أحمد طه النقر إعتذر اللاعب الموهوب محمد ابو تريكة عن عدم لعب مباراة السوبر التي ستجري اليوم تضامنا مع جماهير »الاولتراس« الاهلاوي التي تطالب بالقصاص لشهداء مذبحة استاد بورسعيد قبل إستئناف المباريات المحلية. وأيد مطالب جماهير الاهلي كذلك »أولتراس« الزمالك والاسماعيلي، وذلك موقف محترم يستحق التحية والتقدير لأنه يتسامي علي الولاءات الضيقة والتعصب للأندية وينحاز لقضية مبدئية ومطلب ثوري وإنساني وقانوني مشروع.. هذا الموقف الإنساني الجريء سيفتح النار علي أبو تريكة، وخاصة من إدارة النادي والمسئولين عن صناعة كرة القدم في مصر الذين يرفعون شعار عودة المسابقات المحلية في كرة القدم فورا، وبأي ثمن، لأن هناك نحو أربعة ملايين شخص يعيشون علي هذه الصناعة.. بل أتوقع أن يرفع كهنة مجلس الإدارة في وجه أبو تريكة شعار »الاهلي فوق الجميع«، ذلك الشعار العنصري المقيت الذي رفضته علي الدوام رغم أنني من الاعضاء العاملين في النادي!!.. وأرجو ألا يقع المسئولون في النادي الأهلي في هذا الخطأ أو الخطيئة متوهمين أن في إمكانهم »حرق« ابو تريكة أو تشويهه وذلك للاسباب الآتية.. أولا.. يرفع نادي القرن العريق وغيره من الاندية المصرية والعالمية، بل وجميع مَن يعملون في حقل الرياضة في كل الدنيا ومنذ الاغريق وحتي يومنا هذا، مبدأ »الأخلاق أولا«.. وابو تريكة اختار موقفا أخلاقيا بإمتياز عندما إنحاز لمطالب جماهير ملتزمة ومخلصة لناديها الي ابعد الحدود، بأن تأخذ العدالة مجراها، وبأن يتم القصاص العادل من قتلة رفاقهم وأصدقائهم الذي لفظوا انفاسهم الاخيرة في مذبحة مروعة بينما كانوا الي جوارهم كتفا بكتف يرددون هتافهم الأثير الذي يُعلي من قدر الأهلي ويقدسه »يوم ما ابطل أشجع الاهلي.. هاكون ميت أكيد«!!.. وهذا مطلب تؤيده جميع القوي الثورية والوطنية التي تتفق مع جماهير الاولتراس علي ضرورة القصاص قبل استئناف المباريات، وخاصة أن السوابق والمقدمات تشير الي ترجيح تبرئة القتلة كما حدث في كل محاكمات من تورطوا في قتل أجمل وانبل وأطهر شبابنا منذ 25 يناير 2011 وحتي كتابة هذه السطور!!.. ويري هؤلاء، وأنا معهم، ان هناك محاولات مكشوفة »للطرمخة« علي جرائم قتل الثوار، وطي هذه الصفحة تماما تحت ذريعة المصالحة الوطنية والعفو عما سلف والنظر الي المستقبل.. ويري البعض أن ذلك ربما يصادف هوي لدي مَن يتولون السلطة حاليا والذين يفضلون إغلاق الجروح وتجاوزها حتي تستقر الامور ويخلو لهم وجه الوطن.. ولكن يجب ألا ننسي أن إغلاق الجروح علي »قيحها« دون تطهيرها هو الكارثة بعينها.. وأن حق الشهداء لن يضيع مهما كانت التضحيات.. ثانيا.. أعتقد أنه حان الوقت ليعرف المصريون عن حق وعن كثب حقيقة جماهير الاولتراس.. هؤلاء الشباب النبلاء الذين تبدأ أعمارهم من الثانية عشرة، وربما العاشرة، وحتي العشرين فما فوق.. ويتمتعون بدرجة عالية من التنظيم والإنضباط والولاء لناديهم، فضلا عن التحلي بمستوي مرتفع من البراءة وحُسن الخُلُق والأمانة والمروءة، رغم تحفظي المبدئي علي اقتحامهم للنادي او إتحاد الكرة.. أيضا يتميز شباب الاولتراس بقدرة ابداعية فريدة تظهر بجلاء في هتافاتهم ولوحاتهم.. وأذكر هنا لوحة رائعة رسموها في المدرجات باجسادهم وألوان ملابسهم لوجوه رفاقهم الذين كانت قد اعتقلتهم شرطة النظام المخلوع.. والحقيقة الساطعة كنور الشمس في رائعة النهار، والتي يحاول البعض تجاهلها أو التعتيم عليها لأغراض لا تخفي علي لبيب، أن شباب الاولتراس، وخاصة جماهير الاهلي والزمالك، لعبوا دورا رئيسيا في نجاح وحماية ثورة 25 يناير.. وهم الذين قاموا بالدور الاساسي في حماية المتظاهرين في الميدان أثناء ما عرف باسم »موقعة الجمل«.. ومَن يعرف روح التضحية والفداء لدي شباب الاولتراس يدرك أنه لولا دورهم المحوري في هذه الموقعة لكان مسار الثورة قد تغير تماما.. هناك دور لا يُنكر قام به شباب الإخوان والتيارات الإسلامية الاخري في حماية الميدان بالتعاون مع شباب الثورة، ولكن الدور المحوري الأهم قام به شباب الاولتراس، وهذه شهادة لله والوطن والتاريخ والحقيقة من شهود عيان كانوا في الميدان.. وعندما يُكتب تاريخ الثورة بصورة علمية موثقة ومجردة من الهوي والغرض سيعرف المصريون والعالم قدر وقيمة وقامة هؤلاء الابطال وسنهتف معا »إرفع راس فوق.. إنت أولتراس مصراوي«.. ثالثا وأخيرا.. كنتُ واحدا ممن إنتقدوا تبني أبو تريكة وغيره من نجوم الاهلي موقفا سياسيا منحازا لأحزاب ومرشحين بعينهم أثناء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية.. وكان أملي أن ينأي نجوم الكرة عموما بأنفسهم عن الخوض في معترك السياسة وعن خلط الكرة بالسياسة والدين.. ولكن الموقف الاخير لنجم مصر المحبوب ينحاز للاخلاق والعدالة والثورة وحق الشهداء في القصاص ممَن قتلوهم.. وهو موقف يؤيده شباب الثورة وجميع القوي الوطنية التي تصر علي القصاص العادل من قتلة كل شهداء الثورة.. بل إنني ازعم أن معظم جماهير الاهلي تؤيد موقف نجمها أبو تريكة حتي لو فقد النادي كأس السوبر لأن الأخلاق والحق والعدل أولا كما تعلمنا من تاريخ وأدبيات نادي القرن!!..