مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    خلال ساعات.. مصطفى بكري: تغييرات في تشكيل الهيئات الإعلامية (فيديو)    الكاتب الصحفي إسلام عفيفي يكتب : حكومة الجمهورية الجديدة    أول تعليق من "العليا للحج" بشأن أزمة تأشيرات حج الزيارة    الدولار يؤمن مكاسبه بارتفاع جديد مع تباين مواقف البنوك المركزية بشأن الفائدة    القاهرة الإخبارية: مشافي غزة جرى استهدافها بريا وجويا    إعلام عبري: جيش الاحتلال يستعد للإعلان عن هزيمة حماس    يورو 2024.. مبابي على مقاعد بدلاء فرنسا فى مواجهة هولندا    ب 18 مباراة| الأهلي يواصل مطاردة بيراميدز ويصل لوصافة ترتيب الدوري    شباب كفر الشيخ: ممارسة المسنين والأطفال للرياضة بأحياء كفر الشيخ    متحدث التعليم يوجه نصيحة هامة لطلاب الثانوية العامة    الرئيس التونسي يقيل وزير الشؤون الدينية إثر وفاة 49 حاجًا    لبلبة وقعت وتعرضت لإصابة.. أوس أوس يكشف أصعب مشاهد "عصابة الماكس"    هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب تستعد للإعلان قريبا عن هزيمة الذراع العسكرية لحماس    الأولمبية تمهل مجلس النصر أسبوعاً للرد على الشكاوى    قطر: الفجوات قائمة بشأن وقف إطلاق النار في غزة رغم التقدم في المحادثات    قانون لحل مشاكل الممولين    حدث في 8 ساعات| وقف إصدار إحدى تأشيرات العمرة.. ومواصفات أسئلة اللغة العربية لطلاب الثانوية    القابضة للمياه: فتح باب القبول بمدارسها الثانوية الفنية للعام الدراسي الجديد    موهوب ريال مدريد على رادار ليفربول بفرمان سلوت    تامر حبيب يحيي ذكرى وفاة سعاد حسني: "أدعو لها على قد ما سحرتكم"    المفتى: تطور العلوم لا يمكن أن يكون إلا من خلال إعادة النظر    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام -(فيديو)    البنتاجون: يحق لأوكرانيا استخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى لضرب أهداف داخل روسيا    البطريرك مار أغناطيوس في منزل القديس جان ماري فيانّي بفرنسا    التصريح بدفن جثة شخص لقي مصرعه أسفل عجلات القطار بقليوب    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    الأرز الأبيض.. هل يرفع احتمالات الإصابة بداء السكر؟    مصدر ل"يلا كورة" يكشف الموعد المقترح من كاف لإقامة أمم أفريقيا    الاتحاد يحاول إقناع بيولي بخلافة جاياردو    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    في حال التصالح، هل يعرض إمام عاشور على النيابة في واقعة المول بالشيخ زايد؟    التضامن تطلق النسخة الثانية لمبادرة "الأب القدوة"    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    الأمم المتحدة: عددا من الأسر فى غزة يتناولون وجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة    مدرب وحارس الأرجنتين ينتقدان حالة ملعب مواجهة كندا في كوبا أمريكا 2024    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وزير داخلية فرنسا: لن أكون وزيرا يوما آخر حال هزيمة المعسكر الرئاسى فى الانتخابات    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري خلال إجازة عيد الأضحى    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    الحرارة تصل ل47 درجة.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. سعيد مغاوري عميد سياحة المنوفية الحاصل علي »تشجيعية« الدولة:
أهم عقبة تواجه الرئيس لعودة السياحة نزع مفهوم الإرهاب عن مصر
نشر في الأخبار يوم 06 - 08 - 2012

آن الأوان للاهتمام بسيناء
وبالريف المصري
المطالبات الفئوية
سببها كبت ثلاثين عاما
لابد من إعطاء مرسي فرصة لالتقاط الأنفاس وتنفيذ الوعود
ملفات كثيرة علي طاولة الرئيس محمد مرسي، كلها في حاجة ماسة إلي الحلول السريعة، حتي تعود عجلة الاقتصاد إلي الدوران، ومن أهم هذه الملفات علي الإطلاق هو القطاع السياحي الذي يمثل أكثر من 18٪ من الدخل القومي، "الأخبار" حاورت واحدا من أساتذة السياحة لتتعرف منه علي الخطوات التي يجب أن يتخذها الرئيس حتي تعود مصر إلي مكانتها اللائقة سياحياً.. إنه د.سعيد مغاوري عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنوفية والحاصل مؤخراً علي جائزة الدولة التشجيعية عن كتابه القيم في البرديات العربية، الذي تقدم إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة ولمكتب الرئيس محمد مرسي باقتراح لإنشاء وزارة للتنمية الريفية.
