تراجع أسعار الذهب في بداية تعاملات اليوم الخميس    أسعار الخضروات اليوم الخميس 21 أغسطس في سوق العبور    أسعار الفاكهة اليوم الخميس 21 أغسطس    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان مشروعات الخطة الاستثمارية ومبادرة "حياة كريمة"    مدبولي لوزير ياباني: مصر لديها رغبة في توطين تكنولوجيا تحلية المياه    الرئيس السيسي يتوجه إلى السعودية تلبية لدعوة الأمير محمد بن سلمان    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام مودرن سبورت بالدوري    أمطار خفيفة.. «الأرصاد» تكشف حالة طقس الجمعة |إنفوجراف    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة ويوجه بتشكيل فرق عمل لرفع الكفاءة وتذليل المعوقات    اشتباه إصابة محمود نبيل بتمزق في العضلة الخلفية.. وبسام وليد يواصل التأهيل لعلاج التهاب أوتار الساق اليمنى    في المباراة رقم 247 له.. علي ماهر يصل ل 100 انتصار في الدوري المصري    تحرك الدفعة ال 20 من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى معبر كرم أبو سالم    «اقتصادية القناة»: جهود متواصلة لتطوير 6 موانئ على البحرين الأحمر والمتوسط    بعد تصدره التريند.. طريقة عمل العيش البلدي المصري    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    فصل رأس عن جسده.. تنفيذ حكم الإعدام بحق "سفاح الإسماعيلية" في قضية قتل صديقه    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    حين يصل المثقف إلى السلطة    رجل الدولة ورجل السياسة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    كشف المجتمع    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    نجم الزمالك السابق يكشف رؤيته لمباراة الفريق الأبيض أمام مودرن سبورت    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    Avatr تطلق سياراتها ببطاريات جديدة وقدرات محسّنة للقيادة الذاتية    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    "أخطأ في رسم خط التسلل".. الإسماعيلي يقدم احتجاجا رسميا ضد حكم لقاء الاتحاد    محافظ كفر الشيخ يقدم واجب العزاء في وفاة والد الكابتن محمد الشناوي    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    نيويورك تايمز: هجوم غزة يستهدف منع حماس من إعادة تنظيم صفوفها    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    علاء عز: معارض «أهلا مدارس» الأقوى هذا العام بمشاركة 2500 عارض وخصومات حتى %50    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    الأهلي يتعامل بحذر مع إمام عاشور «كنز مصر»    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار محمود بيرم التونسي نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية
توزيع المناصب بنظام الحصص يكرس التمييز داخل المجتمع
نشر في الأخبار يوم 25 - 07 - 2012

ربما لايجود الزمان بزجال مثل بيرم التونسي .. وذلك قد يكون نتيجة لهضمه التراث الأدبي العربي والتاريخ الإسلامي جيدا .. كما أن النفي أتاح له أيضا هضم التراث الثقافي الغربي .. وبالذات في عصره الكلاسيكي .. لذلك اعتبر نفسه "موليير زمانه" ربما يرجع ذلك الي أن مولييرتعرض للظلم والرفض من الأكاديمية الفرنسية ولم يعترفوا به إلا بعد مماته .. ولذلك نقش أسفل تمثاله في الأكاديمية " ماكان ذلك لينقص مجده شيئا ولكن أنقص مجدنا " فقد أثري بيرم التونسي الحياة الفنية خلال حياته في مصر بأزجاله علي مدي ستين عاما من القرن العشرين .. ورغم أنه قضي من بينها عشرين عاما في المنفي .. فقد ترك رصيدا هائلا من أعماله الفنية التي صور من خلالها الحياة المصرية علي مدي نصف قرن .. فقدم للسينما أعمالا كثيرة بدءا من فريد الأطرش وأم كلثوم وكوكا والعديد من الأعمال المسرحية مثل "عزيزة ويونس" ليظل اسمه خالدا خلود الفن الأصيل .. لتميز لغته بالفكاهة والسخرية والتي دخلت قلوب الناس في الحواري وعلي المقاهي .. ومن هنا انطلقت شهرته وترددت كلماته التي كانت أقوي من الرصاص في مواجهة الاحتلال البريطاني لمصر. نظرا للمقارنات المتعددة التي عقدت ومازالت بين الثورتين المصرية والتونسية منذ اندلاعهما.. ولأن بيرم التونسي فنان الشعب يجمع بين البلدين حيث جذوره تمتد لتونس وحياته ونشأته بمصر.. فقد كان لابد أن نلتقي بحفيد فنان الشعب المستشارمحمود بيرم التونسي نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ومسئول الادعاء التأديبي ورسام الكاريكاتير.. لنحاوره ليس لأنه حفيد بيرم فحسب بل بالإضافة لذلك لاهتماماته بالسيرة الذاتية لشاعر الشعب بيرم التونسي.
