وضع نهاية غير ديمقراطية لحكم الرئيس محمد مرسي ، حتي ولو بانقلاب علي الشرعية ،والعودة إلي نقطة الصفر، وإجراء انتخابات رئاسية جديدة، هو الهدف من كل ما يجري في مصر،"بدون لف ودوران". لا تصدق كل النخب السياسية، أو القوي والحزبية، عندما تتحدث عن شروط غير مقبولة لبدء الحوار.، كلها تعسف بدون مبرر، وإحساس بالقوة دون سبب، والعيش في أوهام القدرة ،علي عرقلة المسيرة السياسية في مصر، مثل إلغاء الإعلان الدستوري ،أو تأجيل الاستفتاء علي الدستور، فالأزمة الحقيقة أن ركائز الدولة العميقة ، ناهيك عن رموز الحزب المنحل، صاحبة السلطة المفقودة ،والمصالح الضائعة ،وحتي التنظيمات والائتلافات الموجودة علي الساحة ،لا تتصور أن يكون في سدة الحكم ،رئيس ينتمي إلي تيار الإسلام السياسي. الخطة قديمة منذ اليوم الأول لتولي مرسي الرئاسة .وقد كتبت عنها مقال ،منذ عدة أسابيع كان عنوانه "كله بالقانون" .وهو تكرار لسيناريو حل مجلس الشعب، حيث تم ترك تيار الإسلام السياسي، يتمتع بالأغلبية البرلمانية فترة قصيرة من الزمن . رغم أنها تمت في انتخابات نزيه ،وشفافة شهد بها الجميع، وبعدها تم استخدام احد أدوات الدولة العميقة ،"القضاء" .الذي اصدر" حكما سياسيا "برداء قانوني" بحل المجلس .وتغيرت الأداة هذه المرة ،عبر اللجنة التأسيسية .بمحاولة إدخال نص في مسودة الدستور، باعتبار إقراره نهاية الفترة الانتقالية ،مما يستلزم إجراء انتخابات رئاسية جديدة . وكان الأمر صعبا بل مستحيلا، فبدأت المشاكل في التأسيسية نفسها بالسعي إلي تفجيرها من الداخل وكان الانسحاب نقطة البداية .فهل يعقل أن يقوم مجموعة مما سموا أنفسهم "القوي المدنية"، بالانسحاب من اللجنة ،بعد المشاركة في أعمالها لعدة أشهر. تم خلالها انجاز معظم مواد الدستور. وانحصر الخلاف حول عدد محدود منها، كان من المنطقي السعي إلي التوصل إلي توافق بشأنها. والغريب في الأسباب التي ذكرها البعض للانسحاب ،من ذلك عمرو موسي ،الذي كشف في المؤتمر الصحفي الذي عقده المنسحبون ،أن وراء قراره يرجع إلي تحفظه علي بعض الصياغات. الم يكن من المناسب الاستمرار في عمل الجمعية .والسعي إلي العمل علي تلك التعديلات . وممثلي الكنسية المصرية قالوا أنهم انسحبوا، لأنه لم يكن من الملائم وجودهم ،بعد انسحاب ما يطلق عليهم ممثلي التيار المدني .والعديد من المنسحبين تحفظوا فقط ، لانهم لا يرغبون في إخراج دستور، هو في نهاية الأمر منتج من جمعية تأسيسية، يسيطر عليها التيار الإسلامي. وهي الكذبة التي نجح الإعلام المضلل ،والدعاية المغرضة في الترويج لها. لقد شارك الجميع في التأسيسية ،وهو يدرك آليات العمل بها، ووافق عليها ،وتنص علي تفضيل التوافق، وألم يتحقق فهناك التصويت علي مرحلتين، الأولي ب 67 صوتا. وبعدها 57 بالمائة .ولكن ماذا نقول؟ والأمر تدار في مصر "بالمكايدة السياسية". وكان التوصل إلي مسودة الدستور، وتسليمها إلي الرئيس مرسي ،بداية حرب جديدة ضد الشرعية .رغم أن كل الإجراءات التي تمت وفقا للإعلان الدستوري ،الذي تم استفتاء الشعب عليه .وتنص علي ضرورة دعوة رئيس الجمهورية ،الشعب المصري للاستفتاء خلال أسبوعين .وهو مأتم بالفعل ويدعو رئيس الجمهورية . كل القوي السياسية إلي الحوار، في اللقاء التلفزيوني الخميس قبل الماضي ، فماذا كانت النتيجة ؟ وماذا كان الرد ؟ خروج مجموعة السياسيين فيما يطلق عليها جبهة الإنقاذ ولا ندري انقاد من ؟ومن من؟ لتفرض شروطا من قبيل إلغاء الإعلان الدستوري ،ووقف قرار دعوة الناخبين للاستفتاء ، وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة علي مقاسهم، تعمل علي مسودة للدستور، وكأن مصر تملك ترف "استهلاك الوقت "واستمرار المرحلة الانتقالية إلي ما لانهاية .بل تسعي الجبهة إلي التصعيد بالدعوة إلي العصيان المدني، والزحف إلي قصر الاتحادية، في تحدي صارخ للشرعية . وقد تخلت جبهة الإنقاذ عن البند الأول ،الذي كان كفيلا بتحقيق نتائج تفضحهم ،وتكشف عن أنهم مجموعة من النخب السياسية الفاسدة. التي لا تملك أي وجود في الشارع ،الذي يبحث عن الأمن والاستقرار، والسير بالبلد إلي الأمام .والسعي إلي حل مشاكل الجماهير الحياتية المهمة . بالنسبة له أما البند الثاني ،فهو سهل ويحقق بعض الأهداف ،وهو الزحف نحو القصر الجمهوري .وهو الإجراء الذي لم تلجأ إليه ثوار 25 يناير، سوي في اليوم الأخير من حكم مبارك. بعد أن استمر اعتصامهم في التحرير 18 يوما ،هي عمر الثورة . وهم أول من يدرك بأن الدكتور مرسي ، لم يكن أبدا لن يكون مبارك آخر، فهو رئيس منتخب ،جاء بإرادة شعبية ،اكتسب شرعيته من انتخابات حرة نزيهة ،والانتخابات فقط هي الوسيلة الوحيدة لتغيره، لمن يستطيع. وتستمر "ديمقراطية الأٌقلية العرجاء " بالسعي إلي الانقلاب علي الشرعية، فبعد أن يخرج نائب الرئيس المحترم المستشار محمود مكي، ليطرح مبادرة متكاملة ومحددة ،تدعو إلي التوصل إلي اتفاق موقع من كل القوي السياسية ،نتيجة حوار يلتزم يحمل التزامات متبادلة، بالمضي إلي الاستفتاء، مع حصر المواد المختلف عليها في الدستور. والسعي إلي تغييرها عبر مجلس النواب القادم. وهناك آليات حددها مشروع الدستور لذلك .مع الاتفاق حول قانون الانتخابات القادمة .يكون الرد هو افتعال أزمة أمام الاتحادية. ومشاجرات دخل فيها طرف مستحدث، يمثل حلفاء جدد للقوي الثورية سواء البلطجية وفلول الحزب المنحل ليسقط ضحايا ومصابين بالمئات. ليخرج لنا نماذج كريهة من المعارضة ، لتقول أن شرعية الدكتور مرسي تتآكل .وآخر يؤكد انه سيمنع إجراء الاستفتاء بكل الوسائل .ولا أدري لماذا كل هذا الخوف من نتائجه .أليس اللجوء إلي الشعب ،هو الحل باعتباره مصدر السلطات.