فى عرس جديد و ميلاد سعيد، عاد مسرح بيرم التونسى بالاسكندرية للأضواء مرة ثانية، بعد توقف دام سبع سنوات، وسط حشد جماهيرى ضخم، افتتح د . شاكر عبد الحميد وزير الثقافة و د . أسامة الفولى محافظ الاسكندرية، و رافقهما المخرج ناصر عبد المنعم رئيس البيت الفنى للمسرح، مسرح بيرم التونسى بالاسكندرية، بحضور حسن خلاف رئيس قطاع مكتب الوزير، د . خالد عبد الجليل رئيس قطاع الانتاج، المخرج السيد محمد على رئيس المركز القومى للمسرح، و نخبة كبيرة من الفنانين و الفنانات منهم سميحة أيوب، أشرف عبد الغفور نقيب المهن التمثيلية، د . هانى مطاوع، أحمد أدم، جمال عبد الناصر، محمد الهوارى رئيس مجلس ادارة الأخبار، حسين مليس المشرف العام على مسارح الاسكندرية و حفيده المستشار محمود بيرم التونسى، بالاضافة لنخبة كبيرة من نقاد المسرح المهتمين بالحركة المسرحية، و لفيف من الاعلاميين و الصحفيين. وقد أعلن د . شاكر عن تكوين فرقة الاسكندريةالجديدة للفنون المسرحية و تمنى لثورة 25 يناير أن تخرج من أزمتها، مؤكدا بأن الثورة بدأت من الاسكندرية، و رحب د . شاكر بالفنانة القديرة سميحة أيوب و ما قدمته من مسرحيات عظيمة بعضها قدم على مسرح بيرم التونسى، و الفنان أشرف عبد الغفور و د . هانى مطاوع، و كل الفنانين الذين جاءوا ليحتفلوا بهذا اليوم الاسطورى، مضيفا بأن بيرم لم يكن مجرد كاتب أو مؤلف، و انما كان حالة ابداع متدفقة، كان يعانى من الغربة فى وطنه، و كان قريبا من الشعب و من ثم سمى بفنان الشعب، واصفا بيرم بأنه شديد الرهافة و الحساسية، و يعمل من خلال الادراك لكل تفاصيل الواقع، لقد كان يعتمد على العين و الأذن و الذاكرة و الخيال فى تلقى المثيرات من الواقع، لكنه لم يكن يرصد هذا الواقع من على مبعدة أو مسافة بعيدة، بل كان يتلقى هذة المثيرات و الأفكار و الصور و الانطباعات و يعايشها و يصبح جزءا منها، لأنه جزء منه، كان يلتحم بكل احباطات الشعب و رغبته فى ان يكون أفضل، كما كتب العديد من القصائد عن الاسكندرية و حى ستانلى و تغيرات المجتمع المصرى و علاقة الشرق بالغرب، صورة المرأة فى أشعاره، كان يجسد كل ذلك و يبرزه فى أعماله " و كان من الأصح أن يطلق عليه بعض النقاد العين اللاقطة " أو ما يسمى بفن الالتقاط الدال، هكذا كتب بيرم عن الحكومة و الأمن و المحامين و الواسطة و الاختلاسات والغش و الغلاء و الدروس الخصوصية و الغناء الهابط و الزحام و الضرائب و فوضى الميكروفونات . كان مدركا لكل هذا التغير الذى طرأ على المجتمع المصرى، و كتب أيضا عن الأماكن فى الاسكندرية و القاهرة فى الصيف و الدلتا و لندن و باريس و ستانلى و سيدى بشر، لوكاندة الحاج سالم، دكان مرسى، قهاوى الحرامية، حانة مانولى، ضريح السيدة، العراق، السودان، كما كتب عن الحرف و المهن و المأذون و الجرسون، و عن شخصيات كثيرة، و عن أحداث اجتماعية، و أشار عبد الحميد أن بيرم كان شديد البراعة فى السخرية و التهكم و المفارقة، و قد استخدم