محاربة الفساد جمعتني بجدي بيرم !
ما أوجه الشبه بينك وبين بيرم التونسي في محاربة الفساد من خلال أعمالك الفنية والإدارية؟
نعم هناك علاقة مشتركة بيننا وهي كشف الفساد ومحاربته .. ولعلنا جميعا نعلم أن بيرم يعتبر الجاحظ في كتابه "الحيوان" هو أهم كاتب فكاهي في الأدب العربي .. إذا أحسنت قراءته لأنه كان يستخدم الفكاهة لتعرية فساد كل ذي صاحب منصب أوجاه .. وهو معني يتفق وعملي في النيابة الإدارية التي أتشرف بالانتماء لها.. لأنها معنية بأمرين معا كشف الفساد والتحقيق فيه .. وإرساء العدل وروح العدالة لدي قطاع الموظفين والذي انتبهت إليه ثورة يوليو مبكرا وقبل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بسنوات عندما أنشئت النيابة الإدارية في عام 1954.
وهنا أحب أن أشير إلي أنه وقد قامت ثورة يناير فإنه من المهم أن يستفيد المجتمع الجديد من كل مؤسساته علي أفضل نحو .. وهو معني يجعلني أري أن تطوير النيابة الإدارية لمصلحة الثورة والمجتمع .. يجب أن ترتقي من مجرد التحقيق في وقائع الفساد إلي تولي المحاكمات التأديبية للفساد .. وهومايمكن تسميته سلطة قضاء التأديب. خاصة أن مساءلة المفسدين تحتاج إلي ذهنية عقابية تبحث وراء فكرة الشرعية والنموذج الإجرامي عكس الذهنية التي تحكم عمل مجلس الدولة الذي يتولي الآن المحاكم التأديبية ..فهي ذهنية تبحث في المشروعية للقرارات الإدارية وهما أمران مختلفان ..وأستطيع أن أؤكد أنه لو تبنت اللجنة التأسيسية للدستور ذلك لتحققت فائدة كبيرة للمجتمع.
هل أنت قلق علي حرية الإبداع لما يتعرض له من إرهاب فكري؟
الإبداع الحقيقي قرين فكرة الحرية وكل المبدعين الحقيقيين في التاريخ الإنساني .. كانوا ينطلقون عندما يتحرروا من القيود والقهر .. والتاريخ سيتجاوز أي محاكمة هنا أو هناك بخصوص الإبداع والثقافة.. فتاريخ مصر الحضاري والثقافي لايقف عند حدود.. وأنا شخصيا لست قلقا من المحاكمات التي تتم للثقافة لأن التاريخ سيتجاوزها، كما أنني متفائل لأن عجلة التاريخ تحركت والتاريخ يسير للأمام .. ولا أحد يستطيع خنق الإبداع أو قهره، فالمجتمعات التي تخنق الإبداع تعيد إنتاج تخلفها وتخنق تقدمها بيديها .. وإذا كان هيرودوت المؤرخ الإغريقي قد قال إن مصر"هبة النيل" فإنها أيضا "هبة المبدعين" أصحاب القوة الناعمة في دور مصر الإنساني.
