تحت دوي أصوات القنابل المسيلة للدموع، وبجوار أماكن إلقاء كرات "المولوتوف"، ووسط اشتعال الميدان، وتنظيم مليونيات (الرفض والتأييد) لقرارات الرئيس محمد مرسي، التي أصدرها في شكل إعلان دستوري، الخميس 22 نوفمبر الماضي، يقبع أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور داخل قاعتهم المخصصة بمجلس الشوري يواصلون عملهم دون تراجع ولا استسلام من أجل إنجاز الدستور الجديد في أقرب وقت ممكن. يتحدي أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، الجميع، المنسحبين والمعارضين، ودعاوي البطلان، وموجات الهجوم الضاري علي الجمعية وأعمالها، مدعومين ببنود الإعلان الدستوري للرئيس مرسي، التي حصنت أعمال الجمعية التأسيسية للدستور ومنعتها من الحل، ومنحتها مهلة شهرين إضافيين للانتهاء من عملها. وبعيداً عن استمرار العمل بالإعلان الدستوري، وتمسك الرئيس مرسي بتنفيذ كافة بنوده، أو نجاح القوي الثورية والسياسية المختلفة في إلغائه، ودفع الرئيس لسحبه، يسير أعضاء الجمعية التأسيسية بسرعة الصاروخ للانتهاء من كتابة الدستور، بصرف النظر عن نتيجة هذا الصراع الذي ربما يؤدي بمصير البلاد كله للمجهول. ذلك ما يؤكده الدكتور يونس مخيون، القيادي بحزب النور، وعضو الجمعية التأسيسية للدستور، حيث يقول إن الجمعية التأسيسية أنجزت أكثر من 09٪ من مواد الدستور الجديد، وتم الانتهاء من أكثر من 022 مادة حتي الآن، مشيراً إلي أنهم سينتهون من باقي المواد خلال هذا الأسبوع ليكون التصويت في اللجان العامة خلال الأسبوع القادم علي أقصي تقدير، وعن أزمة المنسحبين من أعمال الجمعية، أكد أنهم سيصعدون أعضاء من الاحتياطي لتغطية عجز المنسحبين قبل التصويت علي المواد في اللجان العامة. بينما ناشد الدكتور فريد إسماعيل، عضو الجمعية التأسيسية، وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، الأعضاء المنسحبين من الجمعية التأسيسية العودة، موضحاً أن قرارات الدكتور محمد مرسي بمد عمل الجمعية التأسيسية لمدة شهرين أزالت أعذار المنسحبين الذين طالبوا بهذا، مؤكداً أنهم بالفعل انتهوا من وضع الدستور ولكن المنسحبين لا يريدون أن يكون هناك دستور للبلاد، مشيراً إلي أنهم انتهوا من باب السلطة القضائية ليتم التصويت علي جميع المواد الأسبوع المقبل. أضاف: "القوي المدنية تذرعت بأنه ليس لديهم وقت لمناقشة الدستور، مع أنه تم عقد لقاءات متكررة معهم ومناقشتهم في المواد المعترضين عليها، والتي كانت في البداية 8 مواد ثم ارتفعت لتصل إلي 21 مادة، وبعد الاستجابة لمطلبهم وتوقيعهم عليها قالوا، إن لديهم ملاحظات أخري علي مواد خاصة بالمجتمع. وحول معارضة عدد من التيارات للمسودة الأولي للدستور واعتراضها علي الجمعية الحالية والمطالبة بحلها، قال إسماعيل: "تجاوبنا مع جميع ملاحظاتهم واستجبنا لها كلها، ووقعوا بأيديهم علي تلك التعديلات إلا أنهم عادوا للمعارضة والرفض دون مبرر". وأكد أن الجمعية تسعي للتوافق وإرضاء الأطراف المعارضة، واصفاً المقترح الذي تقدم به البعض بإصدار إعلان دستوري مكمل يتضمن إجراء انتخابات لمجلس الشعب، من دون انتظار الاستفتاء علي الدستور بأنه غير منطقي.. ولا حاجة إليه لقرب الانتهاء من إعداد الدستور، مشيرًا إلي أن الانتخابات البرلمانية ستجري في غضون ثلاثة أشهر فقط. في نفس السياق، أكد أحمد دياب، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، أن الجمعية التأسيسية للدستور