محمود عارف قال المنافقون: نحن مع كل رئيس حاكم، حتي يصبح رئيساً سابقاً، عندئذ نفقد الحاجة إليه، وبالتالي يفقد ولاءنا له الأحد: قررت ان ارجئ الحديث مؤقتا حتي تهدأ »الهوجة« التي صاحبت التغييرات الصحفية في مناصب رؤساء تحرير الصحف القومية.. ولكني وجدت من المناسب عدم السكوت، لأن الساكت عن قول الحق شيطان مشارك، وليس شيطانا أخرس.. وفي حقيقة الأمر، لم يكن هدف هذه الهوجة الحرص علي حرية الصحافة، والارتقاء بمهنة الشرف والكرامة، المدافعة عن الحقوق والحريات والحق في التعبير واحترام الرأي الآخر، أو كشف كل ألوان الفساد المالي والإداري والسياسي الذي انتشر كالوباء في مفاصل الدولة العميقة، العريقة الغارقة في الفساد لشوشتها. لقد كان هدف »الهوجة« الحفاظ علي المكاسب المادية التي حققها عدد كبير من زعماء هذه »الهوجة«.. وان غلفوها بالوقوف إلي جانب رؤساء التحرير الذين تم تغييرهم، وليتهم كانوا من أبناء المؤسسات، بل كانوا من الوافدين الذين سطوا علي صفحات الرأي بدعم ومباركة رؤساء التحرير السابقين، واتخذوا من هذه الصفحات منصات لاطلاق ترهاتهم وأكاذيبهم.. والذين تقاضوا عنها آلاف الجنيهات من دم العاملين بهذه المؤسسات المسطو عليها. والرؤساء الجدد، لم يهبطوا علي بلاط صاحبة الجلالة الصحافة من المريخ، كما كان يحدث من قبل، بدءا من عام تأميم الصحافة في 42 مايو 0691، وعلي مدي 25 عاما.. طوال حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والرئيس الشهيد محمد أنور السادات، والرئيس السابق محمد حسني مبارك.. وكان الصحفيون يرحبون دائما بهذه التغييرات، ويباركونها ثم جاءت ثورة 52 يناير 1102، وتولي زمام الحكم المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. وسار علي نفس النهج، ولم نسمع لزعماء »الهوجة« صوتا يحتج أو يدين أو يشجب.. لسبب بسيط ان التغييرات التي كانت تتم تصب في صالحهم، ولما تعارضت التغييرات الجديدة مع مصالحهم، رفعوا شعارات: أخونة الصحافة.. ولا للدولة الدينية.. نريدها مدنية، مدنية.. والملاحظ ان الذين عينوا، حسب علمي، وأنا اعيش الوسط الصحفي علي مدي 05 عاما، ليس بينهم إخواني واحد.. قد يكون البعض »متدينا«.. وتلك جريمة في هذه الأيام.. وفق معايير زعماء »الهوجة«. كنت أتوقع ان يكون صخب وعويل زعماء الهوجة من أجل حماية مهنة الصحافة من الدخلاء عليها الذين جعلوها »سبوبة« للاسترزاق.. وضد صحف »بير السلم« المليئة بالقذف والسب والتطاول علي خلق الله، والخوض في الأعراض.. بلا وازع من خلق أو ضمير.. ودون سند من الحق والعدل والقانون. كنت أتوقع أن يقف زعماء »الهوجة« صفا واحدا مع الجماعة الصحفية من أجل قانون جديد لنقابة الصحفيين، يحفظ للمهنة كرامتهاويصونها من الترخص والابتذال، ويحفظ حقوق أبناء النقابة، هذا القانون المسخرة والمخجل الذي صدر منذ عام 0791 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبه من المواد ما يندي لها الجبين، القانون الذي حول الكتاب والمفكرين إلي موظفين، ويحيلهم علي المعاش عند بلوغهم سن الستين، مع ان الفكر لا يحال إلي المعاش، مادام الكاتب والفنان قادرا علي العطاء، هذا القانون المخجل الذي أعطي رئيس التحرير، ورئيس مجلس الادارة الحق في استمرار الصحفي في عمله عاما بعد عام.. ويظل التجديد رهنا برضاء رئيس التحرير.. وإلا فالشارع في انتظاره، بلا رعاية