بعد الإشارة الأخيرة في خطاب الرئيس للفن؟ هل تعتقد أنه سيحظي بمكانة لائقة؟
الأمر يتوقف علي ماسيتخذ من سياسات في الواقع .. ففي مجتمع يستهدف النهوض لو كان يمتلك رؤية حقيقية للفن ودوره فأن الفن سيكون ركيزة أساسية لأنه الأكثر تأثيرا علي المواطن والأسهل وصولا فضلا عن أنه كما يقولون يمثل القوة الناعمة لمصر في محيطها العربي والدولي .. ففي زيارة لي للبنان قرر لي مواطن لبناني أنه يعشق أفلام عادل إمام ولكنه الآن لايستطيع أن يتواصل مع أفلام الجيل الجديد بسبب عدم وضوح اللغة ولاننسي ماخلقته المسلسلات التركية من حالة رواج سياحي واقتصادي لتركيا لذلك فإن مؤسسات الفن تمثل صناعة ضخمة يعمل فيها آلاف من العاملين وتشكل بابا مهما من أبواب الاقتصاد القومي وهو مايوجب تقديم فن جيد.
كيف تري تأثير الثورة علي الإبداع في المستقبل بشكل عام؟
نحن علي أعتاب بداية مرحلة جديدة وتغيرات كبري في الفكر والأدب والفن والإبداع بشكل عام .. فإذا كان جزء من هذا الإبداع قد تفجربعد الثورة نتيجة إزاحة غطاء القهر.. فإنه أيضا كان نتيجة تراكم إبداعي كبيرساهم فيه مبدعون سابقون .. ولهذا ليس غريبا أن تقوم الثورتان في مصر وتونس كما قال أبوالقاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر" وهو ذات المعني في كثير من أشعار بيرم باللغة العامية التي سلطت الضوء علي حياة الفقراء وتعرية الفاسدين من بينها قصيدة " القرع السلطاني " ودعت إلي تغير حقيقي في حياة الوطن .. وعندما تستقر الثورة سيظهر الإبداع الذي يليق بروعة وجلال هذه الثورة .. لكن هذا يتطلب أيضا وجود ثورة ثقافية بالتوازي مع ثورة يناير.
بعد ما يقرب من عام ونصف العام كيف تري الثورة المصرية؟
هذه الثورة نتاج ثورة المعلوماتية وهي من بواكير الثورات العربية بالقرن الواحد والعشرين .. ودائما صراع التخلف والتحضر ينتهي لصالح التحضر وانتصارا للغد والمستقبل.
مارأيك في المشهد السياسي بعد الانتخابات الرئاسية؟
أنا كمواطن أتابع المشهد السياسي وأشعر بارتباك شديد جدا في هذا المشهد .. وربما كانت كثير من الإجراءات التي أتخذت هي السبب في هذا الارتباك .. وأنا من المؤمنين أنه طالما نتحدث عن ثورة فإنه ينبغي أن تخلق الثورة أدواتها الثورية حتي يحدث التغير الجذري .. ولكن المشهد الآن يشير إلي أننا أصبحنا نعتمد علي المؤسسات القضائية لكي تخلق الحالة الثورية .. والآن وقد تم انتخاب الرئيس فإننا نتقدم خطوة نحو الأمام .. نتمني معه أن يوفقه الله في إحداث التغير الذي تنشده الثورة ولكننا قبل ذلك يجب أن نقدر الخطوة التي أقدم عليها الفريق شفيق بإلقائه بيانا اعترف فيه بنتيجة الانتخابات فهذا نموذج يفرض نفسه علي من سيدخل اللعبة الديمقراطية .. وفي انتظار ماسيفعله الرئيس ليس أمامنا سوي الانتظار ونتمني أن يزول عنا القلق من الأشارات السلبية التي وردت في خطبه الأولي وأهمها عدم التركيز الذي اضطر الرئيس أن يلحق بخطابه الأول اعتذارا للفنانين والأدباء وأن يلحق بخطابه الثاني تفسيرا لقصده من الإفراج عن الشيخ عمر عبد الرحمن ناهيك عن ارتباكات تنظيم حفل جامعة القاهرة .. ونتمني في كل ذلك ألا تكون مثل هذه الارتباكات هي السمة التي ستميز فترة حكم الرئيس. فمصر قامة كبيرة .. كما أن هناك إشارة سلبية أيضا ربما لاحظها البعض عندما أستهل السيد الرئيس فترة رئاسته بإعادة إنتاج بعض آليات النظام القديم والمتمثلة في منح علاوة اجتماعية رفضها لاحقا أرباب المعاشات .. فمثل ذلك ليس بالتغيير الذي نشدته الثورة والذي يجب أن يوجه إلي جوهر النظام البائد " أقصد الفساد " الذي بات يعشش في كل أركان الدولة ..فمثلا يحذر الدكتور مصطفي الفقي من سطوة قطاعات من العاملين في مؤسسة الرئاسة ومواجهة كتلك كنت أتصور أن مجلس الشعب المنحل أو الذي قد يعود أنه سيبادر إلي إصدار قانون ليبيح الحق في الحصول علي المعلومات وتداولها فحيثما كانت هناك المعرفة كانت هناك المساءلة الكفيلة بمنع الظلم.