ليست في حاجة إلي الشهرين اللذين منحهما الرئيس محمد مرسي لها، مؤكدًا أنها قاربت علي إنهاء إعداده وسيتم الاستفتاء عليه قبل نهاية الشهرين، موضحاً أنه بمجرد الانتهاء من عملية إعداد الدستور سيتم الاستفتاء عليه ولن ينتظر حتي نهاية فترة الثمانية أشهر الممنوحة لإعداد الدستور. انسحابات بعد الدستوري كما أعرب المستشار ماجد شبيطة عضو التأسيسية، عن دهشته ممن ينسحبون من الجمعية التأسيسية بسبب الإعلان الدستوري، وقال أنا لا أري أي علاقة بين عمل التأسيسية وبين الإعلان الدستوري، متسائلا عن البديل إذا لم تكمل الجمعية عملها ويصدر الدستور، لافتاً إلي أنه في حالة عدم صدور دستور سيكون تكريسا للوضع الراهن الذي تعترض عليه القوي المدنية من وجود السلطة التشريعية في يد الرئيس. وطالب شبيطة، الجميع بالتكاتف من أجل إصدار دستور بأقصي سرعة لأن هذا هو السبيل لإلغاء أي مواد يعترض عليها البعض أو يتخوف منها في الإعلان الدستوري الأخير، وقال: "كنت أظن أن التوتر في التأسيسية سيهدأ وسيعود المنسحبون بسبب إعطائها مهلة شهرين كما طلبت القوي المدنية لكن بدلاً من ذلك وجدنا انسحابات غير مبررة". فيما أكد الدكتور عاطف البنا، عضو الجمعية التأسيسية، والفقيه القانوني، أن التأسيسية ستكمل عملها وسيتم تصعيد الاحتياطيين محل من انسحبوا وليس هناك خطر علي عمل الجمعية التأسيسية. كما قال عمرو عبد الهادي، ممثل حزب غد الثورة، بالجمعية التأسيسية للدستور، إنه مستمر كعضو في الجمعية ليعمل علي إخراج دستور للبلاد، مؤكداً أن البديل للأمر هو تسليم البلد للإخوان بدون دستور، وهذا هو الأخطر، رافضاً أي مبررات للمنسحبين قائلاً: "إن إعداد الدستور واجب وطني يجب أن نؤديه بغض النظر عن أي أهداف". كما ناشد الدكتور محمد محيي الدين، مقرر لجنة الدفاع بالجمعية التأسيسية، القوي الوطنية المشاركة في الجمعية التأسيسية؛ الاستماع لهم في المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه بسبب الإعلان الدستوري الذي كرس حالة الانقسام داخل الجمعية، مشيراً إلي أن الرئيس مطالب بإيجاد مخرج حتي لا تنهار التأسيسية لأن إصدار الدستور هو الأمل الأخير وإلا سنعود للمربع الصفر. وقال صبحي صالح، عضو الجمعية التأسيسية، إن اعتراضات القوي السياسية علي الإعلان الدستوري ليست جديدة وإنما هي استمرار لاعتراضات قديمة، مؤكداً أنهم دائما يبنون آراءهم علي مواقف وليس سياسات، مشيراً إلي أنه لا يوجد خطر علي عمل الجمعية، وستستكمل بالاحتياطي أعمالها بعد تصعيدهم، وقال: "من يرد أن ينسحب فهذا رأيه لكن يجب أن يعلم أنه حرم نفسه من واجب وطني". وأكد صالح، أن الجمعية لن تخضع لابتزازات ولن تكون يدها مرتعشة لأن اليد المرتعشة ستكتب دستوراً مهتزاً لا يصلح لدولة قوية، مشيراً إلي أن الرئيس استجاب للمطالب في الإعلان الدستوري، فجميع قضايا قتلة الثوار أخذت براءة بسبب عدم كفاية الأدلة، كما أن القوي المدنية هي التي طالبت بمد المهلة للجمعية حتي لا يتم سلق الدستور علي حد قولهم وعندما استجاب لهم الرئيس أصروا علي موقفهم. استجابة للمطالب بينما قال الدكتور عمرو دراج، الأمين العام للجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، إن قرارات الرئيس جاءت استجابة لرغبات وتطلعات الشعب عامة، وأن بعض هذه القرارات جاء استجابة لطلبات بعض أعضاء الجمعية التأسيسية المنسحبين، وذلك لإعطاء فرصة للتوافق والتوحد، والآن بعد أن استجاب الرئيس