نحن نعيش ليومنا ولا نفكر في الغد.. نتعامل في حياتنا علي طريقة »انفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب«!.. بل نضحي بمصيرنا باتخاذ قرارات عشوائية في لحظات طيش مجنونة.. ثم نتوهم اننا نضحك من أعماقنا تحت تأثير السعادة، ولا ندرك اننا نضحك علي انفسنا! والأدلة كثيرة ومثيرة في مسلسل خيبة الامل والضياع ففي مهزلة العشوائيات تركنا العقارات المخالفة تتطاول في البنيان وعندما تضاعف خطرها اعترفنا بسلبياتها التي تشوه الخريطة العمرانية.. ثم استعرضنا الفصاحة والبلاغة في صياغة مواد القانون المجرم للظاهرة.. لكن للاسف جاء قانونا أعمي لم يجد من يأخذ بيده ليضعه علي طريق التنفيذ.. ففي الوقت الذي تتصالح فيه الدولة مع العشوائيات القديمة، نجد ان عشوائيات جديدة تقام هنا وهناك. ويأتي العدوان علي الاراضي الزراعية المنتجة للغذاء ليمثل احدي حلقات مسلسل الضياع ففي الوقت الذي تقوم فيه الدولة باستصلاح 150 الف فدان سنويا ضمن خطة لاستصلاح 3.4 مليون فدان حتي 2017، نجد ان الزحف العمراني المخطط والعشوائي يجعل الارض الزراعية الخصبة تفقد 40 الف فدان سنويا.. واذا علمنا أن فدان الارض القديمة يساوي خمسة افدنة مستصلحة باعتبار ان الاراضي القديمة عالية القيمة وتعود خصوبتها لملايين السنين لوجدنا ان ال 40 الف فدان تساوي 200 الف فدان، وبذلك يكون الفاقد أكثر من الاضافة، ولعل هذا ما دفع الي التحذير الذي جاء مؤخرا بتقرير جمعية الديموجرافيين المصريين حيث اشار الي تناقص نصيب الفرد من الاراضي الزراعية الي النصف خلال 20 سنة قادمة، ليصبح 20 فردا يزرعون فدانا بدلا من عشرة افراد حاليا.. اي ان الفلاح سيزرع 210 أمتار فقط يعني مساحة حديقة منزل! أراضي المحروسة لم تعد محروسة من الضياع والتدهور.. فهل يستمر العدوان عليها ونحرم أنفسنا من انتاجها من الغذاء؟! كرم سنارة