تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    الجبهة الوطنية يندد بدعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج "لها أهداف تحريضية"    جوتيريش: ما يحدث في غزة أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي    «اللي خايف يروح».. رسالة مثيرة من رئيس قناة الأهلي السابق بعد الفوز على البنزرتي    لا مزيد من القمصان الممزقة.. هالك هوجان أسطورة المصارعة يسقط خارج الحلبة    حمادة عبداللطيف: عبدالله السعيد مكسب للزمالك.. ومن الصعب الحكم على الصفقات الجديدة    بطاقة طرد توقف مباراة الأهلي بنغازي والأهلي طرابلس وتتسبب في دخول الشرطة    موجة حارة جدًا.. بيان مهم يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد انخفاض درجات الحرارة    الشامى يشيد بالجمهور المصرى: "شرف كبير أغنى بينكم"    الذهب يهبط وسط تفاؤل بشأن مفاوضات التجارة وتعافي الدولار    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    محافظ شمال سيناء: مين يقدر يقول لأمريكا لأ؟ مصر قالت لأمريكا لأ (فيديو)    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    هل يستطيع مجلس الزمالك الاعتراض على قرارات جون إدوارد؟.. سليمان يرد    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    إيزاك يتصدر الصحف العالمية بعد طلبه الرحيل عن نيوكاسل يونايتد (صور)    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الأخبار« تحاور المفكر الكبير الدكتور قدري حفني:
لأول مرة منذ رمسيس الثاني لا نعرف رئيسنا القادم
نشر في الأخبار يوم 19 - 04 - 2012

الدكتور قدري حفني المفكر المعروف واستاذ علم النفس السياسي غير المتفرغ بجامعة عين شمس، ثقافته موسوعية والحوار معه ليس مهمة سهلة لكثرة المجالات التي تعمق في دراستها ما بين السياسة وعلم الفس والطفولة والاعلام وادارة الأزمات والاسرائيليات، يصف نفسه بأنه متهم بالتفاؤل لأن المتشائمين لا يصنعون التاريخ، ويري أن أخطر ماحققته ثورة يناير ليس الاطاحة بالرئيس السابق فحسب ولكن المصريين أعادوا اكتشاف أنفسهم وبدأوا يعملون بالسياسة وكسروا جدار الخوف ولأول مرة في تاريخنا لا نعرف من رئيسنا القادم، وأن الرئيس لن ينجح بنسبة 90٪ ويؤكد أن ثورات الربيع العربي ذات صبغة اسلامية وهي اختيار الشعوب لأن هذا الاتجاه لم يختبر سياسيا ويمكن محاسبته في إطار أخلاقي، ويتوقع في المدي المنظور أن يكون الحكم للتيار الاسلامي ويجب أن نعينه بدلا من أن نتحداه، ويري أن اسرائيل هي الخطر الأكبر علي مصر لأنها لا تريد مصر قوية، ويري أن ظاهرة العنف تحدث عادة بعد الثورات الكبري ولا توجد احصاءات تؤكد زيادتها أما الطرف الثالث أو اللهو الخفي فهو عنف منظم يظهر ويختفي فجأة دون الامساك به لكنه لا يمارس عنفه إلا ضد من يناهضون السلطة. ويشعر بالقلق لاهتزاز صورة الجيش المشرقة لذلك لابد أن يصالح الجيش الشعب بتقديم المخطئين للعدالة قبل أن يعود الي ثكناته.
الدكتور قدري حفني لمن لا يعرف كان عميدا لمعهد دراسات الطفولة بجامعة عين شمس وعضوا بلجنة علم النفس بالمجلس الأعلي للثقافة والفنون وبمعهد الدراسات والبحوث العربية بجامعة الدول العربية وبمنتدي الحوار بمكتبة الاسكندرية وبمجلس الامناء بمركز المعلومات ودعم القرار بمجلس الوزراء و بمجلس أمناء المجلس القومي للترجمة. كرمته مصر والدول العربية فحصل علي العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 2000 ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي عام 1973 وجائزة الدولة التشجيعية في علم النفس عام 1972 كما أصدر المركز القومي لثقافة الطفل تكريما له كتيبا بعنوان دكتور قدري حفني ضيفا علي الطفولة عام 1992.. هذا قليل من كثير من تاريخه الحافل بالعطاء العلمي والانساني في معارف شتي.
