لايعيب علي القيادة السياسية في مصر أن تستعين بالخبراء العالميين في الاقتصاد وياحبذا لو كان أبناؤنا العلماء في بلاد المهجر من بينهم.. لا يعيبنا ان نكلفهم بإعداد روشتة علاج لإنقاذ اقتصادنا بعد القنبلة التي أطلقها وزير المالية. الوزير لم يطلق نكتة بل كشف عن واقع مر محفوف بالمخاطر وهو يعلن أننا علي وشك الافلاس بعد أن تآكل الاحتياطي ولم يعد أمامنا الا البحث عن طوق للنجاة.. اعتقد أنه حان الآن أن نفيق من غفلتنا ونعترف بخطورة الموقف ونفهم أن الاعتصامات ووقف الحال سيدفع ثمنه الغلابة الذين يسكنون العشوائيات وحتي أكون صادقا مع نفسي أنا وأنت سنكون من بين ضحايا الغلاء يوم أن نتضارب علي رغيف خبز.. لابد أن نعترف بالحقيقة المرة.. إذن لابد من الاستقرار ونجعل قضيتنا الأولي هي اقتصاد البلد.. فالخزانة العامة خاوية وسيأتي اليوم الذي تمد الحكومة يدها للجيران لكي تستندين مرتبات العاملين لديها.. وساعتها لا يجرؤ أحد أن يلوم رب البيت فقد استلمها خربانة واستبشر خيرا فينا علي أن نعمل وتدور عجلة الإنتاج لكن شيئا من هذا لم يحدث، فقد أخذتنا الحمية وتفرغنا للسياسة ونسينا من اين سنأكل ومن اين سننفق.. ياعني مفلسين والحمد لله .. - لذلك أقول لم يعد لدينا الوقت فالخطر علي الأبواب والحكومة آجلا أو عاجلا ستعود الي الضريبة التي فرضتها وصدر قرار من الرئيس بتجميدها.. والرئيس لا يملك خزينة إضافية لكي يسدد فرق الزيادة المطلوب.. إذن روشتة العلاج أصبحت مطلوبة بعد الأرقام التي فاجأنا بها وزير المالية.. تصوروا ان العجز الكلي للموازنة العامة ارتفع خلال الستة أشهر الماضية الي 80.7 مليار جنيه مع انه في نفس الفترة من العام الماضي كان قد وصل الي 58.4 مليار معناه أننا نصرف ونحن لا ندري والسبب توقف عجلة الإنتاج بسبب الإضرابات العمالية فقد بلغت مصاريفنا هذا العام 187.9 مليار يقابلها في العام الماضي 135.4 مليار ياعني مصاريفنا زادت في جميع أبواب الصرف 38.8 مليار جنيه بسبب وقف الحال والخسائر التي لحقت باقتصادنا.. من ياتري الذي سيصحح مسارنا علي الأقل يخطط لنا ما عجز عنه الاقتصاديون عندنا.. هم رؤيتهم انحصرت في فرض ضرائب جديدة ورفع أسعار عدد لا بأس به من السلع وهذه الرؤية وحدها مصيبة علي كل بيت في مصر بما فيها بيت رئيس الجمهورية نفسه علي اعتبار أنه موظف في الدولة ولذلك لم يعد أمامنا الا الدعوة لمؤتمر اقتصادي عالمي يشارك فيه علماء الاقتصاد في العالم وكأننا استدعينا كونسلتو من أطباء العالم لعلاج مريض في مصر ومرض الاقتصاد لا يقل خطورة عن مريض في غيبوبة وغير معروف أسبابها. - ان مثل هذا المؤتمر يحتاج الي شفافية في جميع الملفات التي سيتناولها.. فلا نخفي عليه ان المليونيات والاعتصامات كانت سببا في تطفيش السياحة من مصر فالسنة الأولي للثورة كان دخل السياحة قد وصل الي 8.8 مليار دولار مع ان معدلها الطبيعي في السنوات ماقبل الثورة كانت تصل مابين 12- 14 مليار دولار وايرادها عن هذا العام الله أعلم بعد توقف الوفود السياحية إلينا ولا احد يعلم السياسة الجديدة في ظل الدستور الجديد هل سنبقي علي السياحة أم سنقول لها باي باي.. الموضوع الثاني والأهم اهتمامنا بتحويلات المصريين العاملين في الخارج وللحق أن تحويلاتهم تحدث انتعاشا للاقتصاد وتعزز من قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الذي يتوعد لنا بقفزات مجنونة قد تقلب كل الموازين.. آخر رقم لتحويلات المصريين وصل الي 6 مليارات جنيه رغم عودة مايقرب من مليون مصري من ليبيا بسبب الربيع العربي عندها.. - في رأيي أن القضية التي آثارها وزير المالية لاتستحق السكوت عنها حتي لا ندخل المصيدة بإرادتنا والسبب نحن وليست الحكومة لأن مايسري علينا سوف يسري علي أعضاء الحكومة أيضاً يا عني ما فيش خيار وفاقوس.. اتمني ان تتضمن روشتة العلاج وقف استيراد ما نستورده من الخارج ويصنع في مصر واتركونا من نغمة ان الصيني ببلاش فلا استثناء أي منتج أجنبي تصنعه الأيدي المصرية بهذا لم تعد الدولة ملزمة بتوفير عملة صعبة لاستيراد كماليات نحن في غني عنها وبالتالي لن يتدلل الدولار علينا وسوف نعلي من قيمة العامل المصري باحترام ما ينتجه.. ليس هناك أجمل من ان تشجع إنتاج بلدك وتفخر بأنك مصري.. إذا كان هذا هو إحساسنا بالوطن .