كان واضحا خلال الأيام الأخيرة من نهايات الأسبوع الماضي، ان البلاد تمر بلحظة عصيبة فارقة وبالغة الدقة والحساسية من تاريخها، نظرا لحالة الاستقطاب والانقسام السائدة علي الساحة السياسية، وكان مؤكدا ان ذلك سيكون له بالقطع تأثير بالغ علي مسيرتها، نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، التي تسعي للوصول اليها استجابة لآمال وطموحات الشعب، وتحقيقا للأهداف والمبادئ التي تنادت بها الجماهير، مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وقد سجلت ذلك في هذا المكان الأسبوع الماضي، وقلت دون تردد، ان هذه اللحظات الفارقة تفرض علي الجميع، حكاما ومحكومين، الوعي الكامل بضرورة الارتفاع الي مستوي المسئولية، وإعلان مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ووضع استقرار وسلامة مصر نصب الأعين، وآن علي الكل المسارعة للعمل علي نزع فتيل التوتر والاحتقان، والسعي لعلاج الخلافات المشتعلة بين جميع القوي والتيارات السياسية، ووضع نهاية لحالة الانقسام والاستقطاب في المجتمع التي اصبحت تنذر بالخطر وتهدد السلام الاجتماعي. وطالبت جميع القوي الفاعلة في الدولة سواء المسئولين القاعدين علي كراسي الحكم، والمتولين لمسئولية ادارة شئون البلاد، أو القوي والتيارات السياسية والمدنية في الاحزاب وغيرها، ان تقوم بدورها الوطني في ادارة الأزمة المشتعلة، بكل الحكمة الواجبة واللازمة للعبور بالوطن من حالة الاحتقان السياسي السائدة حاليا، والوصول به الي بر الأمان، في اطار الشرعية والالتزام بالقانون والدستور. وكان دافعي في ذلك هو التنبيه الي خطورة ما نحن فيه، وضرورة التحرك السريع والصادق من جانب الكل، سعيا لتجاوز الخلافات القائمة علي الساحة وما نتج عنها من احتقان وتوتر، انعكست فيما نراه من مظاهر غضب وعنف وانقسام في شوارع وميادين مصر. وكانت رؤيتي واضحة ومحددة في الانذار بالخطر قبل وقوعه، وانه لا بديل عن التحرك العاجل والصادق والأمين لرأب الصدع وعلاج المرض حتي نجنب الوطن ما يحدق به من اخطار تهددنا جميعا. وكنت آمل ان نشهد استجابة مخلصة من الجميع، وهو ما لم يحدث وللأسف، فقد كان القدر يخبيء لنا أمرا آخر. (وللحديث بقية)