ولأن الشأن الداخلي يلقي بظلاله علينا جميعا كمصريين نشعر بالقلق علي بلادنا بدأت حواري معه عن الوضع السياسي لمصر في الوقت الراهن كيف يراه؟
الوضع الحالي وضع مؤلم، ولكنه ألم أشبه بألم المخاض حين يقترب موعد الوضع يزداد الألم وتزداد التوقعات هل سيتم الوضع؟ سيكون المولود حيا؟ مشوها أم سليما؟ قويا أم ضعيفا؟ الي آخره.. ولذلك كلما ازداد الألم وازدادت التوقعات والقلق كان هذا بشيرا ونذيرا بالنسبة للبعض أن المخاض قارب أن ينتهي وهنا لا أتكلم عن أيام أو شهور وربما عام ولكن نحن نسير في اتجاه وضع المولود الذي نرتقبه إذا سميناه مصر التي نريدها أو مصر المستقبل أو مصر الجديدة، كل يراها من وجهة نظره.
مؤشرات التفاؤل
وما هي المؤشرات التي تشجعك علي التفاؤل؟
أود أن أشير الي حقيقة تاريخية فأنا من جيل عجوز ولكني حين أنظر الي الشباب الثائر اليوم يطمئنني انهم متفائلون، لا يوجد شخص عبر التاريخ نجح في ترك بصمة تاريخية الا اذا كان متفائلا ولا يوجد ثائر متشائم أيا كانت عقيدته من جيفارا الي سعد زغلول الي غاندي الي عبد الناصر حتي هتلر كان يتصور أن المستقبل في صالحه لأن المرء إذا أيقن أننا دون شك مقبلون علي كارثة ليس أمامه إلا أن يكتئب أو ينتحر أو يرحل أما إذا أيقن أنه سيفلت من الكارثة فهو متفائل، وهناك تفاؤل ساذج ولكن ما أتحدث عنه أن المتشائم حقا عليه أن يصمت. فنحن نشعر بالقلق ولكن العجلة بدأت تسير ولن يستطيع أحد ان يوقفها ربما تنحرف عن مسارها ولكنها ستظل تتحرك لفترة طويلة.
الشعب يعمل بالسياسة
وما أهم التغييرات التي أحدثتها ثورة 25 يناير من وجهة نظرك؟
أخطر ما حدث في 25 يناير ليس الاطاحة بالرئيس السابق فقط، وليس شعارا هنا وشعارا هناك لأن الكثيرين يقولون لم يتغير شئ ولكن هناك تغييرات هامة فملايين المصريين بدأوا يشتغلون بالسياسة وهذا أمر غير مسبوق لم تعرفه مصر في تاريخها، كانت النخبة تعمل بالسياسة ونحن ندعو لها بالتوفيق وأحيانا ندعو عليها بالموت إذا لم نرض عنها، وأحيانا نأخذ عليها أنها ليست حازمة او عادلة كما يجب ولكن نتحدث عنها بضمير الغائب وكنا نتمني أن يأتي حاكم ديكتاتور عادل، الآن الصورة اختلفت..المصريون يصنعون مستقبلهم قد يختارون اختيارا خاطئا ولكن لن يستطيعوا أن يلوموا أحدا. الآن جميع فئات الشعب مهتمون بالسياسة فيتناقشون في الدستور والمادة 28 من الاعلان الدستوري هذا الاهتمام العام بالعمل السياسي شئ ايجابي، والشئ الثاني الايجابي أن الثورة جعلتنا نري أنفسنا.. كيف؟ في مناخ التعمية وتزوير الانتخابات كان من الممكن أن يدعي أي شخص أنه يتحدث باسم الأغلبية، الآن أصبح هناك أغلبية وأقلية، رضينا أم أبينا وهذا اكتشاف! فقطاع من المصريين كان يعتقد أن المصريين وسطيون وأن المتطرفين هم أصحاب اللحي والجلاليب البيضاء الآن المصريون اختاروا هؤلاء ولذلك أري أن المستقبل يحمل شيئا جديدا لماذا؟ بعد الانتخابات تصاعدت أصوات تقول أن نتائجها لاتمثل الشعب لأن الصناديق كانت نظيفة ولكن قبلها حدث شحن وأموال تغدق..إذن فقد اكتشفنا أننا قوم جاهزون للاستقطاب الديني ولقبول الرشوة، ولكن لو راجعنا أنفسنا لوجدنا أن هاتين المقولتين تخلوان من الصواب، المقولة الاولي أن هذا الاتجاه لفرض الصبغة الاسلامية ليس جديدا.
