جاءت نتيجة انتخاب الرئيس مفاجأة للجميع وغيرمتوقعة.. وهذه هي إرادة الناخبين التي أتت في مناخ يتسم بالحرية وهذه الخطوة الثالثة بعد انتخابات مجلسي الشعب والشوري ومهما كانت النتائج التي افزعت الكثيرين من جراء سيطرة الفصائل الإسلامية في الوقت الذي نادت به الثورة بعدالة المشاركة الشعبية في جميع المؤسسات التشريعية وغيرها، والتي سبقتها البيانات من هذه الفصائل والتي تضمنت عدم الترشح لمنصب الرئيس ولا لرئاسة الحكومة.. ربما جاءت التصريحات كوسيلة ناعمة للانقضاض علي المناصب العليا السياسية والسيطرة علي مجريات مستقبل مصر كفرصة انتظرتها هذه الفصائل منذ عقود، وفوجيء الشعب بالمتناقضات وفقدان المصداقية حينما بادرت بعض الأحزاب الإسلامية بدفع مرشح لمنصب الرئيس وكانت صدمة للجميع ليس بسبب الترشيح في حد ذاته ولكن تغيير المباديء وتجاهل الوعود المعلنة!؟ وإذا كانت الثورة أعلنت ضمن مبادئها أو أهدافها بأن يريدونها »دولة مدنية« ومنذ اللحظات الأولي للثورة تكونت عند المواطنين جمعاء ما يسمي »بثقافة الثورة« والتي استدعت الحس الوطني من كوامن الشعب الذي قاس علي مدي أكثر من عام ونصف، وتراكمت في داخله حالات مرتبكة ومتواترة عمقها البث الإعلامي المتغير والمتدفق، والذي انعكس علي نفسه من كثرة تصاعد الأحداث، وأيضاً حالات التنافس بين القنوات الفضائية دون أدني تنسيق، بالرغم من الاداء المتميز لهذه القنوات في الايام القليلة قبل موعد انتخابات الرئيس، الكثيرون من المواطنين البسطاء تعرفوا عن قرب بالمرشحين وأحدث ذلك حالة من الانتفاضة الداخلية للحس الوطني وعمقَّه حالة المشاركة.. وتوهج الحوار في الشارع والمنزل والمقهي وفي دواوين العمل وهذه هي لبنة تشكيل الحس الوطني والثقافة السياسية، وإذا كانت الخطوات الأولي للديمقراطية أتت بمرشحين فلماذا الإعتراض علي ممارسة الديمقراطية التي كنا نحلم بها؟ ولماذا يقدم البعض علي استخدام العنف؟ هذا الارتباك المفاجيء يتطلب ضبط بوصلة الإرادة لتحديد الوسائل الموضوعية لتحقيق الهدف المنشود لنهضة حقيقية لمصر، ومن اسباب الارتباك والتوتر وضع المواطن المصري في مأزق لغياب حقيقي لرؤي المرشحين تجاه القضايا الراهنة.. الشعارات والأحلام تطلق وأجهزة الإعلام تبذل جهوداً لملاحقة الاحداث، فمصر بتاريخها العريق وحضارتها العظيمة لا تستحق التناحر من أجل السلطة.. ولكن تستحق التضحية من أجل تقدمها وإنقاذها من التخلف والفساد، مصر التي ضحي مئات الآلاف بأرواحهم في حروب متصلة من أجل رفعتها وكرامتها وكبريائها تستحق منا العمل المتواصل لا الاعتصامات والمظاهرات العشوائية وقد شهد العالم كله علي عظمة ثورة 52 يناير 1102، وجاءت الانتخابات واثبت المواطن المصري جدارته بالتزامه وسلوكه في أداء واجبه الوطني، وكان فعلاً حضارياً تحت حماية جيشنا العظيم ورجال الشرطة الذين يستعيدون وجودهم وثقة المواطنين فيهم.. فهم منا، فهذا المكون الثقافي لدي المواطنين بالرغم من عمق توتره فهو نتاج ثوري ضروري في هذه المرحلة المهمة من تاريخ مصر، فالإعلام المصري بأنواعه تقع عليه مسئولية وطنية جديرة بالتأمل في العرض والتفنيد والتوضيح حتي لا تسرق مدينة الدولة وتتحول الي ساحات للتناحر وهدم جذور الوطن التي نبتت بطاقات ابداعية خلاقة امتلكت روح الإرادة الوطنية، وهذا كفيل باستنهاض طاقات الملايين من أجل مستقبل مصر الحبيبة.