بعد وصول التيار الإسلامي السياسي إلي قصر الرئاسة.. كيف قرأت خطب الرئيس الأولي؟
بالطبع نحن نهنئ الرئيس علي مواقفه الأولي، لأنه أعطي وعوداً لأسر الشهداء وإنه لا ظلم بعد اليوم كما قال في خطبته الأولي التي أسميها "الخطبة العمرية" بأن قال أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، وهذه العبارات كلها مستقاة من التاريخ والحضارة الإسلامية، ونأمل ونتمني جميعاً أن يكون عند حسن ظننا به؛ والرئيس كان لزاماً عليه أن يقول مثل هذا الكلام لأننا خارجون من احتقان قديم واحتقان حديث، بل واحتقان يومي نعيش فيه، وهذه الاحتقانات نتيجة تراكمات طويلة خلال السنوات الماضية.. والشعب كله كان في انتظار وترقب لمثل هذه الكلمات المطمئنة ثم بعد ذلك تأتي الأفعال؛ وهو أشعر الناس بذلك عندما خلع جاكتته في التحرير، وعندما تركهم يتظاهرون أمام قصر الاتحادية، وهذا لم يحدث من قبل، فيجب أن نعطيه فرصة لالتقاط الأنفاس، وتنفيذ ما وعد به خلال الشهور الأولي لرئاسته.
ألا تري أن توجيه المطالبات الفئوية إلي الرئيس نفسه يكرس لفكرة المركزية بحيث يصبح الرئيس هو حلاَّل المشاكل.. ومن ثم يصبح فرعوناً آخر؟
المطالبات الفئوية هذه ناتجة عن أمور مكبوتة منذ ثلاثين عاماً أو أكثر حيث لم يكن لدينا تعبير حُرًّ عن الرأي، بالإضافة إلي قانون الطوارئ الذي كان يقف بالمرصاد لكل من يتظاهر أو يطالب بحقوقه المشروعة. والتعبير عن الرأي مطلوب الآن بالطبع خاصة بعد الثورة ولكن يجب أن يكون بأسلوب حضاري مثلما تفعل الدول المتقدمة كأوربا مثلاً، ويكون التظاهر في أوقات معينة واماكن محددة، بحيث نكون قد انتهينا من أعمالنا، ولكن ما يحدث من فوضي تحت دعاوي الحرية والتعبير فهذا مرفوض تماماً، وأعطيك مثلاً لما شاهدته مؤخراً في شارع السّواح وعبود وشارع بورسعيد من أهرامات من مخلفات البناء والرتش والطوب، تسد الطريق في صورة غير حضارية، بل وتتنافي مع الدين حيث يقول الرسول صلي الله عليه وسلم"أعطوا الطريق حقه" وحق الطريق أن نبعد عنه هذا الضرر، فالتعبير عن الرأي لا يكون بقطع الطرق والسكك الحديدية وتعطيل مصالح الناس وإيقاف المصانع، فأنا أعتبر هذا سوء سلوك، كما أنه مخالف للشرع الحنيف، فلا يصح أن يقف سائقو عربات الإسعاف عن العمل وخدمة المرضي لمجرد أن لديهم مطالب فئوية، فهناك طرق قانونية للحصول علي الحقوق خاصة أن الرئيس وعد بتنفيذ جميع المطالب.. ولكن يجب أن نعطيه مهلة للعمل علي ذلك.