مارأيك في توزيع المناصب حول السيد الرئيس ؟
إن فكرة المحاصصة في توزيع المناصب السياسية سواء كانت علي مستوي نواب الرئيس أو حتي عضوية اللجنة التأسيسية هي فكرة سيئة ولاتقدم أفضل العناصر لأنها تكرس التمييز داخل المجتمع وتهتم بالشكل دون الموضوع فكيف نتحول الآن عن نسبة العمال والفلاحين ثم نبحث في المناصب المختلفة هذا يؤدي الي عدم استقرار الوطن وعدم اندماجه في فترة مرشحه بامتيازلصراع بين القوي الرئيسية الموجودة علي الساحة السياسية وهو أمر نتمني عدم حدوثه .
مارأيك في ثورة 25 يناير ؟
أي ثورة في الدنيا هي بالضرورة ثورة ضد الفساد الذي يتخذ أشكالا لانهائية .. والفساد كحالة ظلامية هو ضد النور والوضوح وينتج عنه أنظمة إستبدادية .. لذا كان لابد كأول إجراء بعد الثورة وقبل التطهير .. أن يكون حق تدوال المعلومات أو الشفافية مكفولا .. فالحق في المعرفة هو الذي سيكفل حق المساءلة ومن ثم إعمال وجه القانون والعدالة .. ولكن حتي الآن لم يصدر مثل هذا القانون .. وهو ما يفسر حالة الآرتباك التي تحيط بالمشهد السياسي الآن .. ونعتقد أنه يتصل بذلك بحكم موقعي في النيابة الإدارية .. أن أذكر بأنها هي المعنية بمساءلة الفساد سواء في صوره البسيطة كالأخطاء الناتجة عن إهمال أو صوره القصوي التي تشكل جرائم متعلقة بالمال العام .. ولو كان حق المعرفة مكفولا للمواطنين لكانوا علموا وقتها بأن كثيرا من الاختصاصات تم نزعها من النيابة الإدارية.. لمصلحة ترعرع الفساد وبالذات في القطاع العام .. وكما ذكر كثيرون من المفروض بعد قيام الثورة أن يتم تدعيم النيابة الإدراية بإعادة الاختصاصات التي سلبت منها وهو مامن شأنه تحقيق العدل.
ما دور النيابة الإدارية قبل الثورة ؟
يجب أن نعلم أن كثيرا من المناضلين الآن عندما كانت الإدارة تضطهدهم بضغط من الأمن .. كان التحقيق العادل المحايد للنيابة الإدارية هو الذي ينصفهم .. وهكذا ليس من الغريب أن نجد في أزمة التحقيق مع سفير مصر المنقول . أن يرفض السفير الاعتراف بحيدة مجلس التأديب بحسب المنشور في الجرائد.. فلو كانت النيابة الإدارية هي المختصة لوفرعلينا حالة التشكك تلك.. خلاصة الكلام أن هناك هيئة موجودة فعلا تقوم علي مساءلة الفاسدين وبعدالة.
هل سيتغير دورها بعد الثورة ؟
يجب عدم هدر طاقة النيابة الإدارية بل الاستفادة منها وذلك بدعمها.. وهذا ليس فقط برد جميع الاختصاصات التي حذفت منها.. ولكن بأن تختص بالتحقيق في وقائع الفساد كنيابة ويضم إليها المحاكم التأديبية.. بحيث تكون هناك هيئة واحدة مكونة من النيابة والمحاكم التأديبية.. فمجلس الدولة من وجهة نظري لايختص أصلا بالمحاكم التأديبية.