وقاطعته : ولكن الجماعات الاسلامية باتحاد طلاب الجامعات التي تم إطلاق العنان لها أيام الرئيس الراحل السادات في أواخر السبعينيات ليضرب بها التيار الناصري واليساري قامت فعلا باستقطاب الفتيات بعدة وسائل ومنها توفير الحجاب فما هو تفسيرك؟
أعلم بالطبع، ولكن ليس كل البنات قبلن ذلك وأغلبهن ارتدين الحجاب طوعا واقتناعا دينيا، وأعود بالذاكرة لواقعة حدثت منذ سنوات قليلة عندما أدلي فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق بتصريحات تهاجم الحجاب فإذا بمجلس الشعب الذي كانت أغلبيته من الحزب الوطني وكان هناك نواب من الاخوان؟، من الذي تحمس للهجوم علي فاروق حسني.. انهم نواب الحزب الوطني وعلي رأسهم كمال الشاذلي -رحمه الله- وزكريا عزمي وجلجلت أصواتهم دفاعا عن الحجاب كرداء للمرأة المحترمة في الوقت الذي كانت فيه زوجة رئيس الجمهورية غير محجبة.إذن فالمناخ كان يبنا ولكن نحن لم نكن نريد أن نراه وجاء صندوق الانتخابات وافراز 25 يناير فأظهرت هذه الحقيقة.
ليست رشاوي
ننتقل الي حجة رشوة الناخبين كيف تفسرها؟
الذين يقولون إن بعض الناخبين تمت رشوتهم ينسون حقيقتين: أن الرشوة وشراء الاصوات تصلح في حالة العزوف عن الانتخابات ولكن من يستطيع رشوة 17 مليون ناخب، ومن يستطيع رشوتهم جميعا (حلال عليه). ولا ننسي ان ثورة مصر جزء مما يسمي بالربيع العربي ألم يستوقف أحد أن ثورات الربيع العربي بوصلتها إسلامية، حتي الانتخابات الأخيرة في الكويت اكتسحها الاسلاميون فمن الذي قدم الأرز والعدس للناخب الكويتي؟ إذن فهي ليست رشوة وإنما اختيار.
ولماذا فضل معظم الناخبين التيار الاسلامي؟
~ هناك أسباب عديدة منها أن هذا التيار لم يختبر في مصر ومنها أن هذا التيار له إطار أخلاقي معلن قد يخرج عنه وقد يفسد، ولكن نستطيع محاسبته داخل هذا الاطار الاخلاقي، وهذا التيار عاني وكان مستبعدا. ونعود لمكاسب الثورة. الأول أن المصريين اكتشفوا أنفسهم والثاني أن المصريين جميعا يعملون بالسياسة الآن والثالث أن حاجز الخوف قد انكسر.هذه المكاسب الثلاثة لا يمكن التراجع عنها حتي لو أدي كسر حاجز الخوف الي فوضي، ولكن حتي بعد أن تهدأ الأمور سيظل حاجز الخوف مكسورا. و أصبحنا نعاني من قلق صحي ولأول مرة منذ أيام رمسيس الثاني المصريون لا يعرفون من هو الرئيس القادم.. وأيا كان الرئيس القادم لن يكون بأغلبية 99٪ والنسبة لن تزيد علي 50٪ إلا بقليل إذن فنسبة كبيرة من المصريين لم ينتخبوه، صحيح أن هذه النسبة طبيعية في معظم دول العالم ولكن نحن لم نكن أبدا كذلك وهو تغير إيجابي حدث في المجتمع. وهي مكاسب ليست سهلة.