وزارة جديدة
أعلم أن لديك مقترحاً بإنشاء وزارة جديدة قدمته إلي المجلس العسكري منذ فترة..ولكنك ذهبت أيضاً وقدمته إلي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.. بماذا تفسر ذلك؟!
أولاً أريد أن أوضح أنني لست إخوانياً ولا سلفياً ولا أنتمي لأي حزب، أنا مسلم مستقل، أستاذ جامعي وعميد كلية وفقط؛ وكان لي مقترح انتهيت منه قبل الثورة بأسبوع واحد ثم بعد ذلك قدمته إلي المجلس العسكري، والتقيت تليفونيا باللواء العصّار وكان المقترح بأهمية إنشاء وزارة للتنمية الريفية وسيناء، وهذه مهمة وطنية بحكم عملي في الآثار والسياحة وبحكم أنني ريفيّ في الأساس، وقلت فيه إنه آن الأوان للاهتمام بالريف المصري وسيناء واتصل بي اللواء العصار وطلب مني ملفاً لهذا الاقتراح، وبالفعل قدمته إليه، ولكن المجلس العسكري انشغل بالأحداث المتلاحقة وقتها من محمد محمود ومجلس الوزراء إلخ، كما أنني كنت قد سافرت فترة إلي الولايات المتحدة، ثم بعد أن وفّق الله د.مرسي وأصبح رئيساً والتوفيق من الله وحده وليس للإخوان دخل في هذا ذهبت والتقيت مع المرشد العام د.محمد بديع وهو بالمناسبة رجل فاضل، وقابلني بترحاب شديد ولكنه قال لي: أرجوك أبعدني عن هذه الأمور، وهذا الملف سلّمه بنفسك إلي الأخ مرسي أو إلي عصام العريان في حزب الحرية والعدالة، حتي لايقولوا إنني أوجّه رئيس الجمهورية؛ ثم كتب لي توصية إلي عصام العريان الذي التقاني بترحاب شديد وأخذ الملف مني ووعدني بدراسته، وأنا أفعل هذا كمواطن مصري بسيط يري بعينيه وطنه يتدهور خاصة الريف، بعيداً عن الساحل الشمالي والمنتجعات السياحية بشرم الشيخ، وصحيح أنا أعمل في هذه الأمور وأذهب إليها كثيراً كتفتيش سياحي، ولكنني ابن الريف المصري الذي أذهب إليه فأري التلوث والبؤس والبطالة والفقر المدقع والبرك والمستنقعات التي تسبب الأوبئة والأمراض المزمنة، وكل هذا لأن العهد السابق لم يكن يهتم إطلاقاً بالريف المصري، رغم أن الرئيس السابق كان ريفياً ومن "كفر" بسيط، فهناك بعض القري حتي الآن تشرب من الآبار ولذلك طوابير معهد الكبد لا تنتهي، ولم تكن هناك رؤية حضارية لحل هذه المشكلات؛ كل ذلك إلي جانب المشكلة الأكبر المتمثلة في البطالة عند شباب في منتهي الروعة، وأنا أتألم كثيراً حين أشاهد شباباً حاصلاً علي مؤهلات عليا يعمل في مخبز أو مقهي مثلاً؛ ولدينا سيناء بمساحتها الشاسعة مهملة تماماً ولذلك نجد بها مخدرات وأسلحة وتطرفاً، فإذا أردنا ان نضع خططا مستقبلية للتنمية، فعلينا أولا أن ننظر إلي الريف المصري في الوجهين القبلي والبحري، ثم سيناء.
