كارم محمود: لم أجد صحفيا مهنيا تورط يوما في انتهاكات أثناء تغطية العزاءات    بعد تصريح مدبولي: "لا أعباء جديدة حتى نهاية برنامج صندوق النقد الدولي".. كيف طمأنت الحكومة المواطنين؟    اليوم، البنك المركزي يحدد أسعار الفائدة الجديدة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجربة إطلاق صاروخ "سطح-جو" بعيد المدى    أمم إفريقيا - أبو زهرة: مصطفى وحمدي يشاركان في المران.. والشناوي حقق بطولات أكثر من دول    العودة من جديد.. اتحاد طنجة يعلن ضم عبد الحميد معالي    حل اتحاد السباحة بسبب وفاة اللاعب يوسف محمد وتعين لجنة موقتة    براءة المدعي عليه لانتفاء أركان الجريمة.. حيثيات رفض دعوى عفاف شعيب ضد محمد سامي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    رئيس الوزراء: العاصمة الإدارية الجديدة تسجل أعلى معدل إشغال مقارنة بالمدن الجديدة السابقة    بالأسماء، أحكام الإدارية العليا في 49 طعنا على نتائج ال 30 دائرة الملغاة بانتخابات النواب    كيم جونج أون يشرف على اختبار صاروخ بعيد المدى وبناء غواصة نووية    رابطة العالم الإسلامي تدين هجومًا استهدف الشرطة في إقليم خيبر بختونخوا الباكستاني    فلسطين.. قوات الاحتلال تقتحم قرى جنوب نابلس وتطلق قنابل الصوت والغاز    ترتيب مجموعات كأس أمم أفريقيا 2025 بعد نهاية الجولة الأولى    ريال مدريد يقحم كريستيانو رونالدو فى قضية نيجريرا    إيطاليا تدعم انضمام البوسنة والهرسك إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو    تركيا: صندوقا الطائرة الليبية سيفحصان ببلد محايد والنتائج ستعلن بشفافية    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: انتهاء برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي بعد عام    التعليم وتغير قيم الإنجاب لدى المرأة.. رسالة دكتوراه بآداب السويس    ترتيب أمم إفريقيا - رباعي عربي في الصدارة عقب الجولة الأولى    الكاميرون تفتتح مشوارها الإفريقي بانتصار صعب على الجابون    دوري أبطال آسيا 2.. عماد النحاس يسقط بخماسية رفقه الزوراء أمام النصر بمشاركة رونالدو    مجلس الوزراء: برنامج مصر مع صندوق النقد ينتهي في ديسمبر 2026.. ولا أعباء إضافية    بسبب انفجار أنبوبة بوتاجاز.. انهيار جزئي بعقار سكني بحي شرق المنصورة| صور    لم تحدث منذ 70 عاما، محمد علي خير يكشف "قنبلة مدبولي" للمصريين في 2026    ربة منزل تُنهي حياة طليقها داخل محل عمله بشبرا الخيمة.. التفاصيل الكاملة    خبير مروري لتليفزيون اليوم السابع: تغليظ عقوبات المرور يعالج سلوكيات خطرة    محافظ الدقهلية يتفقد موقع انفجار أنبوبة بوتاجاز بعقار المنصورة    انفجار أنبوبة غاز يتسبب في انهيار جزئي بعقار وإصابة شخصين بالمنصورة    قفزة تاريخية في أسعار