محمد بركات لا مبالغة في القول بأن مصر تمر الآن بلحظات فارقة وبالغة الدقة والحساسية من تاريخها، سيكون لها بالقطع تأثير بالغ علي مسيرتها نحو الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة التي تسعي للوصول إليها، استجابة لآمال وطموحات الشعب وتحقيقا للأهداف والمبادئ التي نادت بها الثورة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وفي هذه اللحظات الفارقة يكون لزاما علي الجميع، حكاما ومحكومين، الوعي الكامل بضرورة الارتفاع الي مستوي المسئولية، وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ووضع استقرار وأمن مصر نصب الأعين، وأن يسعي الكل لنزع فتيل التوتر والقلق والاحتقان، وأن يكون هذا السعي بكل الإخلاص والصدق والأمانة. أقول هذا بوضوح لا لبس فيه، مطالبا كافة القوي الفاعلة والمؤثرة علي الساحة، ان تقوم بدورها في إدارة الأزمة الحالية بكل الحكمة الواجبة واللازمة للعبور بالوطن من حالة الاختناق السياسي التي هو عليها الآن، والوصول به الي الأمان، في إطار الشرعية والالتزام بالدستور، وفي ظل سيادة القانون التي يجب ان تحظي منا جميعا بالاحترام الكامل وغير المنقوص. وأقول ذلك وأشدد عليه كضرورة لازمة، ولا بديل عنها لتجنب الوطن كافة الأخطار والاحتمالات السيئة والكريهة الي يمكن أن يتعرض لها في ظل ما تشهده البلاد الآن من حالة غير مسبوقة من الاحتقان وعدم اليقين، نتيجة الأزمة الدستورية القائمة في أعقاب القرار المفاجئ والصادم للرئيس بإلغاء قرار حل مجلس الشعب، وعودة البرلمان لعقد جلساته وممارسة اختصاصاته. وأطالب كل القوي بهذا بعد متابعتي الدقيقة والمستمرة لحالة الانقسام الشديدة التي نشاهدها الآن علي الساحة السياسية، وحالة الاستقطاب الحادة التي أصبحت عليها هذه القوي، والتي أصبحت ظاهرة وواضحة في الشارع، وعلي صفحات الجرائد وكافة أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة،..، وأؤكد عليه بعد ما أحدثه القرار من ردود أفعال قوية ومتعارضة، تفاوتت بين التأييد والرفض لمحتواه ومضمونه، وبعد تصاعد وامتداد موجات التأييد، وعواصف الرفض والاستنكار، لتطول فقهاء الدستور وأساتذة القانون الذين توزعوا بين أغلبية رافضة للقرار وتري فيه عوارا دستوريا، وبين أقلية تقول بصحته وسلامته، وهو ما خلق حالة من البلبلة وعدم اليقين عند عموم الناس بطول البلاد وعرضها. وأزيد علي ذلك بالقول، بأن كلي أمل في أن تقدر كافة القوي الوطنية الشريفة دورها في حماية هذا الوطن من كافة المخاطر التي تتهدده،..، وكلي رجاء في ان تدرك هذه القوي ان الانقسام والاستقطاب والتشرذم هو مجلب الخطر وشر البلاء، وان وحدة الأمة هي طريق النجاة، وأن الالتزام بالدستور والقانون ضرورة لازمة لسلامة البلاد، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. وأخيرا دعونا نتضرع الي الله عز وجل، أن يقيض لنا رشدا وأن يكتب لمصر السلامة والأمان، وأن يلهم ولاة أمورها الحكمة، وشعبها الصبر علي المكاره.