مشروع قومي
ولكن ما الفائدة من إنشاء وزارة جديدة في حين أن لدينا وزارتي الزراعة والبيئة.. يمكن أن تقوما بمثل هذا المشروع؟
في الملف الذي قدمته قلت فيه إنه بمثابة مشروع قومي تتعاون فيه جميع الوزارات وسيكون لها دور قوي فيه، فالعلم يُقدم لنا مساعدات تنموية وحضارية، كما أريد أن أنبه إلي أن أغلب القري الريفية في مصر تاريخية مثل البهنسة واهناسيا والفيوم والمنيا.. إلخ هذه الأماكن بها آثار وحضارة قديمة، هذا بالإضافة إلي أن أغلب علماء مصر من الريف وخرجوا من رحم المعاناة مثل: القلقشندي والمقريزي والطهطاوي والسخاوي، إلخ وكذلك زعماء مصر عبدالناصر والسادات، بل حتي أغلب القادة الحاليين سواء الرئيس أو قادة الجيش فيجب علي هؤلاء جميعاً أن يساعدوا قراهم ولا يتنصلوا منها، لأن إهمال القري يؤدي إلي الإرهاب والتطرف ولدينا حادث الشاب المقتول في محافظة السويس لمجرد أنه كان يسير مع خطيبته، هذا ناتج عن الجهل والتطرف والتغرير بالشباب فالله سبحانه يقول"ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وكل هذا ناتج عن الفقر المدقع والتلوث البيئي والتخلف الحضاري وقلة الثقافة؛ ولذلك جعلت في مشروعي كل الوزارات تتعاون وتتشابك مع الوزارة الجديدة.
عقبات سياحية
برأيك.. ما أهم العقبات التي تواجه الرئيس حتي تعود السياحة إلي سابق عهدها خاصة وهي تمثل نسبة كبيرة من الدخل القومي؟
السياحة ملف كبير جدَاً، وهي بالفعل تمثل أكثر من 18٪ من الدخل القومي حسب آخر احصائيات؛ وعندنا مقومات سياحية كثيرة ليست آثارية فقط ومنها السياحة الثقافية والدينية والحضارية والسفاري واليخوت ونهر النيل والسياحة العلاجية وسياحة المؤتمرات؛ إذن هو ملف خطير جدّاً؛ وأهم عقبة يجب أن يواجهها الرئيس هو نزع مفهوم الإرهاب عن مصر في الساحة العالمية، وذلك علي أكثر من محور؛ أولا: علي الملحقين الثقافيين والسياحيين بالخارج أن يقوموا بتوعية الجماهير العالمية والمكاتب السياحية الخارجية بأننا دولة بها أمن ولا يوجد عندنا إرهاب، بل وأصبحنا دولة ديمقراطية بانتخاب رئيس مدني كان أستاذاً جامعياً؛ ويجب أن يتم ذلك بإخلاص وبحركة دءوبة؛لأن أغلب هؤلاء الملحقين بالخارج لا يهتمون بأي مصري هناك؛ وأحكي لك أنه كانت لي محاضرة في النمسا في جامعة فيينا ووجهت إلي السفارة المصرية دعوة رسمية من خلال الجامعة ولكن للأسف لم يحضر أحد، مع أن لدينا جيوشاً تعمل في هذه السفارات؛ فعلي هؤلاء أن يقوموا بعملهم ويتحدثوا في الصحف والإذاعات في الدول التي يعملون بها عن مكانة مصر وكيف أصبحت بعد الثورة ديمقراطية. ثانياً: علينا أن نقوم بتنظيم الداخل وتوعية رجل الشارع البسيط حتي يقوم بدوره في نظافة الشارع والمحافظة عليه، ثم يأتي دور رجال الدين في المساجد والكنائس بتوعية الناس أن هذا السائح القادم إلينا ضيف عندنا ويجب أن نكرمه، لأن بيننا وبينه عقداً وبروتوكولاً يجب أن نحترمه خاصة أنه سيزور حضارتنا علي نفقته الخاصة، سيدفع ثمن تذكرة الطيران وسيأكل عندنا وسينفق أمواله عندنا؛ وعندنا إكرام الضيف واجب في الإسلام وكلنا نعلم قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع ضيوفه حين راغ إلي أهله وجاء بعجل حنيذ، وعندما نكرم السائح سيرجع إلي بلده ويحكي عما شاهده، وبالتالي نكون قد أسهمنا في دعاية مجانية من السائح نفسه، حتي يأتي هو وأقاربه في المرة القادمة وهو ما يسمي بالسياحة التكرارية؛ أما إذا وجد صدوداً وبغضاً وإرهاباً فلن يزور بلادنا مرة أخري، كما سيكون دعاية سيئة عن مصر بالخارج.
