رواية رومانسية بطلتها طائرة المستقبل! وكما نري في مثل هذه النوعية من الروايات، فالهمس والخفوت يميز الجو الذي تجري فيه الاحداث، فان الطائرات التي ستحلق بعد أقل من عقدين في سماوات الدنيا تتميز -أساساً- بأنها لن تكون مصدرا للضوضاء، ثم انها أكثر انسيابية كالحوريات أو عرائس البحر! سيادة هذه الطائرات، كبديل لشقيقاتها المزعجة، من شأنه أن ينشر اجواء مريحة، فحينذاك سوف يصبح ضجيج الطائرات مجرد ذكري من الماضي، ليودع ضحايا الضجيج الذي اوقعهم حظهم السيئ بالسكن بالقرب من المطارات، أو في المسارات الثابتة التي تخترقها الرحلات ذهابا وايابا، الامر الذي يعني نوما قلقا، وقدرة أقل علي التركيز! طائرة المستقبل، أو الطائرة الصامتة حين تحلق فوق الرؤوس، فإننا سوف نراها ونتابع حركتها، لكن دون أن نسمع لها صوتا. تدور الافكار الرئيسية لتحويل الحلم الي حقيقة حول تصميم الطائرة، واستهداف ادخال تغييرات دراماتيكية علي التصميم، إذ أن شكل الطائرة يعد المسئول الأول عن 05٪ من الضوضاء خلال عملية الطيران. تصميمات متعددة يتم المفاضلة بينها، لكن ثمة انحياز شديد للنموذج الذي يقترب فيه الجناحان من الشكل المثلث أو رسم الدلتا علي الخرائط. والمسألة تتجاوز الشكل إلي ما يحتويه، فالجناح يحمل المحرك داخله، بخلاف ما اعتدنا رؤيته من إحتضان للمحركات أسفل الأجنحة، وهناك خيار آخر، ان تكون المحركات مدمجة بهيكل الطائرة، وفي كل الاحوال فان ثمة اتجاها للاستغناء عن ذيل الطائرة! يبدو أننا سوف نري شكلا شديد الاختلاف عما اعتدناه، علي الأقل بالنسبة للطائرات المدنية، لنستدعي من ذاكرتنا مشهد الطائرة الخفية- أو الشبح- الذي أثار الاعجاب والدهشة حين طالعنا نموذجا مدهشا لطائرة عسكرية يتميز شكلها بالغرابة، فهي أقرب بجناحيها إلي ما عهدنا علي الخريطة للدلتاوات، فهل تنافس الطائرة الصامتة شقيقتها الخفية في التصميم والمزايا، وإذا كانت الأولي عصية علي الرادارات، فان الأخيرة سوف تكون في متناول رؤيتنا لكنها عصية علي مسامعنا! الفكرة لا تُسعد الغيورين علي البيئة، باعتبار المشروع يهدف إلي منتج صديق للبيئة، يحميها من التلوث السمعي الذي تزايدت معدلاته عاما بعد آخر، لكنها تصب في خانة ما يجلب السعادة للعاملين في قطاع النقل الجوي جنباً إلي جنب مع القائمين علي خطوط الانتاج في المصانع العملاقة للطائرات، وبالطبع قبل هؤلاء وأولئك ضحايا الضجيج من جيران المطارات، ومن تقع مساكنهم أسفل المسارات الجوية، بالاضافة إلي من تحمل اچندة مشروعاتهم انشاء مطارات جديدة، وكانوا يجدون معارضة من جانب جماعات البيئة ومناهضي التلوث السمعي، وبالطبع سكان المناطق المستهدف بناء المطار الجديد في نطاقها. ثمة جانب آخر؛ لا يقل أهمية عن كل ما سبق، يتعلق بأحد الروافد المستقبلية في مجال البحث العلمي، والمتمثل في تجسيد التكامل المعرفي في احدي تجلياته المثلي، إذ أن انتاج تلك الطائرة الرومانسية يتطلب تضافر جهود العديد من العلماء والخبرات في علوم وتخصصات عدة. ملامح مختلفة لعالم الطيران سوف ترسمها طائرة رومانسية لا تحلق إلا همسا!