بيرم السخرية من أجل النقد الاجتماعى من المؤسسات الاجتماعية و السياسية، و من الشخصيات و الشعوب و الأمم و بعض أصحاب المهن، فالسخرية لديه هى ألية أساسية من أليات النقد الاجتماعى، كان يرغب فى هدم السلوكيات السلبية كى تحل محلها سلوكيات ايجابية و من أجل أن يستشرق رؤية جديدة، كتب أيضا عن الفن و ضرورته فى الحياة، و المسرح، و النقاد و المؤلفين و المطربين و الأدباء و قانون حق المؤلف فى بلادنا مقارنة بأحوالهم فى أوروبا، و أيضا عن السينما . وصرَّح الدكتور . أسامة الفولى بأن يكون فناء المسرح هو ساحة للتعبير عن أفكار الشباب الثوريين، لأننا فى مرحلة فارقة يجب أن تتضافر فيها كل الجهود و العمل من خلال رؤية حقيقية تحافظ على التراث، و أن يحصل كل مواطن سكندرى على حقوقه فى الكرامة و الفكر و الابداع، و أضاف الفولى بأن أرض الاسكندرية هى أرض الثورة التى قدمت 83 شهيدا من أبناءها لمصر، و هى الأرض التى ولد فيها بيرم التونسى و سيد درويش، و قد خاطب الشباب قائلا : أيها الشباب الثائر ان هذا المسرح أنشىء لكى يعبر عن الفن المصرى و ينقل أحاسيس الأمة . و قال ناصر عبد المنعم بأنه توجد ثلاثة قيم اجتمعت لتمنح مسرح بيرم التونسى التميز و الاستثناء و هى المكان و التاريخ و الاسم، فالمكان مدينة الاسكندرية حاضنة الحضارات و ملتقى الثقافات على مر العصور، نافذة مصر الشمالية على الشاطىء الأخر – شاطىء الحضارات القديمة و الحديثة، أما تاريخ هذا المسرح فيمتد الى ستينات القرن الماضى، الى زمن ازدهار المسرح، لقد سجل تاريخ مسرح بيرم عروضا مسرحية رائعة قدمها عمالقة المسرح المصرى، أما الاسم فهو شاعر الشعب الذى التزم بقضايا وطنه بيرم التونسى و أحد أشهر المنفيين فى تاريخ مصر – أبعدته السلطة فاستقر فى ضمير أمته و سكن وجدان شعبه، لقد بدأ العمل فى هذا المشروع الكبير منذ عام 2008 و قد دعمه من قبلى رؤساء سابقون للبيت الفنى للمسرح و هم الدكتور أشرف ذكى – الفنان توفيق عبد الحميد – الفنان رياض الخولى – الكاتب السيد محمد على، كما أعلن عن انطلاق ليالى مهرجان ربيع المسرح الأول بالاسكندرية بمشاركة 17 فرقة مسرحية سكندرية، و قام بتوجيه الشكر لوزير الثقافة الذى وافق على دعم الوزارة لهذة الفرق من خلال مهرجان الربيع، و للدكتور أسامة الفولى على تشريفه و دعمه لشباب الفن . وفى نهاية كلمته أوصى عبد المنعم فنانى المسرح بأن يجعلوا من هذا المهرجان بداية مسرحية جديدة فى مصر الحديثة التى سندافع فيها عن حرية الابداع و التعبير، كما رفض باسم المسرحيين المصريين حملات القمع و التكفير التى يتعرض لها الفنان عادل امام و فنانون أخرون، مضيفا بأن القضاء قد برأ ساحته و سنواصل الدفاع عن حرية الابداع و التخلف و الظلام، و لا نرضى أن تعود مصر الى الوراء . وأعرب المستشار محمود بيرم التونسى عن مدى سعادته بحضوره فى هذا العرس الثقافى و هذا الجمع من ضمير الأمة، مشيرا بأن افتتاح هذا المسرح جاء بعد ثورتنا