هل أنت محظوظ بأنك أحد أفراد أسرة التونسي ؟
أعتقد أنني محظوظ كثيرا لأنني ولدت وعشت في الاسكندرية وشاعر الشعب بيرم التونسي كذلك .. التي أثرت في حياته وذائقته الأدبية ومصير حياته .. خاصة أنه في الوقت الذي كان بيرم يعيش فيه في الاسكندرية .. كانت المدينة يعاد بناؤها بعد دك الأسطول الإنجليزي لها .. وكان أشهر المعماريين في العالم يحضرون لتصميم أروع المباني .. ولايعلم الكثيرون من أهلنا مثلا أن " أوجست بيريه" أحد أهم الأسماء المعمارية في فرنسا والعالم وأول من استخدم الخرسانة المسلحة في بناء الفيلات .. كانت أول فيلا يبنيها خارج باريس هنا في منطقة وابور المياه بالاسكندرية وحاليا تتعرض للتخريب .. بل إن يهوديا مثل الخواجة "جو آر" بني في أوائل القرن العشرين واحدة من أهم الفيلات التي علي الطرز "النيوقوطي" .. وهي الفيلا التي استأجرها مجلس الدولة في الشلالات من جهاز الحراسات .. وعند انعقاد جلسات المحاكمات التأديبية بالمجلس .. كنت أشاهد لوحة هائلة بارتفاع خمسة أمتارلمنظر بديع رغم كل عوامل الاهمال والتعامل بوحشية معه .. وعندما صورت اللوحة الضخمة الموروثة عن الخواجة "جو آر" ودققت في التوقيع تبين أنها للمصور الفرنسي العالمي "إتيان بييوه" الذي له متحفا في نيوكاسل بسويسرا وهي الآن تساوي الآلاف من اليورو ولا يعرف أحد عنها شيئا .
ماذا يعني إعادة افتتاح مسرح بيرم التونسي بعد الإغلاق لعدة سنوات؟
في البداية دعنا نتفق علي أن سيرة بيرم وأدبه ليس ميراثا عائليا وإنما هو ميراث للأمة كلها.. وبالتالي عندما أتحدث فأنا لا أتحدث من منطلق صلة الدم والعائلة.. وإنما بشكل أكبر باعتباري مولعا ببيرم المناضل والأديب .. وبالتالي فأنا أري أن إعادة افتتاح مسرح يحمل أسم شاعرالشعب إنما هي إضافة للثقافة والحركة المسرحية كما أنها تحمل بعض رد الاعتبار لما حاق به من ظلم.. بالطبع أنا أري أن إعادة افتتاح مسرح بيرم التونسي مرة أخري كان بمثابة عودة الروح للحركة المسرحية والثقافية .. خاصة في ظل مشاركة كوكبة من المثقفين في حفل الافتتاح والبدء في انتاح مسلسل "أهل الهوي" الذي يأتي في توقيته بعد قيام ثورتنا.. والمعني هو أن الثورة معنية بأن تقدم لشبابها أحد النماذج المضيئة التي ساهمت عبر تاريخ مصر في تكوين هذا الوعي الذي قاد الثورة..
ماذا تقصد بولعك ببيرم كمناضل وأديب؟
ليس من باب الدردشة عن بيرم أن أضعه في قلب الثورة المصرية وإنما من باب القراءة الموضوعية لسيرته وأدبه .. فقد كان الأدب واللغة العامية هي أداته لإحداث تغيير حقيقي وجذري في حياة من انحاز إليهم أقصد الفقراء وتعرية الفاسدين .. وكان ذلك سببا مباشرا لنفيه عن البلاد كأقصي ثمن يمكن أن يدفعه إنسان .