صحية له ولأسرته، وأسألوا زميل العمر الأستاذ جلال السيد مدير تحرير »الأخبار« السابق شفاه الله وإذا شاء الحظ العاثر، واجبرت الظروف الصحفي علي تقاضي معاش النقابة، وهو معاش هزيل لا يتعدي 004 جنيه شهريا، وللانصاف فقد بذل النقيب الحالي الأستاذ ممدوح الولي جهودا مشكورا حتي أمكن له مضاعفة المعاش إلي 008 جنيه شهريا.. ولكن امام غلاء المعيشة، وارتفاع أسعار الأدوية، فانه لا يغني ولا يسمن من جوع.. وإذا شاء الحظ العاثر للصحفي واجبرته ظروف الحياة علي تقاضي معاش النقابة، يحكم عليه القانون بالموت وهو علي قيد الحياة، فلا يحق له العمل في الداخل والخارج.. وينقل اسمه من جدول المشتغلين إلي جدول غير المشتغلين، وإذا ضبط متلبسا بالعمل، يقدم للتحقيق وتقوم النقابة باسترداد ما تم صرفه للصحفي بالتحايل علي القانون.. ولقد كان القضاة، واعضاء هيئات التدريس بالجامعات أكثر احتراما لأنفسهم ولمهنتهم، فقد صدرت لهم قوانين خاصة تعطيهم الحق في الاستمرار في أعمالهم مدي الحياة، دون تدخل من أحد.. وليس وفق الهوي والمزاج.. متضمنة مرتبات عالية.. بل ان القاضي عندما يبلغ سن السبعين ويحال إلي المعاش يكون في انتظاره فرصة رئاسة احدي لجان فض المنازعات بين العاملين وجهات عملهم..، وهي وظيفة قضائية.. أما الصحفيون، والكتاب والمفكرون فلا قيمة لهم ولا وزن.. وعندما لاحت في الأفق بوادر إصلاح، مجرد اصلاح طفيف، ولا أقول تطهير، لأن مشرط الجراح لم يمتد بعد إلي الجسد الصحفي المثخن بالجراح، والأمراض.. لاستئصالها، حتي يصح الجسد ويتعافي، ويؤدي رسالته في الحياة، فكرا نافعا، وسلوكا كريما، في وطن عزيز. وأقول لزعماء »الهوجة«.. اختشوا، فقد سئمناكم، وكشوف البركة والعطايا موجودة. والله حليم ستّار..!. في أصول المهنة قال أمير الصحافة المصرية الأستاذ محمد التابعي: خير لي ان يفوتني خبر، من ان أنشر سبقا كاذبا.. هل تعي صحافة »بير السلم« هذا الدرس؟! الرئيس.. ملكية عامة قال توماس جيفرسون واضع الدستور الأمريكي: عندما يتولي الإنسان منصبا عاما، فإن عليه ان يعتبر نفسه ملكية عامة، فينسي نفسه ليحافظ علي تلك الملكية، إذ لا سبيل للتنازل عنها، وكأنه نفسه قد صار ملكا للجميع، ولا خير فيمن لم يضف ليحقق آمال وطموحات الشعب. وحشتونا.. وحشتونا بجد.. وحشتنا تصريحات المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة بالقاهرة.. كان المستشار يزمجر ليل نهار عبر الفضائيات والصحف مهددا ومتوعدا أول رئيس جمهورية مدني منتخب بعد ثورة 52 يناير بعد حكم عسكري دام أكثر من 06 عاما، لم يعد للمستشار »حس ولا خبر«، وما مصير المهلة التي حددها لرئيس الجمهورية ب63 ساعة حتي يعدل عن قراراته، وإلا.. والسؤال الآن هل انجز المستشار تهديده بغلق المحاكم بالضبة والمفتاح امام المتقاضين.. يبدو أنها تصريحات »فشنك«.. ذهبت أدراج الرياح. د. مرسي لم يعد رئيساً وأين ذهبت تصريحات المستشار عبدالمنعم السحيمي رئيس نادي قضاة طنطا.. وهل مازال مصراً عليها بأن الدكتور محمد مرسي لم يعد رئيسا لمصر.. وهل مازلت عند كلمتك ان مصر تعيش الآن في فراغ رئاسي..؟! المستشارة تهاني وبالمناسبة، أين المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية، لماذا خفت صوتها في هذه الأيام، وتوارت صورتها التي كانت تملأ الفضائيات والصحف.. وأين ذهبت تهديداتها؟! السادة المستشارون.. لا