محمد بركات من تحصيل الحاصل، الذي لا يحتاج الي إثبات منا أو من غيرنا، ومن البديهيات المسلم بها من الجميع، أن الدكتور محمد مرسي هو رئيس مصر الآن ومنذ انتخابه وأدائه لليمين الدستورية في الثلاثين من يونيو الماضي، وأنه أصبح منذ تلك اللحظة رئيساً لكل المصريين بكل طوائفهم وصنوفهم، وبتعدد واختلاف مستوياتهم الاجتماعية والسياسية والفكرية . ولا نحتاج الي التأكيد علي أنه، منذ لحظة إعلانه رئيسا، وتوليه المسئولية علي قمة السلطة التنفيذية للبلاد لم يعد الدكتور مرسي ممثلا لحزب الحرية والعدالة، الذي كان رئيسا له، ولم يعد كذلك معبرا عن جماعة الإخوان المسلمين، التي كان من قادتها وعضوا في مجلس إرشادها،..، ولكنه أصبح رمزا للدولة المصرية، وممثلا لكل المصريين، ومعبرا عنهم، بمن فيهم كافة القوي والتيارات السياسية والحزبية، من أقصي اليسار الي أقصي اليمن، بينهم بالطبع حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان . والدكتور مرسي في ذلك ليس بدعة، ولا استثناء، بين الرؤساء في كافة دول العالم، بل هذا هو المعمول به في كل البلاد التي يأتي المسئولون فيها بالانتخاب،..، فالرئيس أوباما مثلا بعد انتخابه أصبح رئيسا لكل الأمريكيين المنتمين للحزب الجمهوري أو الديمقراطي أو غيرهما، وكذلك الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أصبح رئيسا لكل الفرنسيين وليس للاشتراكين أو اليساريين فقط، وهكذا في ألمانيا، وغيرها وغيرها . ومن الطبيعي في هذه الحالة أن يحرص كل المصريين علي دعم ومساندة الرئيس الجديد، وتمكينه من تأدية مهامه وتولي مسئولياته والوفاء بما تعهد بإنجازه في إطار البرنامج الذي خاض علي أساسه الانتخابات وحاز به علي ثقة وموافقة الغالبية من الناخبين، ومن الطبيعي أيضا أن يحرص كل المواطنين وكافة القوي السياسية والحزبية في مصر علي إعلاء شأن الرئيس وقدره ودعم مكانته وتهيئة الظروف المواتية لنجاحه في النهوض بمصر وتحقيق الاستقرار والأمن والأمان لها . ولتحقيق ذلك، يصبح من الضروري إنهاء حالة الانقسام والتحزب القائمة الآن بين القوي والفاعليات علي الساحة، السياسية والتي تقف فيها جماعة الإخوان المسلمين والمتآلفون معها من السلفيين والأحزاب الدينية، في جانب، والأحزاب والقوي الليبرالية واليسارية ودعاة المدنية في جانب آخر، وبينهما صراع ساخن وفرقة واضحة وخلاف محموم،وكلا الطرفين يزج بالرئيس فيه، ويحاول جاهدا إقحامه داخله، الطرف الأول يقول إن الآخر يخلق المشاكل للرئيس بهدف تعويقه وهز مكانته وعدم تمكينه من النجاح، في حين يؤكد الفريق الآخر، سعي الإخوان وجماعات الإسلام السياسي للتكويش علي السلطة، والاستيلاء علي كافة مفاصل وأعمدة الدولة، لتفكيكها وإعادة صياغتها وفقا لأهدافهم ومخططاتهم، وأنهم يستغلون سلطة الرئيس في تحقيق أهدافهم . وفي هذا الإطار لا بد من القول بكل الموضوعية والأمانة، أن استمرار ذلك الوضع بما هو عليه من انقسام واضح يحمل في طياته الكثير من الأخطار التي تهدد سلامة الوطن وأمنه، وتحول دون تحقيق الاستقرار الذي كنا نأمل فيه بعد الانتخابات الرئاسية وتولي الرئيس لسلطاته ومسئولياته، ونقول أيضا أنه أصبح من الضروري وضع نهاية لهذا الوضع البائس والخطر،..، وفي ذلك هناك مسئولية علي الرئيس وواجبات علي القوي المتصارعة . فهل يتحقق ذلك .. وكيف ؟! ونواصل غداً إن شاء الله ..