هل الدراما كان لها دور في حياة بيرم ؟
في الحقيقة إن حياة شاعر الشعب بيرم التونسي ذاتها علي مستوي عال من الدراما .. خاصة الفترة السابقة علي النفي وفترة النفي نفسها وفيها نستطيع أن نري كيف أن حياة إنسان من الممكن أن تجسد خطوط الطول والعرض لتاريخ وطن.. وأنا بحكم الانتماء العائلي أعلم الكثير من التفاصيل التي تكشف وتفسر ماحدث ببيرم والوطن.. فالعائلة عندما جاءت في النصف الأول من القرن التاسع عشر استقرت في منطقة بحري "السيالة" بالأسكندرية.. وفي هذه الفترة كانت الأسكندرية تعتبر بوابة المغرب العربي نحو الشرق وفي هذه المنطقة التي تتسم بالطابع الشعبي.. ولد محمود بيرم في المنزل الذي ابتنته العائلة بشارع بن عجمي.. حظي أنني ولدت وعشت في تلك المنطقة وبهذا فإنني أحس كثيرا بالروح التي تسري في أشعار بيرم.. لقد كانت تعبر بامتياز عن روح المناطق الشعبية وأولاد البلد.. وهذا ربما ساعد من ناحية علي تحديد توجهه نحو زجل العامية.. عندما يقول أنه اختار كتابة الأزجال العامية حتي تكون سهلة الفهم والوصول للمواطن العادي ومن ناحية أخري ربما هي كانت بتأثير الذوق المغاربي للعائلة .. فمن المعروف أن الزجل قد تسرب منذ بن قزمان الي المغرب العربي وبات ملمحا أساسيا من ملامحها.. ونستطيع القول بأن وقوع تونس تحت الاحتلال الفرنسي أدي إلي خضوع أفراد عائلة الجد مصطفي بيرم للامتيازات الأجنبية ورغم أن بيرم كان يعارض الامتيازات الأجنبية.. إلا أنها أدت إلي انقاذه من انتقام السلطان فؤاد والاكتفاء بنفيه.
ما الأسباب التي أدت لنفي بيرم؟
يجب أن نعلم أن في هذه الفترة المبكرة من القرن العشرين كانت فكرة النفي موجودة وبقوة سواء لدي السلطات المصرية أو سلطات الاحتلال.. فلا ننسي نفي الأستاذ الأول لبيرم عبد الله النديم الأدريسي الي أسطنبول ولانفي يعقوب صنوع "أبو نضارة" والذي نفي الي باريس أيام حلمي الثاني وفي هذه الفترة نحن نعيش في الأسكندرية التي كانت أهم من نيويورك مائه مرة.. فقناصل الدول بالأسكندرية وحركة الصحف والمجلات فيها أيضا.. وكذلك المطابع وتفوق الجاليات الأجنبية علي الوطنيين.. منح المدينة الجو الذي ساهم في تأسيس وعي وثقافة بيرم.
هل كان للبحر دور في حياة بيرم؟
أري أن البحر منحه شجاعة الإقدام علي نقد السلبيات دون وجل وعلي الدخول مباشرة لعالم الشعر محترفا خاصة بعد أن ضربت شهرته الآفاق بقصيدة المجلس البلدي .. وهو في هذه الفترة وبحسب فليب طرزي صاحب كتاب تاريخ الصحافة العربية.. فقد أرسي بيرم صفته كصحافي ونشر مجلته "النجاح" 1916.. والتواريخ هنا مهمة لأن سكوت بيرم والعائلة عن تفاصيل حياته أدي إلي غموض وتضارب كثير من التواريخ .. ثم يبيع شاعرنا ميراثه في المنزل الذي ورثه عن أمه سليلة عائلة أبو شال وأسس "مجلة المسلة " عام 1919 وذلك بعد توقف مجلة النجاح .. وسنكتشف لاحقا أن فكرة الزجل والشعرقد تماهت عنده ..أي توحدت مع فكرة الصحافي .. ونأتي الي الزجل الذي أثار السلطان فؤاد ..وكان فؤاد قد تولي حكم مصر بعد السلطان حسين عام 1917 .. وكتب بيرم قصيدة القرع السلطاني ثم قصيدته عن ميلاد الملك فاروق والتي جاءت تحت عنوان "هأ.. هأ.. مأ .. مأ" ودون الخوض في تفاصيل قانونية .. فقد أصبح قنصل فرنسا في الأسكندرية بحكم اتفاقيات الامتيازات الأجنبية .. التي وقعها الخديوي توفيق مع فرنسا .. نقول إنه أصبح مختصا بالتحقيق مع بيرم وإصدار قرار نفيه الي تونس .. والحقيقة أن بحث هذا الموضوع يقتضي الحصول علي وثائق التحقيق وجميعها موجودة في الأرشيف الفرنسي ويحتاج الاطلاع عليها من الباحثين لكثير من الجهد والوقت.. ولكن يكون من المؤكد أن أوضاع العالم الذي تشكل مع نهاية القرن التاسع عشر والاتفاق الودي بين انجلترا وفرنسا .. وتقسيم العالم العربي بينهما ومن قبل ضعف الدولة العثمانية ومنحها للامتيازات المتعددة للفرنسيين والاجانب .. والأحتلال الفرنسي لتونس كل ذلك شكل معالم الطريق الي المنفي الذي تعدد أكثر من مرة آخرها عندما نفي لسوريا عام 36 .
