تعقيبا علي ما كتبته حول حدود حرية الكاتب في الإبداع وحرية التعبير في مواجهة القيم تلقيت هذه الرسالة من القارئ جمال إمام وهو إعلامي مقيم في الخارج .. يقول في رسالته : أنا مع حرية التعبير .. وضد أن يقصف قلم أو يصادر رأي، أو يقمع فكر .. أرفض الرقابة .. لكن لا أقبل الإباحية.. هذا هو المعيار الذي يحكم موقفي، من الضجة المفتعلة حول الحكم الصادر بحبس الفنان عادل إمام والذي أقام الدنيا ولم يقعدها ليس فقط ...في الوسط الفني ولكن بالنسبة لعموم التيار العلماني الذي حولها إلي معركة عنيفة ضد التيار السياسي الإسلامي والقوي الإسلامية فقد نقل المعركة من الإفصاح عن مخاوفه وضيقه الشديد بشأن الأغلبية الإسلامية في البرلمان نتيجة الصعود السياسي الكاسح عبر صناديق الانتخاب إلي التشكيك في ثقله ووزنه السياسي في الشارع إلي خلاف حول اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور .. والرئيس الدكتور محمد مرسي . باختصار قضية حرية التعبير المشتعلة الآن، هي جزء من حملة منظمة، شرسة، وقبيحة، تأخذ حاليا، أشكال الترهيب والتنفير من المشروع الإسلامي . بدأت الحملة منذ اليوم الأول، بحصار القوي الإسلامية ، في خندق كبت الحريات الشخصية (ما هو موقفكم من المايوهات)..!! وهو موقف يكشف عن تربص مسبق، في وقت اتسم فيه الطرح بالسذاجة والتخلف، والتركيز علي الشكل، دون المضمون، وكأن أول قرارات هذا التيار، هو هدم الأهرامات مثلا، أو تدمير المتحف المصري .. أو تطفيش السياح !! هذا عن السياسة، لكن ماذا عن حرية التعبير في مواجهة القيم ..الواقع أن القضية التي يتم تسيسها بامتياز، مرتبطة في جانب آخر، بالدفاع عن مصالح اللوبي الفني، الذي تحركه مخاوف ضياع (السبوبة) أو تراجعها، والتي تقدر بالملايين تدخل الحسابات الخاصة، (انظر إلي أجور نجوم الشٌباك) خاصة صنٌاع السينما الساخنة، خادشة الحياء لتحقيق أعلي الإيرادات .. ومنهم خالد يوسف الذي يقف في طليعة الغاضبين، من حكم المحكمة الذي تم تأييده، علي عادل إمام، لأنه من أكثر المخرجين، الذين رسخوا لمفهوم جديد للسينما، علي الأقل في أفلامه (هي فوضي" الذي عمل فيه مع يوسف شاهين، و"حين ميسرة" و"الريس عمر حرب")، يعتمد فيه علي لقطات صادمة، في الحوار والأداء والملابس، ( بدون هدوم تقريبا ) .. !! وصلت لذروتها في فيلمه (كلمني شكرا ) الذي قدمت فيه ممثلة ناشئة، واحدا من أكثر المشاهد الإباحية، في إشارة لا تخلو من تراجع القيم والأخلاق، تذكرنا بالإفيه الشهير لمحمد هنيدي في فيلم المنسي (مع عادل إمام)، "هو الفيلم ده قصة ولا مناظر " ..!! في إشارة أخري لا تخلو أيضا, من حرص المنتجين وإصرارهم, علي أهمية وجود هذه التوليفة السحرية، التي تخاطب (لغة الغرائز)، والتي تسوق وتبيع الفيلم، لنوعية خاصة من الجمهور، لها معاييرها الثقافية والاجتماعية المختلفة .. والتي جعلت من، أحد المنتجين البارزين، لهذه النوعية من الأفلام، (محمد السبكي) يُصر في مقابلة مذاعة علي الهواء، علي أنه لن يتخلي عن هذه التوليفة، التي يقدمها، أبطال أفلامه (مطرب يغني بمؤخرته، وراقصة شهيرة)، بعد أن حقق فيلمه، (شارع الهرم)، أرقاما قياسية، فيما يطلق عليه سينما الأعياد .. والواقع أن نجمات هذه النوعية من الأفلام، تجاوزن أدوار الإثارة التقليدية، بكل سخونتها، إلي أداء مشاهد أقرب إلي الإباحية، بدت متاحة، علي الشاشة الصغيرة، عبر الفضائيات المختلفة، بعد أن أصبح العري الفاضح، موضة قديمة لا تجذب الجمهور.. وهي موجة متجاوزة لقيم المجتمع، تسللت حتي إلي الدراما التلفزيونية، (دراما الراقصات) وإلي الإعلانات التجارية، (إعلانات البوكسرات) .. ونستكمل الاسبوع القادم بقية الرسالة الخاصة.