عندما تذكر كلمة كنوز يتبادر للاذهان علي الفور الكنوز المادية من مختلف الأنواع كالقطع الاثرية والاحجار الكريمة والتحف الثمينة وربما قد تذهب اذهاننا أبعد من ذلك قليلا لنفكر في كنوز الطبيعة التي منحها الله سبحانه وتعالي لنا في جميع انحاء المعمورة من مناظر خلابة وجبال شاهقة وشواطئ مبهرة نتمتع برؤيتها وتفخر كل دولة بوجودها علي أراضيها.. ولكن هناك كنوزا أكثر روعة وجمالا لدي كل منا بعضها قد تعلمناه والبعض الاخر غرس بداخلنا منذ الصغر وهي القيم النبيلة والاخلاق بكل ما تحمله من معان جميلة.. كرم.. تواصل.. التزام.. انتماء وكلها صفات تجعل من يتحلي بها اكثر احتراما وتقديرا مع من يتعامل معه بل من المجتمع ككل. وللاسف الشديد غابت هذه القيم عن مجتمعنا في الفترة الأخيرة وفقدت وسط ما اراه سائدا في الشارع المصري من اصرار علي مخالفة قواعد المرور والتوسع في العشوائيات والمصادمات والشجار الدائم بين المواطنين علي اتفه الاسباب وقد يصل الي حد الاشتباك وسقوط مصابين وقتلي.. انفلات سلوكي واخلاقي غير مبرر لم تسلم منه المستشفيات التي اقتحمت وتم ترويع اطبائها ومرضاها.. والمدارس التي عاني طلابها من »سادية« بعض المدرسات والمدرسين رغم انه يفترض انهم القدوة.. قطع الطرق والسكك الحديدية دون اكتراث بمصالح وأمن المواطنين.. أين سلوكيات المصري الاصيل وسماحة خُلقه التي عاهدناها فيه من قبل؟ تساؤل أتمني ان نجد اجابته قريبا بعودة الاخلاق الرائعة التي ظهرت بوضوح خلال الأيام الاولي من ثورة 52 يناير واشاد بها العالم وزعماؤه. هيرودوت.. وصديقتي فاجأتني صديقتي بسؤالها.. هل تعتقدين ان المؤرخ الاغريقي هيرودوت الذي قال قديما مأثورته الشهيرة »مصر هبة النيل« سيكون سعيدا ويقول نفس الكلمات اذا عاش معنا هذا الزمن وشاهد ما يقوم به البعض من اساءات في حق هذا النهر العظيم؟ بصراحة لم استطع الرد عليها وأنا اتذكر ما يتم نقله يوميا من أخبار عن تلويث النيل بمختلف أنواع الملوثات من مخلفات المصانع للحيوانات النافقة واحيانا الصرف الصحي.. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يتم تجريف جانبي النهر لاقامة القصور والمطاعم.. دون أن يتذكر من يقومون بهذه الجرائم ان هذا هو نهر النيل العظيم الذي قدسه اجدادنا القدماء.. ووصفوه بواهب الحياة واستخدموه في نقل الاحجار التي بنيت بها الاهرامات.. وروت مياهه العذبة أجود أنواع المزروعات. التفت إلي صديقتي وقلت لها: لا بالتأكيد سيكون هيرودوت حزينا. الصلح خير الجدال والاختلاف حول كل شيء وأي شيء أصبحا من أهم السمات السائدة في المجتمع سواء كان الموضوع المطروح للمناقشة سياسيا أو اقتصاديا.. بل ان الفتاوي الدينية أصبحت أيضا مجالا خصبا لهذا الجدال.. ولكن ما لفت انتباهي مؤخرا هو الهجوم والنقد الذي اثاره البعض بعد تصريحات الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء حول مبادرات التصالح مع رجال أعمال النظام السابق المدينين للدولة بأموال يثبت انهم لم يحصلوا عليها بالطريق السليم.. وحول الاخبار التي اثيرت عن التفاوض مع فريق الدفاع الخاص بأحمد عز للتصالح مقابل سداد 5 مليارات دولار »53 مليار جنيه«.. لست ادري لماذا نهاجم التصالح مع رجال الأعمال في القضايا المالية فقط وليس الجنائية؟ لماذا لا نحصل علي ملياراتهم ونوجهها لصالح التنمية وسد العجز في ميزانية الدولة وتحقيق مطالب المواطنين البسطاء.. أليس هذا أفضل بكثير من استمرار حبسهم حتي وإن كان إلي الأبد؟ حلو الكلام: إن كنت في كل الأمور معاتبا صديقك.. لن تلقي الذي لا تعاتبه.