لست متشائمة.. لكنه الواقع الذي كلما حاولنا الهروب منه وجدنا أنفسنا أمامه وخلفه وحوله.. غدا تدق عقارب الساعة الثانية عشرة تماما لتعلن نهاية عام وبداية عام جديد.. يودعه الكثيرون وهم يصفقون غير آسفين علي فراقه.. يودعه الكثيرون وهم يرقصون ولا يدركون أنهم يتراقصون علي رفات تفاصيلهم ولحظاتهم الجميلة التي سيمضي العام بها.. عام جديد.. نودع مقابله سنوات مضت من عمرنا بدقائقها وساعاتها ببياضها وسوادها.. سنوات تمثل عمرنا الذي ندرك تماما أننا لن نحياه علي هذه الأرض مرة أخري.. وأن كل عام يمضي هو نسخة واحدة وتجربة غير قابلة للتكرار.. وأن فشلها يعني الكثير من الندم والكثير من الضياع .! في تلك اللحظات الفاصلة بين السنة الماضية والعام الجديد تساءلت.. أين تمضي الأعوام التي نودعها؟.. وأين تمضي بطفولتنا ولحظاتنا وتفاصيلنا؟ وحين أمعنت النظر في الوجوه حولي أيقنت أن السنوات لا تموت بل تهرب بكل تفاصيلها لتختبيء داخلنا وأن ملامح السنوات التي تمضي تبقي عالقة في وجوهنا بكل أحزانها وأفراحنا.. في الوقت الذي سقطت من ذاكرتي ملامح الكثير من الوجوه التي مرت في حياتي تذكرت أناسا أحببتهم زرعوا في داخلي أزهار الألم.. وتذكرت نصفهم الآخر الذي حرص علي بقاء تلك الأزهار يانعة في داخلي.. لم ندرك أنه وعلي غفلة منا فقدنا أشياء وفقدتنا أشياء أخري.. ما أتمناه في العام الجديد أن ننظر خلفنا بإدراك وأمامنا بإيمان وحولنا بالحب.. أن نجعلها بداية مختلفة.. أن نقتلع جذور الشر فينا.. أن نفتح صفحات جديدة أغلقتها الأيام في حياتنا.. وأن نقنع أنفسنا دائما بأن هناك ما يستحق أن نستمر من أجله!.