حرية مشروطة
ولكن ألا تري أن وصول الإخوان إلي السلطة سوف يؤدي إلي خوف السائح الأجنبي من زيارة مصر، خاصة وهو لا يعرف الفرق بين الإخوان والجماعات الإسلامية الأخري؟
حتي هذه الساعة لم نسمع تصريحاً واحداً من أي قيادة إخوانية بتحريم السياحة، بل إن هناك أعداء كثيرين للإخوان يتمنون أن يفشلوا ويتصيدون لهم الأخطاء ويضخمونها، وأقولها ثانية إنني لست إخوانياً، ولكن علينا أن نتركهم يعملون ثم بعد ذلك نحكم عليهم، وإذا لم يحسنوا فحرية التعبير مكفولة والميادين موجودة، فمثلاً قالوا عن الخمور أن تكون في الفنادق فقط، وهذا شيء طبيعي فلا يصح أن نجد الخمور مثلاً تُباع في المحلات كالمياه الغازية، لأن ديننا يُحرم هذا والغيرة علي الدين مطلوبة، وهنا يأتي دور وزارة السياحة حيث تقوم بإعلام السفارات بعاداتنا وتقاليدنا فلا يصح أن نجد سائحاً يقبل صديقته أو زوجته في الشارع أو نجد امرأة عارية الصدر تماماً ولا تلبس إلاّ ما يستر عورتها فقط بدعوي الحرية كما رأيته في ألمانيا مثلاً، لأن هذا يتنافي مع عادات الشعب المصري وهنا تكون حرية السائح في غرفته في الفندق.
هل تؤيد الفصل الذي تم بين وزارتي الآثار والسياحة رغم أنهما كانتا تتبعان وزارة الثقافة قديماً؟
وزارة الآثار أنشئت بعد الثورة بعد أن طالب بها العديد من الشباب العاملين في الآثار حتي تعبر عنهم خاصة أن لديهم مشاكل كثيرة تحتاج لقرون حتي تحل ومنها ضعف المرتبات حيث يأخذ أمين المتحف قروشاً وتحت يده عُهدة بمليارات: مجموعة عملات، وبرديات وتماثيل وغيرها، فكان لابد من وجود وزارة تُعبر عن هؤلاء فضلاً عن أننا نملك قطاعات أثرية ضخمة تحتاج إلي كيان يضمها جميعاً، فعندنا قطاع الآثار المصرية القديمة وقطاع الآثار القبطية والآثار الإسلامية، والمتاحف، والترميم، وتسجيل الآثار إلخ وكل قطاع به جيش من الموظفين والسائقين، بل ولدينا مناطق متروكة للأجيال القادمة، أي لم يحدث تنقيب فيها بعد.
