عندما تستعصي المشاكل وتتعاظم الهموم ويصبح الأمل حلماً بعيد المنال، والسعادة عملة صعبة غير قابلة للصرف أو التداول.. لا تيأس ولا تستسلم لأوجاعك وابحث مثلي عن الصديق الوفي.. ربما تجده بين كلمات كاتب عظيم أو بين أوراق كتاب أو مرجع قيم أو في لوحة لفنان يمدك بجرعة منشطة من المتعة والفن والجمال والثقافة تعيد معه شحن ملكاتك وقدراتك التحملية. التجربة مضمونة والشفاء مؤكد.. المهم حُسن اختيار الصديق المناسب للوقت والظرف المناسب.. في الأسبوع الماضي وجدت ضالتي وشفائي في كتاب قيم صدر مؤخراً عن سلسلة »كتاب اليوم« التي تترأس تحريره الكاتبة والإنسانة والصديقة »ثناء أبوالحمد«، وهو بعنوان »مريم العذراء في الفن« للناقدة الشهيرة »إيستل ماي هول« والترجمة للمبدع »الحسين خضيري«. الكتاب لا يسرد أحداثا ولا يتعرض لأساطير أو تفسيرات دينية لكنه يتطرق لحياة السيدة العذراء بعيون أهل الجمال وريشة فناني العالم من المشاهير أو المغمورين عبر عصور وجنسيات مختلفة.. تباينت عندهم الحلول وتعددت الأساليب والمعالجات علي امتداد أكثر من قرنين من الزمان. من الوهلة الأولي تشعر بجهد عظيم بذل في تجميع سبع وأربعين صورة ولوحة نادرة نجحت الناقدة العالمية في نشرها بصفحات كتابها.. انتقتها من مقتنيات المتاحف التاريخية والكنائس والأديرة المنتشرة حول العالم.. وقد استتبعت كل عمل بقراءة تشكيلية مستفيضة وتحليل فني واجتماعي وإنساني متعمق يوضح أبعاد وظروف إبداعها ومضمون وفلسفة اللون ومفهوم الاستعانة بالعناصر والرموز الحضارية. والغلاف من تصميم المبدعة »إيزابيل سنكلير« تصور فيه السيدة العذراء ووليدها كروح هائمة تنبعث من وجههما الملائكي هالات نورانية ويشع منها دفء مشاعر الأمومة وروحانية وتسامي وقدسية العذراء مريم ووليدها المسيح عليهما السلام. رحلتي مع كتاب »مريم العذراء في الفن« حققت المراد، إحساس بالطمأنينة والراحة والسلام ما أن انتهيت من قراءته حتي رحت في نوم عميق لم أهنأ به منذ شهور طويلة. فشكراً لمؤسسة »أخبار اليوم« ورئيس مجلس إدارتها الكاتب والزميل »أحمد سامح« والقديرة »ثناء أبوالحمد« التي أضاءت بهذا الكتاب شمعة محبة وإخاء وتواصل بين إخواننا المسيحيين شركاء الوطن والمصير بمناسبة أعياد الميلاد، فأضافت به فصلا جديداً ورؤية فنية وتحليلية لأطهر نساء الأرض التي اختصها المولي واصطفاها دون سواها من النساء بسورة كاملة بإسمها في القرآن الكريم.. لتحتفي بها مصر كافة. وكل عام ومسيحيو وأقباط مصر بخير ومحبة وسلام.