جلال عارف المشير طنطاوي ورفاقه في المجلس العسكري هم الذين كتبوا بأنفسهم قرارات اعفائهم من مواقعهم وليس الرئيس مرسي! هم الذين اختاروا من البداية هذا المسار الخاطيء الذي ما كان يمكن ان يصل الا الي هذه النهاية! منذ ان شكلوا- بعد ايام من الثورة- لجنة تعديل الدستور التي اعلنوا من خلالها انحيازهم الي التحالف مع جماعة الاخوان المسلمين، واختيارهم لفترة انتقالية بلا دستور ورعايتهم لانتخابات كانت نتيجتها محسومة مسبقا.. كانت النهاية واضحة الا لمن يغلق عينيه حتي لا يري!! عام ونصف العام من التخبط، ومن سوء ادارة المرحلة الانتقالية، ومن افتقاد الخبرة السياسية، ومن الصدامات غير المبررة مع شباب الثورة، ومن ترك القوي المدافعة عن مدنية الدولة تحارب معركة غير متكافئة.. لتقف مصر في النهاية امام ارهاب يحمل السلاح وارهاب يضرب الحريات ويقوض أركان الدولة المدنية! كان دور المشير طنطاوي ورفاقه حاسما في انجاز الثورة لمهمتها الاولي باسقاط رأس النظام السابق وفتح ابواب التغيير مع تجنب صدام دموي شهدته دول اخري مرت بنفس الظروف. كانت بداية نموذجية للبناء عليها وعبور المرحلة الصعبة نحو استكمال اهداف الثورة، لكن ما حدث بعد ذلك عطل المسيرة وزرع التخبط حتي وصلنا الي ما نواجهه الآن. كان الخطأ الاساسي هو انعدام الرؤية السياسية التي تدرك ان هدف المرحلة الانتقالية هو تمكين قوي الثورة من الحكم وازالة المعوقات امام ذلك وكان البديل هو ادارة اشبه بادارة الموظفين لا تصلح في ظروف الثورة وكانت النتيجة اقصاء قوي الثورة الشابة، ووضع كل الامور رهينة لصراع او صفقات بين القيادة العسكرية وجماعة الاخوان، وهو وضع كان لابد ان ينتهي بانقضاض احدهما علي الآخر. الآن.. لدينا وضع يستحوذ فيه رئيس الجمهورية علي سلطات لم يملكها رئيس من قبله.. ففي يده السلطة التنفيذية، ومعها السلطة التشريعية، وايضا السلطة التأسيسية والسيطرة علي عملية وضع الدستور!! والسؤال الآن هو: كيف تتعامل مختلف القوي الوطنية مع هذا الوضع؟ وكيف نمنع الانزلاق نحو وضع يهيمن فيه فصيل سياسي واحد علي مقدرات الوطن؟ وكيف يتم التعامل مع تركيز كل السلطات في يد فرد واحد؟ وكيف نضمن ان يكون الدستور نابعا من منطقة التوافق الوطني ولا يكون انقلابا علي مدنية الدولة؟.. اسئلة ارجو ان يتاح لنا الوقت لنسمع الاجابات عليها قبل ان تداهمنا الاحداث!!