أسباب عديدة تدفعني إلي إعلان موافقتي وتأييدي، بل وسعادتي وافتخاري بمشروع الدستور الجديد، ليس فقط بسبب معرفتي لتاريخ وعطاء معظم أعضاء اللجنة التأسيسية، التي صاغته رغم كل الضغوط والمعوقات والمناخ الفاسد، ولا بسبب ثناء وتقدير قامات وطنية حقيقة للصيغة النهائية، ولكن أيضا لما حواه من حريات وحقوق لم تكن موجودة من قبل. الجمعية التأسيسية في جلستها الماراثونية الأخيرة والتليفزيون الرسمي قدما للشعب المصري خدمة جليلة، عندما قررا إذاعة جلسة التصويت علي مواد الدستور مادة مادة علي الهواء مباشرة، ليتابع الملايين من أبناء الشعب بحب ولهفة تلك السهرة الرائعة وهذه الصورة الحضارية، وليكتشفوا بأنفسهم كم التضليل الذي مارسه سياسيون وإعلاميون فاسدون ضد هذا الإنجاز الكبير، ثم نشرت الصحف القومية والحزبية هذه المواد، كي يتعرف عليها الناس ويناقشونها، ويحددون موقفهم منها. أما أهم المواد التي أشعر بالفخر لأنها في دستور مصر بعد الثورة فهي كثيرة، ومنها المادة رقم 8: "تكفل الدولة وسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية، وتلتزم بتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع، وتضمن حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتعمل علي تحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين؛ وذلك كله في حدود القانون". والمادة رقم 10: "الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع علي الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلي تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك علي النحو الذي ينظمه القانون، وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام، وتولي الدولة عناية وحماية خاصة للمرأة المُعيلة والمطلقة والأرملة". ولمصلحة العمال المادة رقم 27: "للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها، ويلتزمون بتنمية الإنتاج والمحافظة علي أدواته وتنفيذ خطته في وحداتهم الإنتاجية، وفقا للقانون، ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارة وحدات القطاع العام في حدود خمسين بالمائة من عدد الأعضاء المنتخبين في هذه المجالس، ويكفل القانون تمثيل صغار الفلاحين وصغار الحرفيين بنسبة لا تقل عن ثمانين بالمائة في عضوية مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية". ولمصلحة الفلاحين المادة رقم 66: "تعمل الدولة علي توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة، ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي"، أما ذوي الإعاقة فلهم المادة رقم 72: "تلتزم الدولة برعاية ذوي الإعاقة صحيا واقتصاديًا واجتماعيا، وتوفر لهم فرص العمل، وترتقي بالثقافة الاجتماعية نحوهم، وتهيئ المرافق العامة بما يناسب احتياجاتهم". وتنص المادة 58 علي: "لكل مواطن الحق في التعليم عالي الجودة، وهو مجاني بمراحله المختلفة في كل مؤسسات الدولة التعليمية، وإلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، وتتخذ الدولة جميع التدابير لمد الإلزام إلي مراحل أخري"، كما تنص المادة رقم 71 علي: "تكفل الدولة رعاية النشء والشباب، وتأهيلهم وتنميتهم روحيا وخلقيا وثقافيا وعلميا وبدنيا ونفسيا واجتماعيا واقتصاديا، وتمكينهم من المشاركة السياسية الفاعلة". وفي مجال حرية الصحافة تنص المادة 48: "حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة، وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المبادئ الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ علي الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي، والرقابة علي ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة"، ومازال للحديث بقية إن شاء الله.