أعلم أنك اكتشفت عدداً مهماً من البرديات التي أحدثت ضجة.. هل تحدثنا عنها؟
أثناء عملي مديراً لدار الكتب رأيت عدداً مهما من البرديات التي ترجع إلي القرن الهجري الأول للوالي(قُرة بن شريك العبسي) وكان في العصر الأموي في سنة 90 هجرية؛ وهذه المجموعة تم تهريبها من مصر منذ أكثر من مائة عام ومحفوظة في كل جامعات العالم أبرزها مجموعة راينر في النمسا ومجموعة شتايتنبرج في ألمانيا؛ ونحن لدينا مجموعة قليلة لا تقارن بالمجموعة العالمية؛ أي أن الذي سرق أخذ أفضل المجموعات وترك لنا الفتات، ومع هذا والحق يقال فإنهم يعطون منحاً لأي دارس عربي يريد أن يطلع علي هذه المجموعات..ولكن أهم حدث أفخر به وكان من ضمن جهودي في هيئة الآثار أنه هناك في معبد ابن عزرا اليهودي، وهذا المعبد به مكتبة بدرومها السفلي يحتوي علي 60 كيساً أو شيكارة بها أوراق ( الجنيزة اليهودية ) تحتوي علي كل ما كان يفعله اليهودي في حياته اليومية؛ فمن عادات اليهودي أن يدون كل شيء يحدث له مثلاً: اشتري منزلاً أو سجادة أو حتي الخبز بالإضافة إلي كل أنواع المعاملات والمنازعات أو حتي الأدب من شعر ونثر إلخ ثم يحتفظ بكل هذه الأوراق في بيته؛ حتي يقوم الحاخام بالإعلان داخل المعبد أن من يمتلك أوراقاً لمثل هذه المعاملات يأتي بها إلي المعبد، وكانت لديهم غرفة تسمي (غرفة الجنز أو الكنز) وهي غرفة مغلقة من جميع الجوانب لا يوجد بها باب ولا شباك إلا طاقة صغيرة يرمون منها الورق، حتي إذا امتلأت يدخلون إليها طفلاً صغيراً يُخرج هذه الأوراق ثم تجمع في الزكائب ويرش عليها ماء للطهارة من حوض يسمي (المكفاة) ثم يصلون عليها صلاة تسمي (تفيلات شحريم) أي صلاة جنائزية، ثم تُودع في موكب جنائزي إلي المقابر في البساتين، وكان لهم مقابر للأفراد ومقابر للورق، إلي أن جاء يوم وذهب بعض الباحثين اليهود لزيارة المقابر فوجدوا الورق ظاهرا ًمن المقبرة، فقرأوه فعلموا أنه ورق خاص بمعاملات أجدادهم فبدأوا في سرقته، ومئات الآلاف من الأوراق في جامعات أوربا وأمريكا خاصة جامعة نيويورك بل إن مجموعة (شختر) تتعدي المليون وثيقة؛ ونحن بعد الثورة بدأنا نفيق إلي هذا التراث، وأنا شخصياً جمعت 60 شيكارة من معبد ابن عزرا، بعد أن كلفتني وزارة الثقافة، ويومها حدثت معركة قضائية مع الطائفة اليهودية (كارمن لوبنشتين) ولكن القضاء حكم لنا باعتبار المعبد قطعة من أرض مصر؛ وأخذنا هذه الأوراق إلي دار الكتب وصنفناها ووجدنا فيها أشياء مهمة جدا من الشعر والنثر وشراء العقارات في أماكن مميزة في مصر والشام وفلسطين، ووجدنا أن لديهم خطة لشراء عقارات في أماكن قد تكون لها أهميتها المستقبلية، وهذا معروف عند اليهود فتجدهم الآن يخططون للتعاون مع دول حوض النيل، وهنا أخاطب المجلس العسكري والرئيس محمد مرسي للاهتمام بالبعد الإفريقي، خاصة بعد أن تخلي عنها الرئيس السابق بعد حادثة أثيوبيا حتي أصبحت ملعباً خصباً للإسرائيليين.
مطالب جامعية
كأستاذ جامعي ما أهم ما يرجوه الجامعيون من الرئيس؟
أغلب مشاكل أساتذة الجامعة تتعلق بالدخل، وهو محدود كما يعلم الجميع، في الوقت الذي لديه متطلبات كثيرة مثل الأسرة والبحث العلمي فكيف يعيش براتب ثلاثة آلاف، بل إن راتب نائب رئيس الجامعة أربعة آلاف فقط، كيف يعيش الأستاذ بمثل هذا الراتب الضئيل في وقت يحتاج فيه إلي إنفاق علي مؤتمرات وأبحاث علمية وأسرة وزي يلبسه أمام طلبته، وفي الحقيقة إن وزير المالية الحالي رفع بعض بنود الحوافز وهذا شيء جيد كمرحلة أولي، فالأستاذ الجامعي لا يطلب أن يكون ثريّاً، وإنما علي الأقل أن يكون بالشكل اللائق أمام الطلبة، لأنني أعرف بعض زملائي لايملكون إلاّ بدلتين طوال العام، وهذا ما يجعلهم يقفون أمام السفارات بالطوابير للحصول علي تأشيرة للسفر إلي الخارج؛ وإذا أردنا التقدم بمصر فعلينا التخطيط العلمي السليم والاهتمام بأساتذة الجامعات لأنهم نواة البحث العلمي.