لهم سيثبت إذا ما كان هؤلاء حريصين علي التوافق ويسعون إليه أم أنه مجرد عذر وحجج لهدم الجمعية التأسيسية. أضاف: لم يعد هناك أي مبرر للذين انسحبوا من الجمعية وليس لهم حجة في الاستمرار في موقفهم، ومصداقيتهم ستتضح، فإذا ما كانوا جادين وحريصين علي التوافق فسيعودون للعمل معنا، مشيراً إلي أن بعضهم لا يريد المصلحة العليا للبلاد، بل هدم أي عمل وطني والقضاء علي كافة مؤسسات الدولة، ومع ذلك فنحن نتواصل مع الجميع وباب الجمعية مفتوح للكافة، ولكن لن نسمح بتعطيل مسيرة الديمقراطية للأبد، ولن نتوقف عن عملنا وسنبذل جهودنا كي تتعافي مصر من كبوتها وتواجه التحديات التي تواجهها. وانتهت الجمعية التأسيسية للدستور بالفعل، من مناقشة الباب الخامس من مشروع الدستور الجديد، والذي يشمل الأحكام والمواد الختامية والانتقالية، كما انتهت لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية من مناقشة اقتراح نص بالدستور لاختيار وزير الدفاع، بأن يكون من ضباط الجيش وهي المادة التي أثارت جدلاً حولها حيث كانت هناك رغبة في أن يكون الوزير مدنياً وأقرت اللجنة نص حول حظر إنشاء أي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية تهدد الأمن القومي المصري. كما وافقت الجمعية التأسيسية للدستور علي المادة الثانية من المقترح المقدم من حاتم عزام بشأن حماية الثورة، وأكد عزام أن الهدف من المقترح ترسيخ أهداف الثورة ويهدف لعمل أرشيف وأفلام وثائقية حتي لا تطمس هذه الأهداف، ووافقت كذلك الجمعية علي تأجيل مناقشة المادة الأولي من مقترح عزام بشأن حماية الثورة، والذي ينص علي منع قيادات الحزب الوطني المنحل من ممارسة العمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية بغرفتيه لمدة عشر سنوات من تاريخ إقرار هذا الدستور، ويقصد بالقيادات كل من كان عضواً بالأمانة العامة أو عضواً بلجنة السياسات أو بالمكتب السياسي أو كان عضواً بالبرلمان بغرفتيه عن الحزب الوطني بالفصلين التشريعيين 5002 و0102. كذلك وافقت الجمعية، علي المقترح المقدم من الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، وعصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، بنص جديد في مسودة الدستور التي يجري مناقشتها حالياً بشأن مهنة المحاماة. وعرض عصام سلطان النص الجديد وهو كالتالي: المحاماة مهنة حرة مستقلة وهي ركن من أركان العدالة ويتمتع المحامي أثناء عمله بالضمانات التي تكفل حمايته وتمكينه من مباشرة عمله علي النحو الذي ينظمه القانون. كما وافقت الجمعية التأسيسية للدستور، علي إضافة مادة جديدة بالدستور تمنح خبراء الطب الشرعي والشهر العقاري والخبراء القضائيين الاستقلال الفني في عملهم، ووافقت علي إضافة فقرة للدستور اقترحها المستشار حسام الغرياني، تهدف لمنح خبراء وزارة العدل الاستقلال الفني في عملهم وتنص المادة علي أن "يتمتع الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والأطباء الشرعيون والخبراء القضائيون بالاستقلال الفني أثناء عملهم علي النحو الذي ينظمه القانون"، وذلك لوضعها في باب الأحكام العامة مع إرسالها للجنة الصياغة المصغرة لإعادة ضبطها. ورفض أعضاء الجمعية التأسيسية منحهم الاستقلال المالي والإداري علي أساس أن منحهم الاستقلال الإداري والمالي يجعلهم جهة لا تخضع لأي وزارة وهو أمر غير مقبول، مشيرين إلي أن المطلب الأساسي للخبراء كان منحهم الاستقلال الفني خلال عملهم.