الفارق بين حرية الإبداع وقلة الأدب .. كالمسافة بين السماء والأرض .. حرية الإبداع لا تعني الفوضي ولا تعني أن يفعل المبدع ما هو غير مألوف وما يسبب ضررا للمجتمع تحت أي ظرف .. ولعل هذا الموضوع هو ما يثير المشاكل دائما بين المبدعين وبين التيار الإسلامي الذي أتجه لمحاربة الإبداع من هذا الباب الذي يفتح علينا أبواب جهنم ويحدث وقيعة بين المبدعين وهذا التيار الذي يوجد فيه بعض الغلاة والمتشددين إلي حد كبير . وفي السنوات الأخيرة فهم بعض المبدعين الحرية بمفهوم جديد وهو الاستعانة بالفاظ خادشة للحياء والاستهانة بالقيم والعادات والتقاليد واللجوء إلي الجنس والتعري بشكل فاضح إلي حد مطالبة كثير من المثقفين بضرورة إلغاء الرقابة وتهميش دورها في الأعمال السينمائية والمسرحية وحتي في الكتاب باعتبار أن هذه الأعمال لا يجب أن تخضع لسيطرة أحد سوي المبدع نفسه وهو حق يراد به باطل وجد تشجيعا كبيرا من البعض وحدثت مشاكل بين الرقابة والمبدعين أدت إلي غل يد الرقيب في حماية المجتمع ووجدنا أفلاما تخرج عن النص ولا حظنا مساحات كبيرة من العري وانتشرت قنوات تليفزيونية ما أنزل الله بها من سلطان لعلها كانت الشرارة التي قادت لما نحن فيه الان من معارك بين المبدعين من جهة وأصحاب الدعوي إلي الانغلاق مرة أخري مع أن الثقافة المصرية وطوال عمرها تتمتع بقدر كبير من الحرية . ولعل هذا التوجه إلي العري زادت مساحته في السينما وأنتقل إلي المسرح خاصة بين أصحاب الموجة الجديدة من شباب المخرجين ولم يكن غريبا أن نشاهد بعض العروض المسرحية تناقش علاقة الرجل بالمرأة بصورة مستفزة والغريب أنها حصلت علي جوائز . لا أريد أن أذكر أعمال بعينها لكنها الحقيقة التي غفلنا عنها ولم ينتبه أحد من المبدعين إلي هذا التجاوز الذي يصب في النهاية لمصلحة العولمة التي جاءتنا مسرعة تتدفق علي مجتمع لم يكن في الأساس علي استعداد لتحمل تبعاتها أو القبول بها . أنبري المدافعون عن حرية الإبداع للكفاح ضد ما أسموه بالرجعية التي تريد إعادتنا إلي الوراء حيث عصور الظلام بينما الحقيقة لم تكن كذلك وأن هذه الحرية منقوصة ومغلوطة فالعودة إلي احترام قيم المجتمع ليست هي الرجعية وأعطوا الفرصة علي طبق من ذهب لهؤلاء! ليست الحرية أن تخرج علينا ممثلة بملابس غرف النوم أو ان نترك تلك القنوات التي لا هم لها ليل نهار سوي عرض الإعلانات التي تخرج عن حدود المألوف من عينة " حطة يابطة يا دقن القطة " وليست الحرية أن تناقش ممثلة علاقات غرف النوم علي خشبة المسرح ويحتفي بهذا الإنتاج العبقري أو هذا الممثل الذي يشكو لجنة تحكيم لانها منعته من سب الدين علي المسرح .. يا سادة .. ليست هذه هي حرية الإبداع فالحرية لها حدود يجب أن تحترم! حواديت وأمثال عبد المقصود زميلي العزيز الأستاذ محمد عبد المقصود مدير تحرير " الأخبار" أصدر كتابا جديدا بعنوان " حواديت الأمثال العامية" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب اهداه إلي جدته اعترافا بفضلها عليه في التعلق بالأمثال والحواديت الشعبية .. وكما يقول في مقدمة الكتاب فإن الأمثال العامية المصرية هي مرآة صادقة تعكس طبيعة الشعب المصري وسخريته التي يتميز بها عن كل شعوب العالم.. محمد عبد المقصود سعي إلي البحث عن أصل المثل الشعبي ولماذا قيل مستعينا ببعض كبار السن الذين ساعدوه إلي حد ما بجانب بعض الكتب النادرة وقد وفق فيما ذهب اليه في انتظار جزء ثان ليضيف رصيدا للمكتبة العربية.