ألا تري أن الثورة أنصفتك بعد أن حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية لهذا العام؟
هذا حقيقي لأنني منذ سنوات أتقدم للجوائز ولكن كان هناك ظلم وشيء من المحسوبية، وكنت أستحي أن أعترض لأن من قاموا بالتحكيم هم أساتذتي، ولكن عندما حدثت الثورة شعرنا جميعاً بأن لدينا هواء نقيا، وأصبح المحكمون منصفين عكس ما كان يحدث في السابق، حين كنا نجد نوعا من الصدود والظلم الذي يؤثر بطبيعة الحال علي البحث العلمي بصورة سلبية؛ وأنا مثلاً تقدمت إلي الجائزة بدراسة علمية بها 38 بحثاً جمعتها في كتاب واحد بمجلدين، في بحوث عن البردي العربي خاصة المحبوسة في الجامعات والمكتبات الأوربية والأمريكية والتي اطلعت عليها أثناء مؤتمراتي الخارجية خلال العشرين سنة الأخيرة، وهذه البرديات في كل الفنون والمعارف: فض منازعات، مجالس صلح، جزية وخراج،وصفات طبية، سير ومغازي، عقود بيع..إلخ.
كمتخصص في البرديات العربية..ألا تشعر بأن هذا النوع من الآثار يعاني إهمالاً شديداً لدينا في مصر؟
بالطبع، بل والأنكي من ذلك أنني طالعت علي الانترنت أن جامعة حيفا وجامعة تل أبيب في إسرائيل يخططان لإنشاء معهد دولي للبرديات خلال خمس سنوات، في حين أننا أصحاب ورق البردي الوحيدون،وكلمة البردي مشتقة منها كلمة (بيبر) وهي كلمة عالمية، فمصر لها فضل علي العالم كله بورق البردي كزراعة وصناعة وتجارة، وكان هذا الورق أيام الفراعنة ينبت وحده دون أن يزرعه أحد ويسمونه "شيطاني"ولكني أسميه "رحماني" لأنه أفاد الناس كثيراً بعدما كتبوا عليه هذه الآثار الفرعونية العظيمة التي نملكها الآن، وهذا النبات يزرعه بعض الشباب الآن ليصدروه إلي أوربا وأمريكا، بل إنه تم تصدير هذا الورق إلي المدينة المنورة والشام في عهد ولاية عمرو بن العاص في مصر، ويذكر ابن تغري بردي في كتابه النجوم الزاهرة أن عمرو بن العاص أرسل إلي الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه في إنفاق ثلث خراج مصر علي تطهير ترعها ومصارفها والاهتمام بزراعتها ومن أهمها نبات البردي، وهذه رسالة إلي الرئيس مرسي حتي يقوم بتطهير الترع والمصارف والاهتمام بالزراعة خاصة القمح الذي نستورده بكميات كبيرة؛ ولذلك نجد برديات في جامعة فيينا من حلب ودمشق، وهذه هي الأوراق التي أرسلها عمرو بن العاص إلي المدينة ثم إلي دمشق في ولايته الثانية في عهد بني أمية.. فعلينا ألا نترك الساحة لإسرائيل في هذا المجال الحيوي. بل أريد أن اقول إن اليابان تقوم الآن بإنشاء معهد للبرديات،بالإضافة إلي أن أوربا وحدها بها 44 معهداً وقسماً علمياً في حين أننا لا نملك إلاّ حجرة صغيرة للبرديات في جامعة عين شمس عبارة عن مائة متر تم تحويلها مؤخراً إلي قاعة للمحاضرات في القبطي واليوناني، وهذا علي الرغم من أنها بالغة الأهمية لطلاب التاريخ والحضارة والشريعة واللغة، والبردي كتب عليه لأول مرة باللغة العربية في مصر، وإذا أردت أن تعرف العادات المصرية القديمة في المأكولات والمشروبات والأدب وغيرها ستجدها في البرديات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.