وقف العالم علي قدميه بعد صدمة نشر الوثائق العسكرية السرية الاميركية في موقع ويكيليكس الالكتروني وقنوات فضائية وصحف كبري. وطلبت الاممالمتحدة من الرئيس الامريكي اوباما اجراء تحقيق حول صحة هذه الوثائق التي لم ينفها البنتاجون. بل ان وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كيلنتون خرجت عن هدوئها الضاحك لتستنكر تسريب هذه الوثائق خشية الحاقها الاذي بالجنود الاميركيين. وهي غير مهتمة بالاذي المميت الذي لحق بمئات الالاف من العراقيين, معظمهم من المدنيين, ولكنها مهتمة بجنود قتلة يتلذذون بتعذيب الناس الابرياء. أما حكومة "دولة" نوري المالكي فهي غير مبالية لان الموضوع لا يعنيها. فالوثائق تتحدث عن شعب الاسكيمو وليس شعب العراق. ثم ما أهمية ان يموت مائة ألف عراقي أو مائتا ألف أو حتي مليون, فالعراقيون ولادون ويمكن تعويض الضحايا بمواليد جدد يذبحهم حاكم آخر من نسل نوري المالكي بعد عشرين عاماً.. وبالنسبة للعراقيين فإن ما ذكرته الوثائق عن تزعم رئيس الوزراء العراقي الحالي لفرق الموت لم تأت بجديد. فالشارع العراقي يتداول ان المالكي هو زعيم عدد من فرق الموت والاغتيالات والاعتقالات, وترتبط به واحدة من أسوأ فرق الجيش الطائفي الجديد في البلاد والتي يطلق عليها الشعب العراقي اسم الفرقة القذرة بسبب عملياتها الوحشية ضد المقاومة الباسلة وضد كل من يعترض علي الاحتلال والطائفية والفساد الاداري والمالي. والجديد فقط هو كشف هذه الوثائق في الوقت الاضافي القاتل بينما المالكي مشغول بالكرسي ومستميت للحصول علي ولاية اربع سنوات أخري ربما تمتد الي اربعين سنة قادمة بفضل بركات خميني ودعوات خامئني وأسلحة أحمدي نجاد.. لم يجد المالكي في كل الوثائق التي تم نشرها حتي الان ما يستحق التعليق سوي تلك المتعلقة بالجرائم الاميركية. أما جرائمه التي أشارت اليها الوثائق وفرق اغتيالاته وسجونه السرية وجلاديه فهذه دعاية تهدف الي تشويه صورته البريئة. بل ان أحد المنافقين من مستشاريه ظهر في قناة "الجزيرة" ليعلق علي الوثائق المتعلقة بالمالكي فقال بكل بجاحة ان الشعب العراقي "كله" يحب نوري المالكي! ولذلك أيها المنافق لم يحصل المالكي هذا علي صوت واحد في الانتخابات النيابية في ثماني محافظات من أصل 18 محافظة! بل ان القائمة العراقية المعارضة استطاعت ان تتفوق في نتائج الانتخابات علي قائمة الحكومة وأحزابها الطائفية والعنصرية وتوجه صفعة غير متوقعة للوبي الفارسي في العراق. وعلي أي حال, فان الوثائق المنشورة هي أوراق اتهام حتي الان. وعلي منظمات حقوق الانسان العراقية والعربية والاسلامية والدولية ان تحرك الدعوي لدي المحكمة الجنائية الدولية ضد قوات الاحتلال الامريكي البريطاني وضد كل مسئول عراقي يرد اسمه في هذه الوثائق. وحتي لو كان صحيحاً ان واشنطن وبغداد لم تعترفا بالمحكمة الدولية حتي اليوم فان العدل يجب ان يأخذ مجراه لتكسب تلك المحكمة صدقيتها وتثبت انها لا تكيل بمكيالين أحدهما للسودان ورئيسها عمر البشير والثاني للمحتلين والسفاحين في واشنطن وبغداد. من الشائع ان نوري المالكي جمع مستشاريه في الليلة التي عرضت فيها قناة "الجزيرة" وثائق البنتاجون ومعهم اركان حزب الدعوة الحاكم وأعد لهم مائدة "سمك مسكوف" وقوزي ومشاوي احتفالاً بالمناسبة. فقد دأب الرجل كلما أدلهمت الامور وتعقدت المسائل علي اقامة حفلات عشاء لانصاره لتلطيف الاجواء واستعادة رباطة الجأش.. ان 400 الف وثيقة ينشرها بالتتابع موقع ويكيليكس تمثل في الواقع 400 الف قتيل عراقي مزقت أجسادهم رصاصات المحتلين الاميركيين وسواطير مصاصي الدماء الجالسين علي كراسي السلطة في المنطقة الخضراء. وهي تمثل أيضاً ملايين الارامل واليتامي والثكالي الذين دفعوا ثمن سقوط نظام سييء ومجئ نظام أكثر سوءاً.. وأخيراً فالشكر واجب باسم الشعب العراقي لذلك الرجل الاسترالي الاستثنائي جوليان أسانج مؤسس "ويكيليكس".. وهو يستحق فعلاً جائزة "بوليتزر" الاميركية. كاتب المقال: كاتب عراقي