والآن لا تجوز لهذا الجمهور الفرحة ولا لذاك الصدمة! بعد ما كشف نهائي دوري أبطال أفريقيا الكروي عن نصف سره، وبقي النصف الآخر والأكبر والأهم مؤجلا إلي 71 الجاري.. هناك في رادس. هناك الكثير مما يمكن قوله وفعله.مخطئ من يظن ان الأرض تلعب مع أصحابها في النهائي الأفريقي خصوصا عندما يكون طرفا المواجهة الأهلي، وأي من الأندية التونسية.. فالتاريخ يشهد بغير ذلك، البطل يكتب بكل حروفه إيابا.وإذا كانت مباراة الذهاب في ملعب الجيش ببرج العرب قد شهدت المناورة الأولي المهمة بين فرسي الرهان، وعمل حسام البدري ولاعبوه نجوم الأهلي الأكثر خبرة والأفضل مهارة والأقوي دافعية علي اختراق الجدار العازل الفولاذي الذي اقامه التونسي نبيل معلول بمتاريس من أبناء باب سويقة بهدف خنق الملعب وتضييق المساحات امام انطلاقات أبوتريكة وزملائه .. وفي ظل الكفاءة العالية وفكر كل من حسام البدري ونبيل معلول، يمكن الجزم بأن نتيجة مباراة الذهاب بالأمس لا تعني الشيء الكثير في اتجاه حسم البطل وتحديده.. وأن معركة الجدار العازل ما بين بنائه وتحطيمه سوف تنتقل لا محالة إلي ستاد رادس يوم 71 الجاري. العلاقة الطيبة التي برزت علي سطح واجواء مباراة الذهاب وحتي قبل بدايتها ما بين الأهلي والترجي وتجلت في أفضل صورها عربيا ورياضيا بين قيادات الناديين ولاعبي ومدربي الفريقين الذين نزلوا بفندق واحد وتبادلوا اللقاء بالاحضان في ردهات الفندق بالاسكندرية، بل والاحترام الشديد بين جماهير الناديين .هذه الأجواء الايجابية التي سادت معسكري الفريقين تمهد لمواجهة تكتيكية جديدة ونظيفة وقوية في رادس، خصوصا ان التاريخ يؤكد هذا. نعم التاريخ يشهد بل ويجزم انه عندما تكون مواجهة الأهلي مع ناد تونسي شقيق، فالارض لا تلعب بالضرورة مع اصحابها بل وكثيرا ما ترحب بالضيف وتؤهله او تتوجه.عندما تتشابه الظروف المناخية إلي حد كبير، وتتطابق الظروف الثقافية والسياسية، بل ويسهل علي جماهير البلدين التنقل كل خلف فريقه.. تتلاشي بالضرورة الفوارق، وتذوب الفواصل وتتخلي الأرض عن اصحابها.. فلا فرق بين ضيف ومضيف.وحتي لا يزيد هذا الجمهور من فرحته واطمئنانه بعد نتيجة الذهاب بالأمس، او يغضب الجمهور الآخر ويغلق ويحبط، علينا العودة لاوراق واحكام التاريخ خاصة ما يتعلق بالأهلي واللعب مع التوانسة، الذي بدأ في العام 5891 حين كانت المواجهة الأهلاوية الاولي مع ابناء الزيتون، ووضع الأهلي بصمته الاولي في التفوق علي التونسيين باستاد المنزة يوم 3 مارس حين فاز بطل مصر علي مستقبل المرسي التونسي بهدف نظيف سجله لاعب الوسط مجدي عبدالغني، وعزز الأهلي تفوقه إيابا برباعية في شباك الحارس الفرجاوي لكل من اسامة عرابي والخطيب »بهدف اسطوري شهير« وعلاء ميهوب وحمدي ابوراضي، أما الترجي فكانت حكايته مع الأهلي حكاية تستحق ان تروي لان فيها الكثير مما يمكن انتظاره في رادس بعد موقعة برج العرب.تصافح لاعبو الأهلي والترجي لأول مرة في الملعب منذ 22 عاما، وتعادل معه الاهلي سلبيا في عقر داره بالمنزه يوم 42 أغسطس 0991، كما فرح الاهلاوية بالتعادل النظيف ذهابا في المنزه، احتفل زملاء معلول بتعادل نظيف في ستاد القاهرة، مؤكدين ان الأرض بدأت تؤكد تخليها عن أصحابها فيما بين الفريقين اللذين احتكما وقتها لركلات الترجيح ليفوز الترجي بها ويصعد لدور الثمانية لبطولة أبطال الدوري.وفي تأكيد غريب وعجيب علي تخلي الأرض عن أصحابها وانحيازها لضيوفها بكرم، جاءت مواجهة نوفمبر - ايضا نوفمبر - في نصف نهائي دوري الابطال عام 1002 وعلي ستاد القاهرة، انحازت الارض المصرية للاشقاء التونسيين بكل قوة وغرابة، وظلت عارضة مرمي الترجي صادمة والقائم صلبا في مواجهة فرص هادرة للاعبي الاهلي حتي ان احدي الكرات ظلت ترتد من العارضة ثم تسدد فيصدها القائم ثم تعاد فتصدها العارضة، ثم القائم الآخر، وكأن المباراة وقتها تؤكد تنفيذ »قسم الارض« بأن تكرم وفادة الضيف وتسانده لتنتهي هذه المباراة سلبية ليسافر الأهلي إلي تونس محملا بقلق جماهيره التي ظنته قد ودع البطولة خاصة عندما سجل البرازيلي اوملتون هدفا للترجي مبكرا باستاد المنزه يوم 71 نوفمبر، وعندما أيقن الجميع - باستثناء لاعبي الأهلي - أن بطل مصر ودع البطولة، تدخل »قسم الأرض« ليعلن انه حالف ليكرم الضيوف، وتعانق تسديدة مباشرة عجيبة من سيد عبدالحفيظ شباك الترجي في وقت قاتل ليتعادل الفريقان بهدف لكل ويصعد الأهلي ليتوج لاحقا علي حساب صن داونز الجنوب افريقي.والامر لا يتوقف عند حد الترجي مع الأهلي، بل ان بطل مصر في مسيرته الذهبية رفض الهزيمة في تونس امام النجم الساحلي وتعادل معه سلبيا وهزمه في القاهرة بثلاثية ليتوج ببطولة 5002 .ولا يمكن ابدا ان تنسي الذاكرة الكروية المصرية والتونسية ما حدث بين الأهلي والصفاقسي في نهائي بطولة 8002، عندما تعاطفت أرض ستاد القاهرة مع الضيف التونسي وأهدته تعادلا مهما بهدف لكل، ورتب ابناء صفاقسي لاحتفالية كبري في بلادهم، وأقاموا الزينات ووزعوا الشربات لكنهم نسوا حقيقة مهمة وهي ان الارض التونسية تعشق الاهلي وتقدر نجومه وتحب أبوتريكة فكان ان فتحت هذه الارض شباك الصفاقسي امام تسديدة تاريخية في وقت قاتل من أبوتريكة لتسكن المرمي وتحطم قلوب الصفاقسي وتعزز بقاعدة تاريخية للأهلي مع الكرة التونسية وهي ان »الارض تكرم ضيوفها«. ولتهدي احكام التاريخ الكروي الناصع بين الأهلي والأندية التونسية دروسا لجماهير الناديين في المواجهة الحالية، فالترجي كثيرا ما فرح في مصر والاهلي توج وفرح كثيرا في تونس.. ولا يجب وضع نتيجة لقاء الأمس في أي خانة للحسم او شبه التأكيد.