عاشت مصر بكل أطيافها مأتما مأساويا بعد صدمة الكارثة الدامية التي راح ضحيتها 15 طفلا وصبيا في عمر الزهور كانوا يمثلون أملا لأسرهم ولهذا الوطن الذي يجمعنا علي أرضه. الشيء المؤسف الذي يدمي القلوب ويجعل العيون تغرق في سيل من الدموع ان يكون هذا الحادث المفزع وليد الاهمال والتسيب وعدم الانضباط الذي يسود مرفق السكة الحديد التاريخي. في هذا المجال ليس جديدا القول ان مصر كانت ثاني دولة في العالم قامت بمد خطوط السكك الحديدية في أراضيها لتصل أطوالها إلي 01 آلاف كيلومتر. الحادث الأليم وقع نتيجة اصطدام أحد القطارات بأوتوبيس المدارس الذي كان يحمل هؤلاء الضحايا من قراهم إلي معهدهم الديني ومدارسهم في الصباح الباكر. قال شهود العيان ان الأوتوبيس عبر شريط السكة الحديد لان المزلقان كان مفتوحا لمروره. تبين ان العامل المكلف- وفقا لهذه الأقوال- لم يقم بإغلاق المزلقان رغم انه كان يعلم بأن هذا هو موعد قدوم القطار الذي صدم الأوتوبيس وحول أجساد ركابه إلي أشلاء.. كان طبيعيا ان يستقيل وزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية بحكم المسئولية غير المباشرة وهو أمر تكرر في عهد ما قبل ثورة 52 يناير مرتين تمثلتا في استقالة الوزيرين السابقين الدكتور دميري والمهندس محمد منصور. ان أهم ما أثار اهتمامي في التغطيات الإعلامية لهذه المجزرة ما جاء في برنامج »هنا العاصمة« الذي تقدمه الزميلة اللامعة لميس الحديدي. جاء ذلك علي لسان ضيفها وزير النقل الأسبق المهندس عاطف عبدالحميد وهو الذي كان له بصماته في النقلة الحضارية التي حققتها مصر للطيران التي شغل مجلس إدارتها لسنوات. أعلن أن أهم ما يفتقده مرفق سكك حديد مصر هو توافر الامان. قال ان ذلك يحتاج إلي الاهتمام بالعنصر البشري تدريبا ورقابة واستحقاقات مادية. ادان تمسك من يتولون المسئولية بعدم استكمال ما هو سليم من خطط اصلاح. ضرب مثلا علي ذلك بمشروع الوزير الأسبق محمد منصور الذي استند إلي بروتوكول للتعاون مع إيطاليا للنهوض بالسكة الحديد. قال انه تبني استكماله بعد ان تولي وزارة النقل بعد الثورة لمدة ستة شهور ولكن كل شيء توقف بعد خروجه من الوزارة. لا جدال ان ما قاله عاطف عبدالحميد يعطي صورة لأسباب تدهور أحوالنا والتي تأتي نتيجة ان الجديد يتعمد هدم القديم حتي لو كان اصلاحيا.