الذهب بمصر اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    وزير الثقافة: الفنون الشعبية أداة لترسيخ الهوية الثقافية.. والتحطيب تراث إنساني يجسد قيم الشجاعة والاحترام    صاحب فيديو صناديق الاقتراع المفتوحة بعد خسارته: لم أستغل التريند وسأكرر التجربة    العالمي فيديريكو مارتيلو: الموسيقى توحد الشعوب ومصر وطني الثاني    صفاء أبو السعود: 22 دولة شاركت في حملة مانحي الأمل ومصر تلعب دور عظيم    سكرتير بني سويف يتابع أعمال تطوير مسجد السيدة حورية للحفاظ على هويته التاريخية    تحت عنوان: ديسمبر الحزين 2025.. الوسط الفني يتشح بسواد الفقدان    وزير الثقافة ومحافظ الأقصر يشهدان ختام فعاليات الدورة الخامسة عشرة للمهرجان القومي للتحطيب    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    الأرصاد تحذر: طقس شديد البرودة وشبورة مائية غدًا الخميس على معظم أنحاء مصر    الوطنية للانتخابات: انتهاء اليوم الأول للإعادة ب19 دائرة في الخارج    محافظ القليوبية: انتهاء توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. تنظيم اليوم السنوي الأول لقسم الباطنة العامة بطب عين شمس    رئيس جامعة الأزهر: لدينا 107 كليات بجميع المحافظات و30 ألف طالب وافد من 120 دولة    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    مواجهة النار.. كوت ديفوار تصطدم بموزمبيق في مباراة حاسمة بأمم إفريقيا 2025    الأسود غير المروضة تواجه الفهود.. مباراة قوية بين الكاميرون والجابون في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد حلمي يكتب: مجرد سؤال
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 02 - 2010

إشمعني الشباب مش الطفولة؟! جايز عشان الشباب يعني القوة والإدراك والنضوج.. طيب ما الطفولة برضه.. يعني البراءة واللعب والمرح وعدم تحمل المسئولية دون مساءلة
مجرد سؤال.. لماذا قال الشاعر أبو العتاهية: «ألا ليت الشباب يعود يوما.. فأخبره بما فعل المشيب»، ولم يقل «ألا ليت الطفولة تعود يوما..»؟ لماذا الشباب؟ وليست الطفولة.. هل لأن من في سن الشباب سيكون إدراكه واستيعابه بما فعل المشيب بصاحبه أكثر من فهم من هو في سن الطفولة؟ مع إن الأطفال دلوقتي بيفهموا كل حاجة.. هل يا تري فيه سبب آخر لتفضيل مرحلة الشباب عن مرحلة الطفولة؟ بالرغم من أنني أسمع كثيرا من الناس يقولون إن أجمل أيام هي أيام الطفولة، ويتمنون أن يعودوا أطفالا مرة أخري.. طبعا أنا مش هاعرف، هل هناك سبب آخر غير ذلك السبب: «المعني في بطن الشاعر»، ودي إجابة كنت دايما باجاوبها في امتحان العربي لما يجي سؤال عن قصيدة بيقول: ما معني البيت؟ فكانت الإجابة طبعا: «المعني في بطن الشاعر»، وكنت طبعا باسقط، لأن المعني كان في كتاب الوزارة مش في بطن الشاعر.
