ب«الرأسي والأفقي».. التضامن: ربط 2600 وحدة مميكنة ضمن منظومة الشكاوي لتقديم أفضل خدمة    بعد ارتفاعه.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 29-5-2024 مقابل الجنيه المصري في البنك الأهلي    «المشاط» تبحث مع وزير التنمية البريطاني التعاون بمجال الزراعة والأمن الغذائي    منها مبادرة الحزام والطريق.. السيسي ونظيره الصيني يشهدان توقيع اتفاقات تعاون    كريم فؤاد: كورونا سبب انضمامي للنادي الأهلي.. وهذه نصيحة معلول لي    «شمال سيناء الأزهرية» تستعد لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية    جمهور السينما يتجاهل أفلام بيومي فؤاد في دور العرض,, ما القصة؟    لماذا أسلم البروفيسور آرثر أليسون؟    محافظ الدقهلية يشهد استلام مليون و250 الف ذريعة سمكية من اسماك البلطي    بغداد بونجاح ينضم لصفوف الأهلي.. شوبير يكشف الحقيقة    ليكيب: مبابي لم يحصل على راتبه من باريس منذ شهر إبريل    لصرف معاشات شهر يونيو| بنك ناصر الاجتماعي يفتح أبوابه "استثنائيًا" السبت المقبل    مصرع شخص إثر حادث انقلاب موتوسيكل في الشرقية    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخطف شاب في التجمع    "تعليم الجيزة" يكرم أعضاء المتابعة الفنية والتوجيهات وأعضاء القوافل المركزية    حريق يتسبب في تفحم محتويات شقة سكنية في منطقة الحوامدية    تحليل CNN: كشف المواقع والتفاصيل للغارة الإسرائيلية على مخيم النازحين الفلسطينيين    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    جوتيريش يدين بشدة محاولة كوريا الشمالية إطلاق قمر صناعي عسكري    بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    جيش مصر قادر    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحانات الدبلومات الفنية 2024    سؤال برلماني بشأن آلية الدولة لحل أزمة نقص الدواء    كأس مصر، موعد مباراة الجيش وبورفؤاد والقناة الناقلة    ماجواير يستعد لمحادثات حاسمة مع مانشستر يونايتد    وزير الإسكان يبحث وضع خطة عاجلة لتعظيم دور الهيئة العامة للتنمية السياحية    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    إدعى إصدار شهادات مُعتمدة.. «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا في الإسكندرية    ورش تدريب على ضوابط ترخيص البيوت الصغيرة لرعاية الأطفال في الدقهلية    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    الخارجية: مصر تلعب دورًا فاعلًا في عمليات حفظ السلام    اليوم.. انطلاق أول أفواج حج الجمعيات الأهلية    الجيش الإسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 10 في معارك رفح    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    فرقة aespa ترد على رسائل شركة HYPE للتخلص منها    السبت | «متحف الحضارة» يحتفي برحلة العائلة المقدسة    مصطفى كامل يهنئ الدكتور رضا بدير لحصوله على جائزة الدولة التقديرية    لجنة القيد تحت التمرين.. بداية مشوار النجومية في عالم الصحافة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم الأربعاء    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    60% للشركة و25% للصيدلية، شعبة الأدوية تكشف حجم الاستفادة من زيادة أسعار الدواء    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    مقترح إسرائيلي جديد لحماس لعقد صفقة تبادل أسرى    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    «شمتانين فيه عشان مش بيلعب في الأهلي أو الزمالك»..أحمد عيد تعليقا على أزمة رمضان صبحي    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرة إلي المستقبل
رسالة إلي وزير التعليم العالي ورئيس جامعة القاهرة
نشر في الأخبار يوم 18 - 10 - 2010

أما وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور هاني محمد محفوظ أمين هلال فقد كنت صديقا له قبل أن يصبح وزيرا، ولي معه ذكريات عزيزة. تمتد علاقتنا لسنوات طويلة مضت بدأت باهتمامه بالآثار المصرية، وبخاصة بمشاركته في العمل علي منطقة آثار أهرامات الجيزة. ربما لم تعجبه، بعد أن صار وزيرا، سلسلة من المقالات نشرتها في هذا المكان عما سميته بإلغاء مجانية التعليم الجامعي، وربما لم يقرأها أصلا. لم يعلق عليها علي كل حال حتي عندما قابلته بعدها صدفة في دار الأوبرا، وكلانا من زبائنها الدائمين. لكنه تكرم وضمني إلي مجلس علوم البيئة بأكاديمية البحث العلمي.
