبررة من وجهة نظر العالم الغربي الذي تساءل عن ذنب مئات الشركات التي لم تُقدم على ارتكاب خطأ بحق العرب والمسلمين، بل ويتعاطف بعضها مع مواقفها ما زالت القضية تعالج في اجهزة الاعلام الأوروبية من زوايا مختلفة، وقد بينت تلك القضية رغم ما تضمنته من سوء فاحش حجم التعاطف السياسي والاعلامي معنا، لكن حتى هؤلاء أخذوا علينا الخلط بين المشاعر وأحكام القوانين والدساتير في أوروبا، وكان من الممكن ان نكسب كثيراً من التعاطف لو تعاملنا وفق رؤية عادلة مع مرتكب الجرم، بمقاطعة المعلنين لديه، وبالتالي افلاسه، بل كان ذلك - لو حدث - سيُردع بقية الصحف - ربما في أوروبا وغيرها عن الاقدام على مثل ارتكاب تلك الفواحش مرة أخرى. فالمصلحة - اي الدولار واليورو والاسترليني - هنا هي المعيار الذي يحدد افعال كل من في الغرب، والاضرار بتلك المصلحة هو الخط الفاصل بين الحل والتحريم في أفعال الناس والشركات والحكومات والصحف هنا. الى جانب مآرب أخرى بالطبع. [email protected]