محمود عارف مصطفي أمين: تجربتي أنه لم يصدر قانون للصحافة ليحرر الصحافة، وإنما يصدر دائما لتقييدها، وتكميمها وقطع لسانها.. السبت: هذا كتاب يصور قصة حياة شاعرة تمثل حالة حب أدبية جميلة، أصبحت نموذجا في مقاومة المحن والشدائد. والكتاب الذي نحن بصدده يحمل عنوان: »قلوب الخالدين«، ترجمة الأديب الكبير إبراهيم المصري، قدم فيه صورة نفسية وعاطفية لطائفة مختارة من العظماء، بين رجال ونساء، عاشوا وأحبوا وتعذبوا وكانوا في حبهم وكفاحهم رمز البطولة وعنوان التضحية في سبيل الفكر والأدب والفن، ومن هذه النماذج، الشاعرة الفنلندية »ماريا بوجات«.. ولقد لخص الكاتب الكبير إبراهيم المصري حياتها، وهو الخبير في دنيا القلوب والمشاعر: لقد نشأت ماريا في قرية نائية من قري فنلندا وكانت بطبعها فتاة مرهفة الحس، ولكن والدها المستبد القاسي أشاع في نفسها إحساسا عميقا بالخوف والظلم، فانطوت علي ذاتها، وبدت مخلوقا متكبرا متوحشا، فنفر منها شباب القرية، وأعرضوا عنها، ولم تستطع ماريا ان تغالب الانطواء والانكماش الذي تمكن منها، وان تمرح وتنطلق أسوة بالفتيات أترابها، فاشتد أعراض الشبان عنها فحزت الهزيمة في صدرها، فأولعت بالعزلة، وعكفت علي المطالعة وارادت ان تستعيض عن الحب بالفكر، كان أول الأمر دخيلا عليها، ثقيل الوطأة علي أنوثتها، فظلت بليدة الذهن، هامدة الخيال، تمر بها آراء الأدباء والمفكرين دون ان توقظ عقلها، أو تحدث في نفسها أثرا أكبر من ذلك الأثر الذي تتركه اللعب المختلفة الألوان في نفس طفل، فالفكر كان لعبتها بدل الرجل، والفكر كان ملاذها بدل الأمومة، والفكر كان طوق النجاة تتعلق به خشية التخبط ومواجهة اليأس والظلام، وراق لها أن تتمرس بقرض الشعر، فنظمت في البداية شعرا غثا كان يسليها، فأيقنت من ضعف مواهبها، ومن عجز مثل هذا الشعر عن لفت أنظار الناس إليها بحيث تجد في متعة التفوق والنبوغ عزاء لنفسها وشيئا فشيئا جف عودها، وذبلت نضارتها، وغافلها الزمن ودفع بها في جوف السنين، فشاب شعرها واكتهلت، ولم يرحمها القدر أيضا وحالف الزمن عليها، واصابها فجأة بالصمم والشلل، واستفاقت ماريا ذات صباح وإذا بها لا تستطيع ان تحرك قدميها، ولا تستطيع ان تتبين أي حديث يدور حولها، أغلقت دونها أبواب الدنيا، وحبسها المرض في جو من السكون الخانق، روعها، وأذهلها، فكانت تري الناس فلا تفهم لهم غاية وتري نفسها فلا تدرك لوجودها سببا، وأحست أن الجنون يزحف إليها، ويوشك ان يعصف بها فهالها أن تكون قد حرمت من كل شئ، ثم تحرم ايضا من عقلها، فأبت ان تضعف، وأبت ان تستسلم واستجمعت مدخر قواها وشرعت تكافح، كافحت الصمم بحب الصمت، وكافحت الشلل بحب الجمود واكتفت بعالمها المغلق، وراحت تملأ ظلمات الصمت بأضواء الأمل وتنفث في برودة الجمود اتقاد الفكر، وحرارة الروح، وكانت قد بلغت الخامسة والستين من عمرها فأحست ان هذه المرحلة هي الفاصلة في حياتها، فثارت