وأما الأستاذ الدكتور حسام محمد كامل محمود رئيس جامعة القاهرة فأنا لم التق به ولم أتحدث معه، وإن كنت قد أرسلت إليه من قبل خطابا أو اثنين لهما علاقة بوظيفتي الحكومية المؤقتة ، وإن طالت، كرئيس للجهاز القومي للتنسيق الحضاري. لكني أعرف تاريخه المشرف كأستاذ متخصص في أمراض الدم والأورام.
أما الرسالة المفتوحة التي أكتبها لهما الآن فهي متعلقة بالمكتبة المركزية القديمة لجامعة القاهرة . ولابد أنهما قرآ، وبخاصة رئيس الجامعة، المقالات التي نشرت عنها مؤخرا في كل الصحف الخاصة الصادرة في مصر تقريبا. وربما سمح لهما الوقت بمشاهدة موقع يوتيوب علي الإنترنت تحت عنوان المكتبة التراثية جامعة القاهرة. وإذا لم يكن قد سمح لهما أرجو أن يشاهدا مقاطع الفيديو المتعلقة بها، وبخاصة ذلك المقطع الذي صممه واحد من عشاق هذه المكتبة يستعرض فيه تاريخها ويبكي، حقيقة، علي واقعها مستعينا بشريط صوتي يبتهل الي الله، وكأنه يتوسل إليه توسلا شخصيا لإنقاذه !! فضلا عن مقطع آخر لتسجيل لبرنامج تليفزيوني يهاجم بضراوة ما يحدث لهذه المكتبة.
المدهش بعد ذلك أن شيئا لا يتحرك. ليس هناك أدني أثر لرد فعل علي ما نشرته الصحافة وما بثه التليفزيون وما سجلته الإنترنت.. وكأن كل من قاموا بذلك قاموا به في واد سحيق غير ذي قري وغير ذي زرع. أو قاموا به في كوكب المشتري الذي لم يصل اليه أهل الأرض.
طيب لنترك كل هذا.
أنا ذهبت برجلي إلي هذه المكتبة منذ حوالي الأسبوعين. لأنني ببساطة تأثرت بكل ما نشر وأذيع. ومن عاداتي الطيبة، وهناك أخري غير طيبة بالطبع، أنني لست (ودنيا). أي أنني لا اسلم بكل ما يصل إلي سمعي مباشرة، وأفضل أن أتحقق بنفسي مما يصلني. تجولت في المكتبة من البدروم حتي آخر طابق. ومررت علي كل المخازن والقاعات، وقابلت عددا كبيرا من العاملين فيها، وقرأت كثيرا مما يتعلق بها. ورأيت من واجبي ككاتب أن أكتب إلي الوزير ورئيس الجامعة بصفتيهما.
المشكلة، من وجهة نظري بعد كل ما رأيت وسمعت، ليست أولا في قرار مجلس جامعة القاهرة الذي اتخذه في العام الماضي، ولم ينفذه حتي الآن لحسن الحظ، بالموافقة علي مذكرة عنوانها (بشأن تجديد مبني المكتبة المركزية التراثي وإعادة توظيفها). وهي مذكرة للجنة تشكلت برئاسة رئيس الجامعة وعضوية الأستاذ الدكتور حسين خالد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا، وهو أستاذ أورام كرئيس الجامعة ، والأستاذ الدكتور أحمد زايد ، وهو أستاذ اجتماع، والأستاذ الدكتور محمود المناوي . اقترحت هذه اللجنة تقسيم مبني المكتبة التراثية بين المكتبة المركزية للجامعة وبين كلية الآداب. فجعلت المخازن للمكتبة والقاعات لكلية الآداب . وهو اقتراح لا علاقة له بعلم المكتبات ويقضي علي المكتبة عمليا لأنه لا يمكن فصل مخازن المكتبة عن قاعاتها. وقد اعتمدت هذه المذكرة علي رسم كروكي لطوابق المكتبة تلون بلونين: اصفر وأحمر. الأحمر تابع للمكتبة المركزية والأصفر تنتقل تبعيته لكلية الآداب.
المشكلة في قرار مجلس الجامعة هذا أنه اعتمد مذكرة متخصصة في موضوع المكتبة للجنة ليس من بين أعضائها متخصص واحد في علم المكتبات مع احترامي لهم جميعا، وفيهم صديقي الكبير الأستاذ الدكتور محمود المناوي وهو أحد رواد طب النساء والولادة في مصر، ومعروف عنه شغفه العظيم بالتراث وبالمتاحف العلمية ، وله أياد بيضاء في هذا المجال، وقد كتبت عنه هنا من قبل بمناسبة صدور كتاب له.
