كرم سنارة ماذا يحدث في الدولة التي تحترم آدمية مواطنيها؟ ماذا تفعل الحكومات من أجل ضمان غذاء نظيف وآمن للمستهلكين؟.. ثم ما هي عقوبة من يخدع المواطنين بأغذية أكلتها الفيروسات والميكروبات قبل أن تصل إلي بطونهم؟ لن أذهب بعيدا في البداية استدعي من الذاكرة ما شاهدته وعايشته في سلطنة عمان في فترة التسعينيات.. مشهد تكررت رؤيتي له أمام محال السوبر ماركت.. كميات مهولة من المواد الغذائية ملقاه في صناديق القمامة.. منها ما بقي علي انتهاء صلاحيته أسبوعاً.. أو عشرة أيام.. ومنها ما بقي علي صلاحيته أكثر من شهر.. ولا يمكن أن تجد أمام الصناديق من يقومون بالتقاط هذه الأغذية سواء لاستهلاكها أو لتسليمها لتجار يقومون بإعادة طرحها للبيع بعد »تجديد تيكت الصلاحية«.. إنما تجد سيارات البلدية تقوم بحملها لإعدامها في الأماكن المخصصة لهذا الغرض.. وهذا يعني ان التاجر الذي يتم ضبط أغذية منتهية الصلاحية عنده يتعرض لعقوبة قاسية تشمل الغرامة والسجن والحرمان من التجارة لمدة سنوات!.. ويعني أيضا أنه لا يوجد موظف حكومة يتقاضي »المعلوم« مقابل ترك التاجر يتربح من بيع الأغذية بسموم ملوثاتها للجمهور »!« أما في أمريكا ودول أوروبا فإن التخلص من الغذاء منتهي الصلاحية يختلف عنه في سلطنة عمان وسائر دول الخليج.. هناك إذا اقتربت السلعة من موعد انتهاء صلاحيتها يتم بيعها بسعر منخفض مع تعريف المستهلك بذلك.. إما إذا أوشكت علي الانتهاء فإنه يسمح للتجار ببيعها إلي الدول النامية - وفي مقدمتها مصر- وهم بذلك يضربون عصفورين بحجر واحد.. تحقيق أرباح لتجارهم.. ثم توفير تكلفة اعدام هذه السلع بالمحارق. أما عندنا فحدث ولا حرج.. أغذية منتهية الصلاحية ترد إلينا من كل اتجاه.. تخرج من الموانئ بعد ان تكون فسدت.. وأمر تداولها لا يكلف المستوردين والتجار أكثر من »تفتيح المخ بالمعلوم« و»ضرب تيكيت« بصلاحية جديدة.. حدث هذا - ولايزال- في اللحوم والأسماك والدواجن والمعلبات بكل أنواعها.. حتي القمح الذي يستخدم في بلاد انتاجه علفا للماشية، استوردوه لنا فقدمناه للمطاحن وخبزناه ثم كافحنا في عناء الطوابير لنحصل علي أرغفة أكلناها رغم أنها معجونة بدقيق القمح الفاسد.. فالسلع والأغذية الفاسدة منتهية الصلاحية ليست جديدة علينا.. منذ سنوات طويلة ونحن نأكلها.. ونمضغها.. ونبلعها ونهضمها.. تتغذي ميكروباتها وفيروساتها علي أجسامنا.. وبعد ان تقهرنا الأمراض ندخل المستشفيات ونخرج منها إلي الآخر.. وفي النهاية نقول: »كلنا لها«! ومازاد الطين بلة ذلك القرار الذي أصدره المهندس حاتم صالح وزير التجارة والصناعة والذي يسمح بدخول السلع الغذائية المستوردة قبل انتهاء صلاحيتها ب42 ساعة فقط.. القرار كارثي ويسمح بإغراق السوق بنفايات الدول الأجنبية.. صحيح ان معدة المصريين كثيرا ماتم حشوها بهذه النفايات.. لكن فرق كبير بين أن يتم ذلك في الخفاء.. وأن يتم بقوة القانون!.. وصعب ان نشكو من السلع منتهية الصلاحية وهناك الضمير منتهي الصلاحية!