من المعلوم أن قيادة السيارة تتطلب مجموعة من الشروط ومعايير لابد من توافرها في قائد السيارة ومنها ضمان مهارات القيادة والعلم بقوانين المرور والإلمام بميكانيكا السيارات وفوق ذلك مجموعة من الشهادات الطبية التي تؤكد السلامة الذهنية والجسدية لقائد السيارة . فإذا كانت قيادة السيارة تتطلب كل هذه المعايير فكيف لنا أن نبدأ النهضة ونحن نترك مقاعد قيادة الدولة بلا ضوابط أو معايير جودة. ومع قيام ثورة 25 يناير فتحت الحرية أبوابها للجميع وتدافع الكل لاحتلال المقاعد والمناصب دون تدقيق ولاتمحيص , وأن بعضهم ينظر إلي هذه المقاعد كغنيمة للحرب مع الفساد والطغيان ويغفل عن أنها مقاعد تكليف ومهام ومسئولية وليست مقاعد تشريف أو تعويض عن حرمان أو تعذيب , وأنهم لاينظرون إلي أنه يجب أن تكون لكل مقعد متطلبات وضوابط ومعايير لجودة من سيحتل هذه المقاعد خاصة أن هؤلاء من سيشرعون لنا القوانين أو سيتخذون القرارات المصيرية نيابة عنا. ومن هنا نطالب بأن تكون هناك معايير جودة يجب توافرها في كل من يطلب الترشح لمقاعد الدولة السياسية أو التنفيذية ابتداء من رئاسة الجمهورية إلي الحقائب الوزارية والمحافظين إلي مقاعد مجلسي الشعب والشوري وانتهاء بالمجالس المحلية . ويمكن تلخيص بعض هذه المعايير في الآتي : 1-السن ولابد أن تكون لها حدود، فللسن أحكام نعلمها جميعا وما يحدث للإنسان مع تقدم العمر وما يسمي بأمراض الشيخوخة، فلا يعقل أننا لا نقبل الركوب في سيارة يقودها رجل مسن ثم نتقبل برجل مسن يجلس علي مقعد من مقاعد قيادة الدولة . وإذا كنا في حاجة إلي خبراته فليكن مستشارا لرجال السلطة . 2- توافر الحد الأدني من المعايير البدنية، ولا يعقل أن نقبل بأقل من تلك التي تطلبها شركات التأمين علي الحياة - كضمان لحقها في بضعة آلاف من الجنيهات ولا نضمن نحن الشعب حقنا في مصائرنا ومليارات الدولة . 3- سلامة الصحة النفسية والعقلية بشهادات من الكومسيون الطبي وما يضمن لنا ألا يجلس علي مقاعد السلطة أو التشريع من هو مريض بجنون العظمة أو حب تعذيب الآخرين أو الشعور بالنقص أو الميول الانتحارية أو الانتقامية أو غيرها من الأمراض العقلية والنفسية التي تؤثر في القرارات المصيرية للدولة. هذا بالإضافة إلي ضمان امتلاك القدرات النفسية والعقلية المناسبة للمنصب. 4- أن تكون لديه شهادة معتمدة من معهد علمي متخصص قبل الترشح للمقعد - يضمن لنا الحد الأدني من المعرفة السياسية والاجتماعية والعلمية والقانونية . فهل يعقل مثلا أن يقر ميزانية الدولة من يحمل الشهادة الابتدائية أو أن نترك التشريع لمن لايعرف الفارق بين القانون المدني والقانون الجنائي أو أن نعهد بمراجعة الاتفاقات الدولية لمن لايعرف أين تقع أمريكا أو أثيوبيا . ومن البديهي أن يجيد اللغة العربية فلا يصح أن يلقي مسئول بالدولة خطابا به أخطاء تدرس بالمرحلة الابتدائية . كما يجب أن يجيد إحدي اللغات الأجنبية كحد أدني حتي يمكنه التواصل مع العالم الخارجي. وأخيرا أرجو من الأحزاب السياسية أن تقوم علي تنمية كوادرها وأن تقدم لنا أعلاها كفاءة وعلما ولا تقدم أكثرها ولاء وطاعة . اللهم ولي علينا خيارنا وأكفاءنا وأحسننا خلقا وعلما ونعوذ بك أن يولي علينا الجهلاء وطلاب المال والسلطان ...... اللهم آمين. كاتب المقال : أستاذ بهندسة الاسكندرية