محمد وجدى قنديل كيف يمكن ألا يتكرر ما حدث في رفح الحدودية »شمال سيناء«؟ وكيف يمكن منع الهجمات الإرهابية علي مراكز كمائن قوات حرس الحدود التي تضبط الخارجين علي القانون وتحرس الموقف الأمني علي الحدود المصرية أو التسلل عبر مائة وثمانين من الانفاق تحت الأرض؟ وكيف يمكن ان تفرض مصر سيادتها دوما علي كل شبر من أرض سيناء - الشمال والوسط والجنوب - وتحمي حدودها من الاختراق؟ وكيف يتم القضاء نهائيا علي الإرهاب والجماعات المتطرفة التي ترفع الرايات السوداء وتطهر سيناء منها ومن أوكارها؟ فإن ما حدث من هجوم غادر علي وحدة حرس الحدود جنوب رفح - من تلك العناصر المتطرفة بالاسلحة الحديثة كان لابد ان يقابل بكل الحسم والقوة من جانب القوات المسلحة »الجيش الثاني الميداني« باعتبار ان ما حدث هو اعتداء علي الجنود المصريين وعلي السيادة المصرية وانتهاك صارخ وتحد لسلطة الدولة والأمن القومي المصري.. فإن سيناء ليست أرضا مستباحة وليست خارجة عن السيطرة وليست خاضعة لتلك الجماعات الإرهابية وعصابات المتطرفين الهاربين في قطاع غزة وفي منطقة الشيخ زويد وفي جبل الحلال. الواقع ان مناطق رفح والعريش والشيخ زويد ظلت لسنوات خارج السيطرة الأمنية الكاملة بسبب عدم كفاية قوات حرس الحدود ومحدودية تسليمها في المنطقة ج »قرابة 800 جندي« حسب اتفاقية السلام »البنود العسكرية« وكانت سبب في الخلاف بين المشير الجمسي وبين هنري كيسنجر عند تحديد التواجد العسكري المصري وعدد القوات المسموح بها في المناطق الثلاث أ. ب. ج ولكن تدخل السادات وطلب من المشير الجمسي الموافقة علي طلبات كيسنجر - لصالح إسرائيل - والتنازل عن جزء من عدد القوات المصرية اللازمة ونوعية تسليحها في البنود العسكرية وحدث شبه صدام بين السادات والجمسي الذي اضطر للموافقة وصارت سيناء بذلك شبه منزوعة السلاح! وهكذا أدت البنود الخاصة بالتواجد العسكري للقوات المصرية في سيناء بمرور السنوات إلي ضعف السيطرة الأمنية علي المنطقة ب وعلي المنطقة ج - علي خط الحدود - وأدي ذلك إلي تردي الوضع الامني.. وبموجب تلك البنود في اتفاقية السلام فإن سيناء تنقسم إلي ثلاث مناطق: المنطقة أ. ويحدها من الشرق الخط الاحمر ومن الغرب قناة السويس وتتواجد فيها قوات عسكرية مصرية من فرقة مشاة ميكانيكية واحدة ومنشآتها العسكرية وتحصينات اخري وتتكون العناصر الرئيسية لهذه الفرقة من ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية ولواء واحد مدرع وسبع كتائب مدفعية ميدانية تتضمن 126 قطعة مدفعية ومدافع مضادة للطائرات تتضمن صواريخ فردية أرض جو وحتي 126 مدفع مضاد للطائرات عيار 27 مليمترا وتشمل 230 دبابة و480 عربة مدرعة بالاضافة إلي 22 ألف فرد.. وهذه المنطقة المحاذية لقناة السويس. أما المنطقة ب: فإنه يحدها من الشرق الخط الأخضر ومن الغرب الخط الأحمر ويوفر الأمن وحدات حدودية من أربع كتائب مجهزة بأسلحة خفيفة ومركبات تعاون الامن المركزي في الحفاظ علي الامن في المنطقة وتتكون الكتائب الاربع من اربعة آلاف فرد ويمكن اقامة نقاط انذار ساحلية قصيرة المدي لوحدات الحدود علي ساحل هذه المنطقة. وبالنسبة للمنطقة ج: فإنه يحدها من الشرق الخط الاحمر ومن الغرب الحدود الدولية وخليج العقبة ويقدر عدد القوات فيها بحوالي 800 جندي وتتمركز في المنطقة قوات الاممالمتحدة والشرطة المدنية المصرية »وقوات حرس الحدود« والمسلحة بأسلحة خفيفة لاداء المهام المطلوبة الأمنية داخل هذه المنطقة.. وأخيرا المنطقة د. ويحدها من الشرق الخط الأزرق ومن الغرب الحدود الدولية وتتواجد فيها قوات إسرائيلية محدودة من أربع كتائب مشاة ومنشآتها العسكرية وتحصينات ولا تتضمن القوات الاسرائيلية في المنطقة دبابات او مدفعية او صواريخ فيما عدا صواريخ فردية ارض جو وبإجمالي أربعة آلاف فرد وتضم القوات الدولية ثلاثة كتائب مشاة خفيفة من فيجي وكولومبيا وأمريكا! لولا تقسيم سيناء بموجب اتفاقية السلام إلي ثلاث مناطق أ. ب. ج وعدم تواجد القوات المصرية بالقدر الكافي وانتشارها علي أرض سيناء لما تمكنت عناصر الإرهاب والتطرف من السيطرة علي منطقة الشيخ زويد وجبل الحلال في المنطقة ب ولما تواجدت علي خط الحدود في المنطقة ج ولما وضعت يدها علي مناطق الجبال الوعرة واتخذت منها اوكارا لها علي مدي 33 سنة وخصوصا في الأعوام العشرة الأخيرة ولما صارت بؤرة للإرهابيين المتطرفين والخارجين علي القانون. ولم يكن ما حدث غريبا فإن هذه الجماعات تقيم معسكرات سرية ومزودة بأحدث الاسلحة لنشر افكارها ولذلك لا تتورع عن استخدام الهجمات الإرهابية ضد نقاط حرس الحدود ووصل الأمر إلي عملية اختطاف اربعة ضباط من الامن المركزي منذ عام ومازال مصيرهم مجهولا حتي الآن.. وينتقل زعماء هذه الجماعات بين سيناء وقطاع غزة عبر الحدود والانفاق التي وصلت إلي 180 نفقا وصارت مراكز لتهريب الاسلحة والافراد والمواد البترولية وتتسع لمرور السيارات النصف نقل المحملة بالمواد المهربة الي قطاع غزة. ويقال ان سلطات حركة حماس تحصل علي قرابة 9 مليارات دولار سنويا عائدات من الانفاق.. ولم يكن ذلك خافيا ولكنه كان يتم تحت تهديد السلاح وصارت هناك عصابات متخصصة ومنتشرة مثل المافيا.. ولذلك كان لابد - بعد حادث رفح - ان تتحرك القوات المسلحة من الجيش الثاني الميداني لوضع حد للحالة الامنية المتردية في تلك المناطق الخارجة عن السيطرة مؤخرا وتقوم بمطاردة هذه الجماعات وتطهير أوكارها! »وللحديث بقية«.