المجيدة، و المجد للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، مؤكدا بأن الثورة فى الثقافة رافد من روافدها الهامة، مؤكدا بأن افتتاحه رفع الظلم عما لحق ببيرم فى حياته و مماته، و قد شاركت عائلته فى هذا الظلم لأنهم لم يتحدثوا عن شخصية بيرم . وأشار د . سناء شافع بأن مسيرة أمس كانت للفنانين و ليست للأفراد، مؤكدا أننا فداء لمصر و ضد أى تخلف من أى نوع لحماية ثورتنا . ثم قام د . شاكر عبد الحميد و د . أسامة الفولى و ناصر عبد المنعم بتكريم اسم الراحل الفنان بيرم التونسى و ذلك باهداء حفيده المستشار محمود بيرم التونسى درع التكريم، كما كرموا نبيل الألفى و تسلم نجله درع التكريم، بالاضافة لتكريم رموز الابداع منهم الفنان محمود عبد العزيز و الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز والفنان محمد وفيق و زوجته كوثر العسال و تسلمه نيابة عنهم عثمان محمد على، كما تم تكريم الفنان يوسف داوود و وحيد سيف و تسلمتها عايدة فهمى مدير المسرح الكوميدى، و الفنان أحمد أدم الذى قدم التحية لكل من شارك فى انشاء هذا المسرح، موضحا بأنه قد قام بالتمثيل على خشبة هذا المسرح، و ها هو قد وقف على خشبة المسرح بعد عودة كرامة المصرى، الى جانب تكريم كل من الروائى ابراهيم عبد المجيد، و الملحن فاروق الشرنوبى، و الموسيقار حمدى رؤؤف، و حسين جمعة، و الدكتور أبو الحسن سلام، و اسماعيل محمود، و على الجندى، و الدكتور محمود البهتيمى، و الفنان ايمان البحر درويش و تسلمه د . حسن البحر درويش، و أحمد رزق و تسلمته عزة لبيب مديرة مسرح الطفل، و حسين مليس، بالأضافة لتكريم ثلاثة من شهداء حريق بنى سويف، و هم مؤمن عبده، ياسر ياسين، الفنانة سامية جمال، كما قام د . شاكر بتكريم د . أسامة الفولى و ذلك باهدائه درع التكريم . تضمن حفل الافتتاح موسيقات عسكرية بحرية و فرقة الحرية و التذوق و أبو قير للفنون الشعبية، وإزاحة الستار عن اللوحة، الى جانب عرض احتفالية شبابية لأعضاء فرقة الاسكندرية المسرحية بعنوان: ( بيرم ... بيرم ) تحكى حياة بيرم التونسى، تأليف محمود الطوخى، اعداد و اخراج محمد مرسى، بطولة أكثر من 30 فنانا سكندريا، و تقديم مقطوعات غنائية من أشهر قصائده، اشراف موسيقى حمدى رؤؤف، بالاضافة للاعلان عن فعاليات مهرجان ربيع المسرح السكندرى 29 أبريل حتى 19 يونيه بمشاركة 17 عرضا مسرحيا من الفرق المستقلة و الحرة و الجامعات و قصور الثقافة بالاسكندرية . الجدير بالذكر أن المسرح يتكون من طابقين، حيث يحتوى المسرح على قاعة استقبال لكبار الزوار مساحتها 296 متر و مبنى إدارى، و 25 غرفة للممثلين و كافيتريا و ورشة نجارة و مخازن و استراحة و قاعات متعددة الأغراض، و ستوديو للصوت و مركز اعلامى مجهز بأحدث التقنيات و مقاعد فاخرة، كما تم تجهيزه بأحدث وسائل الدفاع المدنى و أنظمة مراقبة حديثة، كما تم تصميم واجهة المسرح الخارجية على الطراز المعمارى الرومانى الذى يميز الاسكندرية .