علي حظها، واستنكرت من نفسها كيف لم تبذل المستحيل كي تتزوج وتلد وتؤدي رسالتها، فأرادت ان تتزوج وتلد ولو فكرا وخيالا، وبدأت تكتب، وفاض منها الشعر الصادق سيلا جارفا ثم قرأت شعرها فبهتت لصدق ما نظمت وبهتت لجمال ما أبدعت، واحست انها تزوجت بالفعل ونالت وسعدت، تزوجت مخلوقا أعظم من رجل، مخلوقا اثيريا مجنحا، عانقته وعانقها فاستولدها طفلا هو أجمل وأروع وأنقي من أجمل وأروع طفل، وكان طفلها الوحيد هو ديوانها الفريد الذي اطلقت عليه اسم »وثبة الروح« والذي نقتطف منه بعض هذه المشاعر البديعة النبيلة. هذا هو الحب »أنا الحب الغاشم المستبد القاسي، جميع العيون تتجه في حيرة نحو وجهي، وجميع القلوب تتجه في لهفة نحو صدري، وجميع الناس تترامي في عبادة وتقديس عند قدمي، ولقد طالما قلت لهم إني الخير والشر معا.. والضحك والبكاء معا.. والخمر والدماء معا.. والحياة والموت معا، فلم يصدقوني وأبوا إلا أن يروا في وجهي رمز الطموح الخالص الأبدي«، وها هم يتقاطرون علي ويصيحون في : »أنت السماء، أنت النعيم، وأنا اسمعهم وأضحك، وأغافلهم وأقتل، وهم في غمرة حلمهم وجنونهم لا يشعرون ولا يفقهون، ماذا افعل كي أنبههم، ماذا أفعل كي أحذرهم«؟ إن قلوبهم تحترق ومع ذلك ترتفع قربانا إلي.. إنهم ضعاف ومساكين، وأنا أريد أن انقذهم، أن أمنحهم السعادة الخالصة التي بها يحلمون، ولكني أعرفهم، ولو منحتهم الكمال لاشتاقوا إلي النقص.. ولو وهبتهم الراحة لاشتاقوا إلي العناء.. ولو أعطيتهم السعادة لهرعوا إلي الشقاء، واستعذبوا مرارة النفس وتعاسة القلب وشهوة الدموع«. »إذن لاحتفظ بصمودي الرائع، وصمتي المهيب ولأضحك، ومادمت متربعا علي عرشي، متلفحا بصمتي وأعراضي وسري، فيقدسني كل قلب في الوجود ويعبدني، وسأظل أنا، أنا الحب، أنا الحب القادر الخالق الذي لا يضعف ولا يرحم ولا يموت«. أنا وحبيبي منذ أن عرفتك يا حبيبي، عرفت نفسي، كانت روحي غريبة عني، كنت انظر إلي قلبي، كما ينظر الإنسان إلي عالم مغلق.. منذ عرفتك يا حبيبي عرفت سري، كانت حياتي بعيدة عني، وكنت انظر إلي الدنيا كما ينظر الطفل إلي كنز مسحور.. وفجأة اشرق عقلي، وعلمتني عيناك كيف أصلي وأبكي، فخشعت أمام الله الذي أوجدك يا حبيبي.. ليتني كنت ثمرة صغيرة لأذوب في فمك، ليتني كنت عطرا نادرا لأحوم حول بدنك، ليتني كنت شهدا للسانك، ودماء لقلبك وماء قراحا تغتسل فيه إلي الأبد قدماك. هذا حسبي ماذا يهمني أعراضك ودلالك، ماذا يهمني كبرك ونفورك، انا احبك وهذا حسبي، اتعتقد انك لابد ان تحبني كي اصبح امرأة، اتعتقد انك لابد ان تشفق علي كي أكون سعيدة، أنا امرأة بقلبي، وانا التي اشفق عليك انت من نكران حبي، وانا التي احبك وهذا حسبي. ان حبك ليملأ صدري بالهواء، وعيني بالنور وساعدي بالعزم والقوة، وما دام حبك يهبني الحياة ففي أي شئ بعد ذلك يمكن ان اطمح او اطمع، يكفيني ان اراك وانطلق واحلق، الحب يا حبيبي