أسكت الله لكم صوتا علي كل حال: وحشتونا.. وحشتونا.. وحشتنا تصريحاتكم.. الفقية الدستوري شاعت في بلادنا، وعبر الفضائيات والصحف كلمة: الفقية الدستوري.. شأنها في ذلك شأن: الناشط السياسي، والخبير الاعلامي، والخبير الاستراتيجي.. والاجتماعي والاقتصادي.. إلخ.. والجميع يجمعهم خيط واحد: انهم لا يفرقون بين الألف وكوز الذرة! وإذا كان لدينا هذا الحشد الهائل من الخبراء، علي كل لون، لماذا أصبح حالنا مائلاً؟! وبماذا نفسر التخلف العلمي والحضاري والسياسي، الذي يضرب أطنابه في كل أمور حياتنا.. وفي تصرفاتنا، وسلوكياتنا الرديئة..؟! وبمناسبة انتشار ظاهرة الفقية الدستوري، سألت د. أحمد بلال أستاذ القانون والعميد السابق لكلية الحقوق جامعة القاهرة عن الأسباب التي أدت إلي انتشار هذه الظاهرة، ظاهرة الفقية الدستوري.. قال الأستاذ العميد: مجرد وجاهة اعلامية.. أو قل »سبوبة«.. انها بدعة اخترعتها الفضائيات والصحافة.. وكل بدعة ضلالة.. وباقي الحديث معروف. لقد أحدث الفقهاء ارباكا في المجتمع، نتيجة الهوي والمصالح.. حتي أصبح ما يقولونه في الصباح يغيرونه في المساء! ولقد طاف بذهني خاطر، ان ادعو إلي إغلاق مؤقت لكليات القانون.. حتي يمكن ان يتخلص الشعب من الآفات الضارة التي لحقت بشجرة القانون ومن السخافات والترهات التي أفسدت حياتنا السياسية، وكل عمل مفيد.. يا أهل القانون.. دماغنا وجعنا.. من فضلكم لحظة سكوت لوجه الله والوطن! أبي.. علمني السياسة! من الكلمات التي امتلأت بها الساحة السياسية كلمة: ناشط سياسي، دائما تجده علي كل الموائد، وفي البرامج الحوارية يفتون في كل شيء، ولا قيمة لما يقولون.. ولم نسمع يوما ان الناشط السياسي قدم نفسه للجمهور الذي يتحدث إليه عبر الفضائيات أو الصحف، انه مهندس أو طبيب.. أو فلاح أو عامل.. ولم يتحدث عن دوره في تنمية وتقدم مجتمعة، والبيئة التي يعيش فيها حتي يكون جديرا بكلمة ناشط سياسي أو بكلمة مواطن صالح. لقد أصبحت كلمة ناشط سياسي تعني انه إنسان عاطل.. وبالمناسبة صحتها اللغوية: متعطل، وهو الشخص الذي يبحث عن عمل، أما لفظ عاطل، فيطلق علي المرأة الخالية من الحلي! وقد يكون بالبرامج الحوارية أكثر من ناشط.. ويتكلمون في صوت واحد.. ولا تفهم منهم شيئاً وماذا يقولون، وفي أي أرض يحرثون، وغالبا ما تكون آراؤهم وأفكارهم سطحية أو مثيرة للفتنة، ونشر الأكاذيب والاشاعات.. ولقد وجد بعض المتعطلين في كلمة ناشط سياسي مهنة مربحة تدر عليهم أموالا دون تعب. وتذكرنا هذه الكلمة بقول حكيم لتشرشل الزعيم السياسي البريطاني والقائد المنتصر في الحرب العالمية الثانية، ورئيس وزراء انجلترا، عندما جاءه ابنه يقول له: أبي.. أريد أن أعمل بالسياسة.. قال تشرشل لابنه: الآن تعمل بالسياسة قال الابن متعجبا: الآن أعمل بالسياسة؟! قال الأب: نعم.. أنت الآن تنفق من جيب غيرك!! وكأن تشرشل يعيش بيننا الآن؟! في روضة الشعر قال الشاعر: متي يبلغ البنيان يوماً تمامه إذا كنت تبني وغيرك يهدم اصبر علي كيد الحسود فان صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها إذا لم تجد ما تأكله فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً فليقسوا أحيانا علي من يرحم تأملات اعتقد اننا الدولة الوحيدة في العالم التي يقوم أمواتها من مرقدهم مع مطلع كل شهر، ليتقاضوا معاشهم الشهري.. واقرأوا محاضر الشرطة »!!«