لذا اندهشت أن مجلس جامعة القاهرة، وهي أقدم جامعة مصرية ومن أهم جامعاتنا إن لم تكن أهمها، أتشرف بكوني أحد خريجيها، اندهشت أن هذا المجلس الموقر المكون من علماء ، لم يلجأ في بحث موضوع متخصص لعلماء متخصصين؟! بل ولم تلجأ هذه اللجنة الموقرة غير المتخصصة لأحد المتخصصين، وهم في متناول أيديهم كزملاء في قسم المكتبات العريق في كلية الآداب. حتي عندما قدمت رسما كروكيا لمخازن وقاعات المكتبة، لم تلجأ ولو لمعيد في كلية الهندسة التابعة للجامعة ذاتها!!
مع ذلك فليست هذه هي المشكلة الأهم للمكتبة التراثية لجامعة القاهرة من وجهة نظري، رغم المفارقة الواضحة، فالكلية بنت الجامعة والجامعة أم الكلية . لقد رأت اللجنة الموقرة ووافقها مجلس الجامعة الموقر أن تقسم المكتبة بين الجامعة وكلية الآداب . وكأننا نقسم تركة بين الورثة. وكأن كلية الآداب ليست لها مكتبة خاصة بها ، وكأنها لا تستحق مكتبة مستقلة بها، وإنما تقتسم قاعات مكتبة أخري ظلت تمارس دورها منذ أكثر من سبعين عاما. اليوم نجئ ليدخل وريث آخر للبيت الكبير فيحصل علي أجزاء من هذا البيت بعد سبعين سنة؟؟ أمر غريب..
المشكلة الأهم يا سيادة الوزير وسيادة رئيس الجامعة أن المبني الذي دخلته يعد مأساة في مباني المكتبات، كما يعد فضيحة علمية في مجال الجامعات. نحن في القرن الواحد والعشرين وقد زرت مكتبة تنتمي للقرن التاسع عشر. لم يتطور فيها شئ ولم يستحدث أو يحدث. بل تراجعت حالتها عما كانت عليه منذ تم بناء المبني التراثي وافتتح في 27 فبراير عام 1932!!
المشكلة الأخطر في مخازن المكتبة. رفوف من حديد ونوافذ من زجاج مفتوحة بالطبع لأنه لا يوجد تكييف في المخازن. فتدخل الشمس والهواء والتراب والحشرات والحيوانات والبشر كلها إلي هذه المخازن. لم يفكر أحد من أعضاء اللجنة الموقرة ولا من أعضاء مجلس الجامعة الموقر في حالة هذه المخازن. وأعتقد أن معظمهم لم يدخلوا هذه المخازن. وإن كانوا قد دخلوها فلماذا لم يبحثوا حالتها قبل إقرار تقسيم التركة؟
طيب، ربما عرف الأساتذة الأجلاء قيمة مقتنيات هذه المكتبة، وربما قرأوا عنها فيما نشر وأذيع وفيما هو موجود في هذه اللحظة علي الإنترنت. لذلك لن أكرر هنا المعلومات المتعلقة بقيمة مقتنيات هذه المكتبة النادرة والتي عاينتها بنفسي معاينة ظاهرة.
فإذا كان الحال كذلك، والمكتبة بقيمة مقتنياتها وقيمة تاريخها وتراثها ومبناها المعماري المتميز، هل فكر أحد من أصحاب القرار المتعلق بهذه المكتبة في الحفاظ علي هذه الثروة المعرفية وترميمها وتيسير الاستفادة منها؟ لقد رأيت العاملات والعاملين المخلصين في هذه المكتبة يحرصون علي ثروتها أكثر من حرصهم علي ثرواتهم الخاصة إن كانت لدي أحد منهم ثروة تذكر. وتحملوا العمل في قيظ الصيف ورطوبته، وقد زرتهم وأنا غارق في عرقي ، وبرودة الشتاء بلا شك. وبدلا من أن يلعنوا حظهم العاثر نظموا في مكتبتهم شعرا سمعته. ورأيت دموعا في عيونهم علي ما آل إليه حال المكتبة. وناضلوا، ولا يزالون، لإنقاذها غير مكترثين بقطع رزقهم ورزق أولادهم . واجتهدوا في (لف) المقتنيات النادرة في لفائف من البلاستيك ليحافظوا عليها.
أتحدث هنا كرئيس سابق لدار الكتب والوثائق المصرية. قلت لهم إن هذا خطأ علمي وإن دل علي حرصهم الشديد علي المقتنيات. لأن البلاستيك يتأثر بشدة بدرجات الحرارة الخارجية وإن حافظ علي نظافة ما بداخله. لكنهم لم يجدوا وسيلة أخري للحفاظ علي المقتنيات ولم يساعدهم أحد.
وإلي الأسبوع القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.