المرحلة الانتقالية انتهت أو شارفت علي ذلك وتسليم المجلس الأعلي للقوات المسلحة للسلطة الي رئيس الجمهورية الذي سيختاره الشعب أصبح وشيكا.. ومرحلة جديدة ستبدأ، عنوانها المأمول هو الاستقرار والامن والامان والهدوء.. ورغم ذلك فإن غالبية المصريين في حالة قلق لانهم لا يريدون ان يمنحوا ثقتهم لمن لا يستحقها أو لمن قد يستغل هذه الثقة في غير موضعها او يعيد الي هذا المنصب الرفيع كل او بعض عيوب الماضي التي عاني منها قديما من الدكتاتورية والاستغلال وعدم الامانة.. الخ ولكنني كطبيب لدي قلق من نوع آخر يتعلق اساسا بصحة »فخامته« وعمره خصوصا ان أديبنا الكبير جمال الغيطاني تساءل- وهو محق- تساؤلا مشروعا وملحا بل منطقيا وهو: اين الشباب في قائمة ترشيحات الرئيس؟.. بل أين من هم دون الخمسين من عمرهم الذي لديهم قدرات يمكنهم ان يقودوا بها دولا عظمي.. وهو يري ايضا ان الباب وحدهم هم الجديرون بقيادة مصر وغير ذلك يعتبر فشلا ذريعا للثورة يجب تداركه لان هناك إرثا ثقيلا في انتظار رئيس مصر القادم لا يستدعي فقط ان يكون الرئيس شابا ويتمتع بصحة جيدة ولكن يستدعي ايضا ان يحسن اختيار مساعديه علي ان يكونوا ذوي صحة جيدة وطاقة كبيرة ايضا. ونذكر هنا ايضا المادة 62 من الاعلان الدستوري التي تشير الي ضرورة ان يوصف المرشح بأهليته المدنية والسياسية حرصا علي صلاح الامة المصرية وهي الاكبر في محيطها. اذا صلحت صلح الجميع واذا فسدت لاقدر الله فسد الجميع ولنذكر قول الاديب المصري العالمي، نجيب محفوظ ان الرأس اذا صلح صلح الجسد كله فالصلاح والفساد يهبطان من أعلي.. وقد شجعني علي كتابة هذا المقال ما اوصي به المرشح الرئاسي الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح- وان كان قد اعتذر عنه بعد ذلك لا ادري لماذا- عن ضرورة كشف الحالة الصحية للمرشحين وانه لا يمكن لمرشح يعاني من امراض معينة ان يعمل كرئيس جمهورية، واستدراك ذلك لاحقا عندما قال بأدبه المعهود انه لم يكن يقصد جرح مشاعر احد من مرشحي الرئاسة.. وانه قد خانه التعبير، لكنه اشار مرة اخري الي ذلك خلال استضافته ببرنامج مصر تنتخب الرئيس ان من يقدم علي وظيفة حتي وان كانت درجة سابعة، يطلبون منه كشفا صحيا كاملا للتأكد من كونه قادرا علي اداء المطلوب منه خلال وظيفته. فكيف لمن يقدم علي شغل وظيفة رئيس الجمهورية الا يكشف عن حالته الصحية وخاصة ان هذه المهنة بها العديد من المهام الشاقة ولا يمكن لمن يكون مريضا ببعض الامراض ان يقدر عليها، وايد وجهة نظره المعتبرة هذه بعرض علي الهواء ما اسماه.. تقرير عن حالته الصحية أفاد فيه بأنه مريض ضغط وسكر فقط« اصيب بهما بسبب نظام مبارك، وانه الان لا يعاني من امراض اخري ولكنه تعرض سابقا لازمات صحية وشفي منها،، اما الدكتور سليم العوا فقد قرر انه بصحة جديدة، وانه لم يجر الا عملية قلب مفتوح في امريكا عام 1002 مشيرا الي انه منذ هذا التوقيت وحتي الان هو علي ما يرام، قائلا ملفي الصحي هو عملت جراحة قلب مفتوح سنة 2002 وعدا ذلك معنديش حاجة. وهذه ليست تقارير صحية ذات معني، لان باحثي العلوم السياسية في جامعة ايوا الامريكية سبق ان قرروا ان الصحة العامة للرئيس- ونائبه- هي اشياء في غاية الاهمية لان الرئيس سيصبح اهم مواطن في دولته بعد انتخابه، وايدوا ذلك بضرب العديد من الامثلة من بينها ان الرئيس الامريكي الاشهر جون كينيدي كان يعاني من مرض اديسون Addison sDisease وهو مرض يصيب الغدة الكظرية وهي عمدة الغدد الصماء في جسم الانسان، بالاضافة الي الام في الظهر وبعض ندبات، الجروح الناتجة عن مشاركته في الحرب العالمية الثانية.