سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. عزة كريم تحدد روشتة علاج لأمراضنا الاجتماعية: الإخوان المسلمون بحاجة إلي فرصة قبل الحكم عليهم أطالب بقرية لأطفال الشوارع لتحويلهم لمواطنين صالحين و العشوائيات بيئة لتفريخ المجرمين.. وتطهيرها في صالح المجتمع
د. عزة كريم فى حوارها مع » الأخبار« الدكتورة عزة كريم استاذ الاجتماع والخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فتحت قلبها (للأخبار) وأعطتنا روشتة علاج لكثير من أمرضنا الاجتماعية بدأتها بتفاؤلها بحكم الاخوان وقالت لابد أن يأخذوا فرصتهم قبل الحكم عليهم.. ودافعت عن الثورة لأنها بريئة من سلوكياتنا التي تغيرت الي الأسوأ.. وانتقدت الاعلام وطالبته بأن يكون اعلاما حرا وحياديا وقائما علي الحقائق.. وبالنسبة لظاهرة أطفال الشوارع تمنت د. عزة تنفيذ نظام (القوافل) لمساعدتهم.. وأكدت أن حل مشكلاتنا يبدأ بإصلاح التعليم.. العديد من آرائها الجريئة في الحوار التالي: هل للثورة علاقة بما تشهده البلاد الآن من فوضي كما يدعي البعض؟ نحن في مرحلة انتقال و هي مرحلة صراع بين القديم والجديد فالنظام القديم كان يثبت أقدامه جيدا في جميع مفاصل الدولة، كما أن له أعوانا في كل مكان وبالتالي ما يهمه هو اظهار دائما أن الثورة فشلت إلي حد القول السييء بأن ثورة 52 يناير ليست بثورة.. ولكن المشكلة الأكبر ليست في النظام السابق وأعوانه بل في الاعلام.. هل للاعلام دور فيما يحدث الآن علي الساحة؟ بالتأكيد لأن 90٪ من الاعلام لا يركز سوي علي السلبيات فقط بغرض إظهار البلاد وكأنها في حالة عدم استقرار.. ولقد أعلنت صراحة بأن اعلام الفضائيات اعلام مغرض، يقوم علي التحريض والادعاءات الكاذبة فهو بذلك يخطو خطوات ضد الثورة وبما أن الشعب لا يستقي معلوماته سوي من الاعلام فمن الطبيعي أن يشعر الناس بأن كل ما يحدث في المجتمع من مشاكل لابد وأن يكون سببها الثورة. اذن فما هي الرسالة التي توجهينها للاعلام؟ أنا اطالب بأن يكون الاعلام محايدا وحرا، ويقوم علي الحقائق وليس الادعاءات غير الصحيحة، وأن يدعو ضيوفا ينتمون الي كل التيارات المختلفة سواء كانوا متفقين مع توجهاته أو العكس، وعدم المبالغة في نقد الاخوان وأن يتركوا الفرصة لمن جاء بالانتخاب أن يحكم واذا ما أساء فلننتقده بشكل علمي واذا كان العكس فلننتظر. كيف تفسرين كثرة الاضرابات والاعتصامات التي حدثت خلال الشهرين السابقين؟ انها مرحلة انتقالية فالفئات التي تشعر بأنها تعرضت لظلم كبير طوال العهد السابق تري أنها اذا ضغطت علي الحكومة بالاضرابات والاعتصامات فستحصل علي ما تطلبه مقلدة بذلك مجموعات سبقتها وحصلت علي بعض الامتيازات.. طبعا هذه وجهة نظر خاطئة لأن تلك الاضرابات تعطل عجلة الانتاج، وتوقف العمل في المؤسسات والمصالح المختلفة وبذلك تكون الخسائر بالملايين.. أنا أعتقد أن نسبة كبيرة من هذه المظاهرات الفئوية أساسها التحريض فنحن كإجتماعيين دائما ما نقول أن السلوك الجماعي ممكن أن يستفز من خلال عقل منظم لفرد. أطفال الشوارع قنبلة موقوتة يعاني منها مجتمعنا من قبل الثورة ولكن زادت خطورتها عندما تم الزج بهم واستخدامهم في الإضرار بالمنشآت العامة في أحداث مؤسفة سابقة.. فكيف نعالج تلك المشكلة من جذورها؟ قضية أطفال الشوارع هي شغلي الشاغل.. بعد الدراسة المتأنية اكتشفنا وجودهم بالقاهرة والأسكندرية والمدن أما في القري فلا أثر لهم بالرغم من أن القري أكثر فقرا من المدن. السبب في ذلك يرجع الي الترابط الاجتماعي الذي مازالت تحرص عليه الأسر الريفية.. بينما في المدن أطفال الشوارع يخرجون من المجتمعات العشوائية والبيئات الشديدة الفقر ولا أقصد هنا الفقر المادي ولكن الفقر السكني حيث توجد أسر مكونة من 10 أشخاص يعيشون كلهم في مسكن مكون من غرفة واحدة بالاضافة الي سوء المعاملة فتكون النتيجة أن الطفل يهرب الي الشارع حيث يلبي له الشارع جميع احتياجاته فهو يأكل ويشرب ويحصل علي دخل لا يقل عن 40 جنيها يوميا يتكسبها من السرقة والتسول وبيع المخدرات وممارسة الجنس.. ولكن أين دور المؤسسات التي تم انشاؤها لرعاية هؤلاء الأطفال؟ لقد فشلت كل الاجراءات التي تم اتخاذها لحل هذه المشكلة فطفل الشارع لا يحب النظام ويكره القيود لقد اجرينا في المركز بحثا علي 1000 طفل وكنت أحرص دائما علي وجود عبارة "هل تفضل العودة الي أسرتك أم العودة الي الشارع؟" في كل استمارة فكل الاجابات بدون استثناء العودة الي الشارع. هل طفل الشارع يعمل تحت قيادة بلطجي يفرض سيطرته عليه ويوجهه؟ كنا نعتقد ذلك ولكن اكتشفنا أن أطفال الشوارع يتركون أماكنهم لأماكن أخري بظهور أحد البلطجية الذي يحاول فرض سيطرته عليهم.. طفل الشارع ملك نفسه يفعل ما يريد وكلما كبر في السن كلما تعلم طرقا وأساليب جديدة أخري للحصول علي النقود الحرام.. أما مشكلة الجانب الأسري بالنسبة له فهو يعوضها بالصداقة فأنا لم أر علاقات قوية كالتي بين أطفال الشوارع يجمعهم الترابط والتكافل الاجتماعي بمعني من معه يعطي لمن ليس معه. الأهم من ذلك أن أطفال الشوارع يعانون من كارثة كبري.. يوجد ما يقرب من مليون طفل شارع بالمجتمع ليس لهم أي هوية اذا ما تعرض منهم أحد للتعذيب أو القتل لن يشعر أحد بهم. فما العلاج اذا؟ أولا: لابد من تجفيف المنابع التي تفرز لنا أطفال الشوارع كإصلاح التعليم وجعله تعليما سهلا يستوعب هؤلاء الأطفال فلا يهربون منه، وتشغيل من يعولون الأسر الفقيرة، وعمل نظام القوافل فلقد وجدنا انه الأنسب والأفضل فتلك القوافل المكونة من مجموعات من وزارات الشئون الإجتماعية والصحة والتعليم تنزل الي المناطق العشوائية وتمر علي الأسر ليتعرفوا علي مشاكلهم ويحاولوا حلها وبالتالي ستقل مشاكل تلك الأسر الفقيرة ويحدث تحسن في أحوالها فينعكس علي أطفالها. ثانيا: أقترح أن نبني قرية لأطفال الشوارع وليس مجرد مؤسسة .. القرية ستكون مكان للتجمع يوفر فيه للطفل جزءا كبيرا من حريته بمعني أن يعيشوا مجتمع الشارع ولكن بضوابط أخلاقية وذلك تحت اشراف مشرفين متخصصين وحاصلين علي تدريب جيد جدا.. وتدريجيا يتم تعويد الأطفال علي النظام ثم نفرض عليهم التعليم بالتدريج. أكدت أن العشوائيات هي المنبع الذي يفرز الإجرام بمختلف صوره إلي المجتمع.. فكيف نقضي عليها؟ في البداية لابد أن نفسر معني العشوائيات وهو البناء بدون الالتزام بالتخطيط العمراني.. توجد عشوائيات مواصفات بنائها جيدة ولا ينقصها سوي أن تدعمها الدولة بتوصيل جميع المرافق العامة اليها أما العشوائيات الوسطية فهي مبان غير جيدة وتفتقر الي النواحي الصحية سواء في حجم المساحة أو التخطيط وهذه لابد أن تخضع تعديل ما يمكن تعديله، أما العشش والعزب فهي أخطر نوع ولابد من ازالتها تماما فهي التي تفرز مجرمي مصر كلهم وفيها تمارس أسوأ السلوكيات في الشارع لحل هذه المشكلة لابد من ايقاف المباني في تلك المناطق مع رفع الغرامات وتغليظ عقوبة البناء بدون ترخيص وعمل حصر دقيق لهذه المناطق وضع خطة سليمة لإزالة ما يجب ازالته مع مراعاة الدولة لعادات ساكني العشوائيات، وارتباطهم بتلك المناطق بسبب مصالحهم الموجودة بها، والأهم مراعاة ظروفهم المادية فاذا ما تم نقلهم الي أماكن بعيدة فهم لا يملكون ثمن المواصلات التي يحتاجونها يوميا للانتقال.. أنادي دائما بتوزيع العشوائيات فما المانع من تخصيص جزء من مدن الشباب لساكني العشوائيات؟ والهدف من ذلك الخلط تغيير عاداتهم وتقاليدهم ثم ستتلاشي سلوكياتهم السيئة شيئا فشيئا ويصبحون إيجابيين داخل المجتمع، أما السياسة الإنعزالية التي مازالت تفرض عليهم ستحول أي منطقة ينتقلون اليها الي عشوائية جديدة. بمناسبة الحديث عن السلوكيات.. لماذا تغيرت سلوكياتنا بعد الثورة؟ وهل الثورة هي السبب؟ لكي لا نظلم الواقع سلوكياتنا سيئة من قبل الثورة.. بل علي العكس سلوكياتنا كانت شبه مثالية في بداية الثورة والدليل علي ذلك ما شهده ميدان التحرير من تجمع أعداد غفيرة مختلفة في الثقافة والعمر والنوع ولم نسمع عن أحد عاكس أنثي حتي أن الدول الأوروبية كانوا يشيدون بسلوكياتنا.. هذا معناه أن سلوكيات الإنسان تنتج من ظروفه.. شعر الناس أوائل الثورة بالأمل والتفاؤل والتغيير فقرروا أن يكونوا مواكبين لهذا التغيير ولكن مع مرور الوقت تغير الحال بسبب البطالة والفراغ الأمني والوقفات والاعتصامات والمظاهرات.. كل تلك الظواهر التي شهدتها المرحلة الانتقالية أدت إلي ظهور السلوكيات السيئة مرة أخري.. فالسلوكيات الخاطئة يطلق عليها الإجتماعيون سلوكيات انفعالية.. اذا أقمنا العدل الاجتماعي والاقتصادي بالتأكيد سنصبح في حال أفضل باذن الله.