مازال شعب مصر العظيم يلقن ما تسمي بالنخبة والتيارات المدنية بل وفلول نظام مبارك دروساً متتالية في وعيه ويقظته وفطنته وذكائه وفي رفضه لفرض الوصاية والولاية من أي جهة أو شخص أو حزب أو جماعة. غالبية الشعب بكل ألوانه وأطيافه وفصائله حسم مواقفه بمحض إرادته وفي كل مرة لا تستوعب ما تسمي بالنخبة الفضائية والتيارات المدنية هذه الدروس المتكررة رغم ما يقال أن التكرار إفادة للشطار ، في الجولة الأولي للتعديلات الدستورية وفي استفتاء مارس 2011 م حسم الشعب خياره بنسبة تجاوزت 77٪ لدرجة أخرجت هؤلاء الوصاة علي الشعب عن شعورهم وآدابهم فاتهموا غالبية الشعب بالجهل وعدم المعرفة وانه غرر به! ثم كانت جولة الانتخابات البرلمانية والشوري فكانت نفس النسبة تقريباً أو أكثر لكن محكمة القضاء السياسي التي عينها مبارك بعين ويد جهاز الإثم والعدوان - أمن الدولة المنحل - تغولت وأهدرت إرادة 30 مليوناً خرجوا لانتخاب هذه المؤسسة التشريعية العريقة ، ثم دبرت ورتبت هدم المعبد علي من فيه بحل مجلس الشوري وإسقاط اللجنة التأسيسية ثم التشكيك في شرعية الرئيس واستدعاء العسكر علي منصة الحكم مرة ثانية، سيناريو مفضوح اضطر الرئيس مرسي أن يعلن عن حزمة من القرارات الرئاسية أطاحت بالمخطط الخبيث وأعطت مصر ومؤسساتها قبلة الحياة لاستكمال الدستور ، هنا حدث انقسام جديد بين المربعات الفكرية والسياسية وهو طبيعي ووارد بل ومطلوب في النظم الديمقراطية ، أراد دعاة الديمقراطية تحويل هذا الحدث إلي ثورة ثانية ضد الرئيس وغالبية الشعب الذي انتخب الرئيس وكانت استطلاعات الرأي علي كل المواقع المعارضة للإعلان الدستوري والرافضة لمرسي كالصاعقة في إرادة واضحة لشعب عظيم حين جاءت تؤكد الاكتساح الشعبي والتأييد غير العادي وبنسب تجاوزت 70٪ مما اضطر بعض المواقع لتغيير صيغة السؤال من هل تؤيد الإعلان الدستوري ؟ إلي هل يتراجع الرئيس عن قراراته بسبب الضغط الشعبي ؟ فكانت النسبة أيضاً بنسبة 75٪ لا لن يغير ! ثم كانت الجولة التالية باستطلاع الرأي حول قبول الدستور الناتج عن اللجنة التأسيسية فكانت النسبة السحرية والتي ربما تصبح رقما يصيب المربع المسمي بالمدني بحالة من العقد النفسية عندما كانت النتيجة حوالي 70٪ ونحن علي أبواب الاستفتاء علي الدستور الذي سيتحول إلي سجال أو ربما صراع من النوع الخشن نسبياً لكن أتوقع ألا تقل النتيجة بنعم عن سابقتها ، هذه هي الديمقراطية بصفة عامة وليست ديمقراطية الترزية الذين فصلوا في الماضي دساتير وقوانين ثم تحولوا فجأة لحماة للدولة المدنية واستقلال القضاء بل تقدم بعضهم في الاتجاه المعاكس والخطر بتصريحات الدكتور البرادعي ودعوته لاستعمال العنف في حالة عدم رضوخ الرئيس مرسي للابتزاز النخبوي الممارس في الإعلام وبعض الشارع وهذا الاعلامي الذي تمني سقوط قتلي لتكون سبباً في زوال مرسي وبالتالي نحن أمام تحول دراماتيكي في تبادل المواقع وفكر التغيير ، حيث يقف التيار الإسلامي بألوانه الوسطية والمتشددة في المربع الديمقراطي السلمي ويقف التيار المسمي بالمدني في المربع الاستبدادي العنيف وهي إشارة لتآكل رصيده في الشارع وبين الناس خلاصة المسألة ... نتفق ونختلف هذه هي الديمقراطية ، نصوت ونمتنع حق دستوري مشروع، وفي الأخير لا يعلو صوت فوق صوت الصندوق، أليست هذه الديمقراطية ؟!، أم أن النخبة الجديدة تسحق الديمقراطية وربما تكفر بها إن لم تأت بما تريد؟!.. حفظك الله يا مصر ...