كلماتها علي غلاف الكتاب كأنها صورة شخصية لها.. كتبتها بشكل علمي عن الفرق بين المسيحية والإسلام. دكتورة ليلي تكلا واحدة من قبط مصر العظام مسلمين ومسيحيين قدمت هذا الكتاب الضرورة فاقرأوه. كلماتها علي غلاف الكتاب كأنها صورة شخصية لها.. كتبتها بشكل علمي عن الفرق بين المسيحية والإسلام. وباحساس المثقف الواعي الذي يوظف ثقافته في طرح قضايا مجتمعه. دعاني د. محمد صابر عرب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب حينما كان يرأسها للتحدث في ندوة بمناسبة معرض القاهرة الدولي للكتاب عن كتاب دكتورة ليلي تكلا »التراث المسيحي الإسلامي« وكأن الرجل كان يشعر بنظرة مستقبلية عن أهمية فتح هذا الموضوع للنقاش ولرأب الصدع. وتقول د. ليلي تكلا في هذا الكتاب الضرورة أن الإسلام أوصي بأهل الكتاب والسيد المسيح أوصانا بالصلاة حتي من أجل الذين يسيئون إلينا وأن الاسلام يكرم المسيحية لأن السيد المسيح قال »من ليس علينا فهو معنا« وأن مبادئ كثيرة تجمع بين العقيدتين وهذا هو مفهوم الدكتورة ليلي تكلا للإسلام والمسيحية وهذا هو نموذج لوحدة القياس لما يجب أن يكون عليه كل المصريين. شرحت في كتابها كيف تأثرت بكتاب الأب إبراهيم لوقا »المسيحية في الإسلام« حينما كانت طفلة ومراهقة وتظهر ميولها الشديدة المصرية السمحة منذ الصغر وكيف يظل هذا الكتاب يدفعها إلي الفكر المستنير لكاهن من أرمنت ينحدر من أصول ثرية وكيف انه فضل الكهنوت وخدمة الناس بصرف النظر عن الملّة وكأنها أخذته شيخا لها ومقْودَا لحياتها علي أرض مصر. هنا بدأت بذرة التراث المشترك تحفر مجراها في فكر الواعية الشابة الصغيرة ليلي تكلا وتعمق علاقتها بالدين الإسلامي وهي المسيحية المتدينة المستنيرة وترقي إلي حضور مؤتمر عن الأديان في أسبانيا. إنها تأخذنا الهوينا في رحلة بديعة عقليا وعاطفيا وتدفقت اجتماعيا وسياسيا حيث إن كتابها هذا »التراث المسيحي الإسلامي« بشكل علمي تماما لتآخي الأديان ودعوة للسلام والتنوير في فترة ما كان أحوجنا إليها وإلي وجود هذا السجل العظيم وفي الكتاب سجلت كل حواراتها ومحاضراتها حول »حوار الأديان« في المحافل الدولية وتكاثر كل من استمع إليها لأسلوبها السهل الممتنع واقترح عليها الكثيرون أن تضع أفكارها المرسلة في كتاب باللغة العربية وراقت لها الفكرة ولكن النشر لم يتسارع ولكن لكل كتاب مولد مثل البشر وحينما فكرت واختارت دار الشروق لتنشر الكتاب وصممت أن تكون مقدمة الكتاب لكاتب شديد المقدرة وثاقب الفكر عن الموضوع فاختارت المفكر الكبير صاحب تفاصيل وشرح الدين والدولة فكان الدكتور كمال أبوالمجد ويقول في مقدمته إن العقيدة حالة خاصة بين الإنسان وخالقه. الخالق بعظمته ومقدرته وجلاله والمخلوق بضميره مدعما فكره بآراء علمية هامة لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وكتب في مقدمته عن أهمية مثل هذا الكتاب حيث تعددت المقالات التي تأخذ الشكل العاطفي وأن أهمية هذا الكتاب تكمن في دفعه إلي التفكير فيما يجمع العقيدتين ويؤاخي بين كل التعاليم من أجل إرساء قواعد التسامح والفضيلة وأن العلاقات تصب في النهاية إلي التواصل بين البشر. واختيارها للدكتور كمال أبوالمجد كان يصب في رغبتها في التوصيل الجيد للناس لهذا اختارته لكتابة المقدمة وهي تعلم جيدا أن بينها وبينه دستورا غير مكتوب بفكر متآخيا لعلاقة الأديان بالبشر والحياة والذي أكده في مقدمته بأن هذا الكتاب سعي مخلص لتحقيق ودي وأخوي بين المسلمين والمسيحيين وأن هذا الكتاب يعتبر رسالة عظيمة ومخلصة إلي مسلمي مصر ومسيحييها محتويا علي عناصر الاتفاق واللقاء. ولم يغب عن ذكاء ليلي تكلا وهي تختار أ.د. كمال أبوالمجد ليقدم الكتاب أنه صاحب باع طويل في هذه القضية ويقول في مقدمته وجدت كل ذلك معبرا عن رغبة مماثلة عندي في ضخها إلي الناس ويؤكد ان وجهة نظره الإسلامية تتسع لهذا الجهد النبيل«. والإسلام دين يدعو إلي الحرية ففي سورة الكهف الآية 92 يقول تبارك وتعالي »وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر« إلي آخر الآية والتي يفسر فيها ما هو جزاء المؤمن وما هو عقاب الكافر والإنسان حر. فكيف يكون الإنسان حرا بكتاب الله ويحجر علي حرية الغير؟ إن أهمية هذا الكتاب ليس في الداخل فقط لرأب الصدع ولكن في الخارج حيث يضرب الاسلام وبه تضرب مصر كلها!! ولأهمية هذا الكتاب خصوصا في هذه الأيام التي تضرب فيها مصر بعنصري الأمة حيث يعمق الكتاب فكر المصريين لأن منهجه خال من التعقيد حيث اتخذت الكاتبة المنهج الاسترسالي الذي يضع الأهمية الأولي في تأمل الوضع القائم وما به من ضلالات لابد من مواجهتها. وقد استطاعت د. ليلي تكلا ان تضع يدها برفق وحنكة بضع جراح علي سير كتابها ولا يظل الارهاق في البحث سيد الكتابة لانها لاتريد ان يفلت منها محور من محاوره دون تدعيم، وتضع الكاتبة يدها علي صراع البشر بين الرأسمالية والشيوعية وحيرة العقل البشري بين المتنظرين والطامعين ويظل الصراع يتلوي ويحير معه العقل البشري حتي أصبح صراعا دينيا أطرافه المسيحية والإسلام. أبو الأنبياء ولو عدنا إلي حرية التدين ننظر إلي اثنين من الأنبياء كل مختلف في تفاصيل دينه حيث إبراهيم أبو الأنبياء وولداه إسماعيل الجد الأول لمحمد واسحق الجد الأول ليعقوب وكل منهما مختلف في التفاصيل الدينية. وتبرز دكتورة ليلي تكلا أن كل الأديان الثلاثة لها جذور واحدة هي الإبراهيمية حيث هو أبوإسماعيل واسحاق ويعقوب تساؤلات كثيرة طرحتها الكاتبة بوعي وحب استطلاع ودهشة وقد ربطت هذه التساؤلات بما وصل إليه الصراع لانشغال الكاتبة بموضوع قديم يتجدد دوما وكانت تملك دائما وعيا منضبطا في النظرة للدين حيث استطاعت ان تستوعب الثقافة اليهودية المسيحية وتفتدها بمقدرة بل انها عارضت زميلا لها في الجامعة في نيويورك في مسألة قبول الإسلام للمسيح وعدم قبول اليهودية للمسيح ودرست جيدا المسيح في القرآن سواء ميلاده المعجزة أو طرح تعاليمه في آيات أو أسماؤه أو ورود الانجيل وتعمدت ألا تغفل نقطة من النقاط التي تحمل حب استطلاع البشر نحو وجود المسيح في القرآن سواء ميلاده أو الانجيل أو ألقاب المسيح. لقد تعمدت ان تلقي الضوء علي عمق وجود المسيحية برمتها في القرآن الذين هو عامود الإسلام. لم تترك شاردة ولا واردة. حتي التوحيد وعلاقته بالتثليث وقد اكدت لصديقتها البعد اليهودي في رفض السيدة مريم ورفض المسيح بينما الإسلام كرمهما في كتابه العزيز. هذه هي الحميمية بين الإسلام والمسيحية بل أثبتت بأنه ليس هناك تراث أو ثقافة مشتركة بين اليهودية والمسيحية. الحميمية بين الإسلام والمسيحية لم تترك د. ليلي تكلا معلومة تؤكد العلاقات التي لا تنفصم بين الاسلام والمسيحية وفي الكتاب معلومة وصلتني لأول مرة وهي ان مفاتيح كنيسة القيامة في يد أسرة مسلمة بما تؤيده هي شخصيا وترفض ان تكون المفاتيح في يد أسرة يهودية لرفض اليهود للمسيحية برمتها بداية من العذراء مريم. اعادت دكتورة ليلي بنفسها هذه المعلومات إلي ان صاحبتها تنتمي لجماعة صهيونية.. إذن الصهيونية هي التي تلعب ذلك الدور التفريقي بين المسيحية والاسلام ووضعت يدها علي نظرية ابتدعتها التنظيمات الصهيونية لأسباب سياسية وغير دينية!! وفسرت لماذا يتعاطف بعض مسيحي الغرب مع الصهيونية ذلك لنجاح اليهود والصهاينة في نشر التراث المسيحي لقد كانت دوافعها كثيرة بدأت عاطفية وهي طفلة ولكنها دعمتها علميا بعد ان تفتحت وتفتحت الأبواب أمامها بدأب واقتناع ورغبة في توصيل رسالة سامية طعمت كتابها بآيات من القرآن تأكيدا لما وصلت إليه. ولقد استشهدت بمقولة للدكتور مراد غالب حول كلمة صراع وربما كان الهدف منها التأثير علي الرأي العام العالمي للاقتناع بانتشار التواجد العسكري الأمريكي الدائم.. ذلك التفسير الذكي الذي يذهب إلي الحق ان اختيارها للآيات للاستشهاد لسماحة الاسلام كان اختيارا غاية في الذكاء وصواب الفكر. لقد سجلت وأكدت العلاقات الإسلامية المسيحية قبل بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم منذ نبوءة النصراني نيحيري وتنبأ له رهبان الشام بالنبوه وأكدت العلاقة بين الاسلام والمسيحية حيث يتصل ورقة ابن نوفل النصراني إلي قصي جد الرسول الرابع كما اكدت العلاقة بأول هجرة إلي الحبشة. لم تترك فرعا من فروع التاريخ بأسلوبها البحثي التوثيقي التسجيلي إلا وأخذتنا إليه حيث اوصلتنا إلي الحضارات والأديان تحمل في نصوصها وتعاليمها أسس الاستقرار والتكامل وأوصلتنا ايضا إلي الأنظمة المختلفة وكيف كان موقفها من أحداث فلسطين والعراق وحللت هذه النظريات بأنها لم تكن قائمة علي تقسيمات حضارية أو دينية. كما أن الشعوب عبرت عن ذلك وكان لابد من عرض تأكيدات دكتورة ليلي تكلا علي العلاقات الخارجية النفسية بتلازم الآيات في القرآن والانجيل. وللحديث بقية مع التراث المسيحي الاسلامي.