طائر، ولكنه طائر إلهي، يستطيع ان يغني بمفرده حتي ولو مات من فرط غنائه، وهو يقطر حسرة ودما علي قرب اليف. لقد كان شعرها هو ابنها الذي طالما تلهفت عليه، وكان هو الثمرة الحية المباركة التي اعقبتها من زواج الفكر والروح وهي في الخامسة والستين من عمرها. من الشعر العالمي هذه قصائد فرنسية، قام بترجمتها إلي اللغة العربية د. حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة القاهرة وكان نائبا لرئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب. ود. حامد طاهر أحد كبار شعراء العربية في العصر الحديث وله أكثر من 20 ديوانا الي جانب عشرات المؤلفات في الفلسفة الاسلامية والتربية والفكر الانساني وعلوم النفس. سبع أمنيات الشاعرة كلير جول: أن أكون عصابة ملفوفة حول جبهتك، قريبة جداً من أفكارك! ان أكون حبة ذرة تستحقها أسنانك مثل قطة متوحشة! أن أكون في رقبتك التركوازيه، ساخنة من عاطفة دمك..! أن أكون حريراً، متعدد الألوان، من نسيج يتسرب من بين أصابعك..! أن أكون قميصا من المخمل يتجاوب مع تدفق قلبك! أن أكون رملا في حذائك، يجرؤ أن يربت علي أصابع قدميك! أن أكون حلمك الليلي عندما يتأوه بين ذراعيك أثناء النوم..! أنا ميت! الشاعر رينيه دومال: أنا ميت لانني فقدت الرغبة، وقد فقدت الرغبة لأنني اعتقدت امتلاك كل شئ ولأنني اعتقدت كل شئ، فلم أحاول أن أعطي، وعندما حاولت العطاء لم يكن لدي شئ، ولأنه لم يكن لدي شئ فقد حاولت أن أمنح نفسي.. وعندما حاولت منح نفسي، لم يكن لدي شئ، وحيث انني لم يكن لدي شئ، فقد وجدت الرغبة.. وبناء علي وجود الرغبة فاننا نعيش!! من عيون الشعر العربي قال أمير الشعراء أحمد شوقي: رأوا بالأمس أنفك في الثريا فكيف اليوم أصبح في الرغام خطبت فكنت خطباً لا خطيبا أضيف إلي مصائبنا العظام وقال أيضا: صوت الشعوب من الزئير مجمعاً فإذا تفرق كان بعض نباح..! قال الشاعر: آله العيش صحة وشباب فإذا وليا عن المرء ولَّي قال الشاعر: تراخت بنا الأيام حتي أريننا قميئاً سماوات المعالي مسابحة يرجي ويستجدي، ويُسأل صفحه وكنت إذا لقيته لا تصافحه قال حافظ إبراهيم: بلدي وان جارت علي عزيزة وأهلي وأن ضَّنوا علي كرام! قال الشاعر: أصدر الحاكم مرسوما بالغاء الشتاء!! ترك اللص لنا ملحوظة فوق الحصير جاء فيها: لعن الله الأمير، لم يدع شيئا لنا نسرقه سوي الشخير..! رد من وزير المالية الثلاثاء: تلقي المحرر من الأستاذ ممتاز السعيد وزير المالية رداً عما نشرناه في يوميات الاثنين 42 نوفمبر الماضي حول دعوته المواطنين بالتبرع لبناء مصر للخروج من أزمتها المالية الطاحنة.. اننا ننشر ما يخصنا، فيما عرضناه، أما ما لم نتعرض له، فلا شأن لنا به. يقول رد الوزير: طالعت بدهشة كبيرة مقالكم تحت عنوان: »يافقراء مصر تبرعوا لبناء مصر«.. وكان سبب الدهشة ليس مطالبتكم لشخصي بالتبرع بجزء من أجري، فهذا دأبي منذ أكثر من 04 عاما.. وأنا