، وبالتالي لم يكن في حالة صحية جيدة ومع ذلك استقر في البيت الابيض لان ذلك لم ينعكس علي مظهره الخارجي الذي يراه به عامة الناس. ومثال اخر كان الرئيس فرانكلين روزيفيلت لا يستطيع المشي لاصابته بشلل الاطفال وكان الاتفاق بين البيت الابيض ووسائل الاعلام ان يتم التقليل من اهمية هذه الاصابة وكانت تخصص له مصاعد خاصة بعيدا عن أعين الصحفيين. كما كانت سيارته تركن في اماكن مخصصة بعيدا عن الاعين بالرغم من ان تلك الاصابة لم تؤثر علي ادائه كرئيس بل علي العكس فربما اصابته هذه اكسبته القدرة علي تحمل الاكتئاب الذي اصاب معظم مواطنية اثناء الحرب العالمية البغيضة. وبالتالي فكان كينيدي وروزيفيلت يشتركان في انهما استطاعا اخفاء حالتهما الصحية علي عامة الناس أو التقليل من تأثيرها علي الاداء الرئاسي. ولكن الوضع الان مختلف.. فاحد الباحثين الامريكيين ذكر في مقال نشره زميله ميك هاستي في جريدة ايوا ستيت دايلي ان الامر الاساسي الذي كان يهم الناس اكثر من غيره في تلك الاثناء ليس الحالة الصحية الاجمالية للرئيس ولكن عمره بالاضافة الي بعض الاشياء التي تبدو عديمة الاهمية مثل التدخين مثلا ولنا ان نشير هنا ان التدخين.. وهو ليس مرضا في حد ذاته- كان من بعض المآخذ التي اخذت علي اوباما في الانتخابات الماضية وان كان قد طغي علي ذلك شيء اكثر اهمية وهو سبق اصابة منافسيه ماكين بالسرطان بالاضافة الي عمره الكبير الذي تعدي الثانية والسبعين. رغم ان محطة اعلامية ضخمة مثل فوكس نيوز كانت تعتبر ان شفاءه من السرطان هو في الحقيقة ميزة كبيرة وشهادة رائعة لصالحه حيث تعني قدرة جسده العجوز علي تحمل اقسي الصدمات بالاضافة الي تمتع هذا الجسد بالنشاط والحيوية حتي الان وهو ما كان يراه مؤيدوه عاملا مهما. وهنا علينا ان نذكر نقطتين مهمتين هل يحق لكل مصري ان ينظر بأهمية الي سن الرئيس القادم وهل يجب عليه ان يربط الكفاءة بمرحلة الشباب كما فعل جمال الغيطاني؟.. وسؤالي : هل تهمنا الصحة الاجمالية للرئيس كما اشار الدكتور أبوالفتوح والدكتور العوا أو يجب ان يكون لدينا سجل اكثر تفصيلا من الوجهة الطبية الاحترافية؟ الاجابة القاطعة هي اننا لا يجب ان نربط بين كبر السن والشيخوخة!! وأويد هذا برأي باحثة امريكية تدعي مارجريت حيث قالت انك اذا قارنت بين شابين في عمر 52 سنة فغالبا ما ستجد صحتهما متماثلة.. ولكن اذا نظرت الي شخصين تعديا الثمانين مثلا فهما بالقطع مختلفان في حالتهما الصحية وقدرتهما علي الاداء واستخلص العديد من الباحثين بعد ذلك ان السن لا يجب اطلاقا ان تكون احد العوامل المهمة او المحددة التي ترجح كفة مرشح علي الاخر علي عكس اعتقاد غالبية الناس فالمرشح الامريكي السابق ماكين رغم سنه الكبير كان يشتعل بالحماسة الواضحة التي تفوق حماسة الشباب كما انه يتميز باهتمامه بصحته علي المستوي الشخصي.. واضيف انا الي ذلك اننا نعيش عصرا ارتفع فيه متوسط الاعمار الي حد كبير مع الابقاء علي الحيوية والنشاط عند حدها الاعلي ولا ادل علي ذلك من انك ربما تحصل علي مرشح صغير السن في المفهوم العام يموت في العام التالي لولايته واخر كبير السن في المفهوم العام يستكمل دورتين رئاسيتين بنفس الهمة والنشاط اللتين بدأ بهما!!.