ولأن أنا لم يعبر بي بعد قطار العمر من محطة الشباب، لكي أشعر بما يحمله هذا الشطر الشعري من أحاسيس قالها الشاعر، بعد أن قضي مرحلة شبابه، لذلك قررت أن أفكر فيها من منطلق كونها مقولة مجردة من الأحاسيس التي لا لن أستطيع أن أشعر بها الآن، وربما أفهمها عندما أبلغ الستين ويملأ رأسي الشعر الأبيض.. ده لو ماصبغتش، ولكن ما سأفكر فيه الآن: لماذا تم تفضيل الشباب عن الطفولة، ولن أفكر من وجهة نظر الشاعر، ولكن من وجهة نظري الشخصية.. أي أنني سأفكر، لو كنت أنا فرضا فرضا فرضا -لا سمح الله- قد قلت هذا البيت بنفس النص الذي قاله الشاعر الكبير أبو العتاهية.. طبعا لو كنت أنا اللي قلته أكيد ماكنتش هاسقط في العربي.. بس خلونا نفترض مجازا أو بجاحة إن أنا اللي قلته.. إذن أكيد هايكون هناك سبب لاختيار مرحلة الشباب عوضاً عن مرحلة الطفولة، وسيكون المعني وقتها ليس في بطن الشاعر، ولكن في بطني أنا.. ما أنا اللي قايل بقي، وكل واحد أدري باللي في بطنه.. فلنبدأ بالتفكير، وفكروا معايا لو كنتوا شلة قاعدين مع بعض.. إشمعني الشباب مش الطفولة؟! جايز عشان الشباب يعني القوة والإدراك والنضوج.. طيب ما الطفولة برضه.. يعني البراءة واللعب والمرح وعدم تحمل المسئولية دون مساءلة.. في حد مايتمناش يرجع طفل تاني، ويلعب ويتنطط.. المرحلتين فيهم حاجات حلوة.. قعدت أفكر: ليه لو كنت كتبت البيت ده، كنت هاقول: ألا ليت الشباب مش الطفولة! يبقي أكيد فيه حاجة في مرحلة الطفولة خلتني مش عايز أرجع طفل تاني.. ملقتش قدامي غير إني أفكر وأحاول أحلل ليه أنا قلت كده؟ ليه؟ ليه؟.. ليه مش عايز ترجع طفل؟ مش عارف.. لقيت إن مفيش مفر من إني أحاول أفتكر طفولتي.. جايز لما افتكرها ألاقي فيها حاجة ترشدني لسبب كتابتي البيت مستخدما لفظ الشباب مش الطفولة، وفعلا ضلمت الأوضة، وعملت كل الحاجات اللي تخليني افتكر، فافتكرت يادوب وأنا في سادسة ابتدائي، ودي مرحلة الغلاسة مش الطفولة.. افتكرت بقي النكت اللي الواحد كان بيقولها وسط أهله، ويحرجهم بيها قدام الضيوف من كتر بواختها.. ومحدش بيضحك غيري.. وإن حد ضحك من اللي قاعدين.. يبقي بيخفي ورا ضحكته لفظ معتقدش إنك تحب تسمعه.. المهم بعد ده كله، مافتكرتش برضه.. قلت طيب ما أطلع صوري وأنا صغير.. جايز تفكرني بحاجة، وفعلا طلعت كل صوري وأنا صغير.. لقيت صورة، وأنا باكل مكرونة، وملحوس بقي صلصة، وصورة وأنا فاتح بقي وباعيط، وصورة وأنا لابس إيشارب أمي.. صور تخليك تكره طفولتك.. مش تكرهها بس.. دي تخليك تندم إنك أتولدت أساسا.. مالقيتش أمل في الصور ممكن يرشدني لإجابة سؤالي.. فقدت الأمل، وفتحت النور وقطعت الصور، ورن التليفون، ورديت: ألو.. مين؟ أيوه أنا محسن ابن خالتك.. أصله لسه مخلف جديد.. ولد اسمه آدم، وكان لازم أروح أبارك له.. قلت له حاضر يا محسن هاعدي عليكو بالليل.. جبت هدية لآدم ابن محسن ابن خالتي.. ورحت له، وكان البيت في الأول مافيهوش ناس كتير.. بس ابتدوا يزيدوا.. المهم دخلت وبصيت علي ابنه آدم اللي نايم جنب أمه عفاف مرات محسن ابن خالتي، ولسه هالاعبه وأقوله: «بس بس بس».. عايز أقولوكوا إن أنا تقريبا افتكرت طفولتي.. آدم فكرني بطفولتي.. وأول حاجة افتكرتها نور جامد، وكنت شايف كل حاجة بالمشقلب، وكان فيه واحد قعد يهوشني بإيده قدام عيني، ولما بربشت من الخوف.. بطل يهوشني، بس ضربني علي «اللامؤاخذة».. أنا مش فاهم حاجة.. جايز ضربني عشان بابربش؟ مش عارف.. راح ضربني تاني، ولأني ماكنتش باعرف أتكلم.. رحت معيط، واللي حرق دمي إني أول ما عيطت، راح ضاحك، وأمي كمان ضحكت، وأبويا ضحك.. كل الموجودين ضحكوا، وأنا مش ناسيهالهم لحد دلوقتي.. بعد كده لفوني في قماشة بيضة وحطوني جنب أمي، وجات بنت لابسة بالطو أبيض، وقعدت تلاعبني، وبعدين خدتني من جنب أمي، ومشيت بيا في طرقة طويلة.. خفت وعيطت.. وفجأة البنت الجميلة اللطيفة اتحولت وكشرت وقعدت ترجني وتهزني وتقولي: هش هش.. مافهمتش أهش ليه؟ هو أنا دبانة؟! طب والله ما أنا هاشش.. ابتدت تشتم، وتقولي إخرس بقي.. اسكت، وبعدين دخلت بيا أوضة كده مكتوب عليها: «حضّانة»، وحطتني في درج بلاستيك زي درج التلاجة كده.. فضلت نايم في الدرج ده كام يوم كده.. الناس تيجي تبص عليا وتمشي.. كان ناقص بس يرمولي فول سوداني، وبعد كده روحنا البيت، وأمي غيرت هدومها، فعرفت إن ده بيتنا، لأن أكيد أمي مش هاتغير هدومها عند الجيران، وكان البيت فيه ناس مش كتير.. بس ابتدوا يزيدوا شوية بشوية، وكل شوية ألاقي واحد جه بص في وشي وراح مصفرلي، وكأننا أصحاب، وتيجي واحدة تبصلي وتقعد تعمل أصوات غريبة.. ادغ ادغ ادغ.. اكررركرركركر.. إيه الناس دي؟! أول مرة يشوفوا عيل؟! وبعدين هو مين اللي عيل بالظبط؟! أنا ولا هما؟! ده غير بقي اللي يقولي: «ياختي كميلة انتي».. ياختي.. ليه؟! هي أمي مش قايلالهم إنها مخلفة راجل؟! وليه «كميلة»؟! ما هي طول عمرها «جميلة» بالجيم.. ناس عيال صحيح.. ده غير بقي إن كل واحد وواحدة من دول أول ما يوصل عندي.. يقوم دابب إيده تحت مخدتي وسايب فلوس.. مابقتش فاهم.. هما بيلموا تبرعات عليا ولا إيه؟! وبعدين جه واحد قاعد يرفعني لفوق كده، ويعمل نفسه هايسيبني، وكأني هاقع، ويمسكني تاني في آخر لحظة.. إيه يا عم إنت هزار الكبار ده؟ هو أنا قدك؟! جه بقي عيل صغير كده، وراح باصصلي بتمعن وكأنه بيشبه عليا، وفجأة راح لاسعني حتة قلم علي قفايا، وجاري.. راحت أمي أخيرا وبعد صمت طويل مزعقة.. وبقيت هاموت واعرف مين ابن الكلب ده اللي ضربني علي قفايا، ولما ماما قالتله: كده تضرب أخوك يا حبيبي.. عرفت حاجتين في قت واحد .. إن اللي لسعني بالقفا يبقي أخويا، وإن اللي شتمته.. أبويا، وفجأة فقت من سرحاني، وأنا باصص لآدم ابن محسن ابن خالتي.. علي صوت إيد بترقع علي قفا «آدم» ابن محسن ابن خالتي، وأمه بتزعق فيه، وبتقوله: كده تضرب أخوك يا كريم؟! رحت ضاحك وميلت علي آدم، وقايله في ودنه: الله يكون في عونك.. ألا ليت الشباب يعود يوما، وساعتها عرفت المعني اللي في بطن الشاعر.. وليه قال: ألا ليت الشباب، وليس الطفولة.. ألا ليت الشباب يعود يوما.. فأخبره بما فعل الناس بي وأنا طفل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.