وهل نفي بيرم جعله يتخلي عن قضيته؟
كانت القضية عند بيرم باستمرار هي قضية الوعي والتنوير وهذا انعكس علي أن معظم الأعمال التي مارسها كانت تتعلق بحرفة الكتابة.. وإنما الكتابة المحرضة علي الثورة لذلك نجده عندما تقابل في مرسليا عام 1927 مع محمد العيوني الثائر التونسي.. استجاب لدعوته عام 33 وسافر تونس ليتولي رئاسة تحرير جريدة "الزمان التونسية "وهي الجريدة التي قادت شعلة التنوير والتحريض علي مقاومة المستعمر الفرنسي ومقالاته وأشعاره محفوظة .. وهناك اكتشف الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي ملهم الثورة الذي قال: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر . وعلي هذا فإن بيرم أيضا ليس بعيدا عن الثورة التونسية فهو أحد المؤسسين للوعي الثوري هناك.
وما علاقة بيرم بتونس بذلك؟
علاقة بيرم بتونس تعود الي عام 1574 عندما وطأت قدم الجد الأكبر مصطفي بيرم الأرض التونسية مع الحملة العثمانية بقيادة سنان باشا زمن الدولة الحفصية لطرد الأسبنيول.. وقد استقر هذا الجد وتزوج من بنات إحدي العائلات الشريفة هناك.. تماما كما فعل جدنا هنا في الأسكندرية أيضا مصطفي بيرم .. ومن المهم أن نذكر وربما هذا يكون له علاقة بالجينات أنه علي مدار خمسة أجيال متعاقبة في تونس.. منذ محمد حسين بيرم الأول وحتي محمد بيرم الخامس .. كانت مهنتهم تتعلق بالثقافة فقد تولوا منصب شيخ الإفتاء "منصب المفتي" والأخير محمد بيرم الخامس تولي منصب وزير الأوقاف وأسس صحيفة من أوائل الصحف في تونس ثم طرده الفرنسيون واستضافه الخديوي اسماعيل وعينه مستشارا بمحكمة استئناف القاهرة الأهلية .. وهو يكون بن عم جدنا الأكبر الشيخ مصطفي بيرم .. ونكتشف أن الجذور الحقيقة للعائلة هي من قبيلة بني أسد في الجزيرة العربية .. وارتحلوا الي وسط آسيا.
ماذا عن الارتباط بين الثورات في البلدين؟
باعتباري سكندري أستطيع أن أفهم هذا السؤال علي النحو التالي فكلنا يعلم أن الاسكندرية هي مدينة مغاربية بامتياز .. وبالتالي فإن روح الثورة كما تكمن هناك تكون أيضا كامنة في مصر .. ولكن في التفاصيل ستختلف
هل لعبت المصادفة دورها قيام الثورتين في ذات الوقت ؟
لا أستطيع أن أزعم أن الارتباط العائلي وصلة الدم قد أورثتني شيئا من نباهة وعبقرية بيرم ولكنها أورثتني قدرا من الاهتمام بسيرته الشخصية والإحاطة ببعض تفاصيلها التي قد لايعلمها البعض .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.