والحمد لله علي ذلك لا أتقاضي من عملي بالحكومة سوي راتبي فقط.. ولكني ما أدهشني هو استنكاركم الواضح لمبدأ تبرع المواطنين لانقاذ مصر من أزمتها الراهنة وقولكم انها دعوة لفقراء مصر للتبرع، وهذا أمر غير وارد، علما بأن كل مواطن يتبرع طبقا لظروفه ولا شأن لوزارة المالية في تحديد ذلك، وقال الوزير: »ان مصر تمر بمنعطف خطير من تاريخها، وإذا لم يتكاتف كل ابنائها لتجاوز هذا المنعطف فمتي سيتكاتفون... وانني سعيد بأن أجدد الدعوة للشعب بالتبرع، وان مصر تحتاج لدعم ابنائها، وعودتهم جميعا للعمل والانتاج، فهذا الواقع الأليم الذي نعيشه من تزايد معدلات الفقر والبطالة.. لن يغيره سوي سواعدنا، وناتج عملنا.. وأخيرا أرجو ان تكون الدعوة قد وضحت لكم وان نتكاتف جميعا لنتجاوز هذا الظرف العصيب. هذا ملخص واف لرد الوزير، فيما يتعلق بما نشرناه ومن جانبنا نشكر له اهتمامه وسعيه لايضاح الحقائق أمام المواطنين.. وفي كلمات سريعة نقول للوزير.. لقد طالبنا الوزراء، وفي مقدمتهم رئيس الدولة بالتبرع لاعطاء القدوة للمواطنين، فيسارعون إلي التبرع برضاء لانقاذ مصر، وطننا جميعا.. وبطبيعة الحال لم نسأل الوزير كم يتقاضي مرتبا من الدولة.. ولا عن حجم تبرعه.. وكان الأولي أن يوجه هذا النداء إلي زملائه وعلْيةَ القوم، لنسير جميعاً في طريق التقشف وربط الأحزمة للخروج بمصر، من أزمتها الاقتصادية.. والانطلاق إلي آفاق المستقبل، ليجني الشعب ثمار ثورته في الخامس والعشرين من يناير 1102.. لقد كان حديثنا عن التبرع. مسايرة لرئيس أورجواي الذي يتبرع بالجزء الأكبر من راتبه للفقراء، والذي يصل إلي حوالي 21 ألف دولار شهريا، يحتفظ منه لنفسه بحوالي 0052 دولار، والباقي يذهب إلي أوجه الخير وكذلك تفعل زوجته عضو مجلس الشيوخ.. لقد أعطي رئيس أورجواي القدوة.. فقد بدأ بنفسه أولا.. ما علينا.. أكرر شكري لوزير المالية لاهتمامه بتنوير الرأي العام. مع تحياتي.. حكمة فلاسفة الفيلسوف فولر: ما أفظع أن تضرب كسيحاً بعكازيه. الإمام القرطبي: لو كان هناك أشرف من العلم لأمر الله تعالي نبيه »صلي الله عليه وسلم« أن يسأله المزيد منه. عباس العقاد: انني أحرص علي احترامي لنفسي قبل أن أحرص علي احترام الناس لي. قال أمير الشعراء: أساطين البيان أربعة: شاعر سار بيته وعلا قدره، ومصور نطق زيته، وموسيقي بكي وتره، ومثّال ضحك حجَره..! أمين الريحاني، أديب لبناني: إذا كنت كاتباً، لاتحرك قلمك لتعزيز الباطل علي الحق. طاغور شاعر الهند الكبير: ما معني الشهرة..؟! هل يكترث البحر بزبده..؟! هكذا الشهرة زبد متناثر من تيار الحياة. قالوا.. الزعماء ثلاثة: زعيم تصنعه الأحداث وزعيم يصنعه الناس، وزعيم يصنع الأحداث.. الزعامة الأولي تسقط وتتلاشي بانتهاء الحدث، والزعامة الثانية، تسقط عندما يسقطه الناس.. والزعامة الثالثة، هي الأبقي والأهم، وهي التي يختص بها الأنبياء والرسل والمصلحون..