المستقبل.. المستقبل
وما توقعاتك لمستقبل السياسة في مصر؟
في حدود الانجازات التي حدثت لا نستطيع أن نقرر إلا بعض احتمالات المستقبل : نتصور أنه في المدي المنظور ستكون الفرصة في مصر في أيدي التيار الاسلامي، وهناك حقيقة علمية تقول كلما كنت في المعارضة استمتعت برفاهية الأيديولوجيا وكلما اقتربت من السلطة فرضت عليك البرجماتية، فمشكلة نقص أنابيب الغاز تناقشها المعارضة بشعار معين ولكن البرلمان لن يناقشها بشعار الاسلام هو الحل وإنما مشاكل الحياة تفرض نفسها علي السلطة. وفي التاريخ نجد أن هذا هو الفرق بين ماركس ولينين، أن ماركس ايديولوجي ولينين براجماتي لأنه امسك بالسلطة. لهذا فإن توقعنا لاداء الاسلاميين في مصر أقرب الي البراجماتية بمعني أن لدينا مشاكل تطلب حلا ولا يمكن أن تحل بمجرد رفع شعارات وأن نطبق هذه الشعارات ابتداء من علاقاتنا الخارجية الي المشكلة الاقتصادية الي ضبط الداخل. فإلي أي حد ستكون البراجماتية أو الحلول العملية التي يطرحها النظام الجديد هي حصيلة تفاعلات القوي مع بعضها البعض؟ لكن التيار الاسلامي ونحن نبالغ حين نقول إنه تيار فهناك نواب من الاخوان أخذوا مواقف غير متسقة مع باقي كتلتهم فالاخوان لم تعد جماعة محظورة وتعمل في النور وبالتالي تتباين الآراء بين أعضائها، وهذا شئ مطمئن إذن فالخطورة ليست من الاسلام السياسي.
إسرائيل الخطر الاكبر
إذن من أين يأتي الخطر؟
لأني تعمقت في دراسة اسرائيل، فإني أري أن الخطر الأكبر علي مصر هو اسرائيل فعندما تتجاور دولة مع دولة تمتلك السلاح النووي حتي لو كانت دولة صديقة أليس امتلاكها للسلاح النووي سيجعل لها ثقلا معينا دون تهديد باستعماله. لذلك عندما أسأل ما الذي يقلق اسرائيل؟ لا يقلقها صعود التيار الاسلامي لأنها أتقنت التعامل معه من خلال تعاملها مع منظمة حماس، ولا يقلقها تهديد عسكري مصري لأنها تستطيع التعامل معه، ولكن يقلقها أن تصبح مصر قوية، وأنا أذكر أن صحفيا أرسل الي الرئيس عبد الناصر وسأله : لقد لاحظنا أن اهداف ثورة يوليو الستة خالية من الحديث عن فلسطين فأجاب : يشغلني أمر مصر أكثر مما يشغلني تحرير فلسطين، فذهب الصحفي ليطمئن بن جوريون وقال له: أبشر مصر ستنكفئ علي نفسها. فقال بن جوريون: هذا أسوأ خبر سمعته. لأنه لا يريد مصر قوية، ورغم أن عبد الناصر حارب في حرب 1948 كان يتحدث عن تحرير الأرض السليبة. وبالتالي فإن ما يقلق من لا يحبون مصر أن تكون قوية.
لقد طلب الاسلاميون ان يأخذوا فرصتهم في الحكم حتي يطبقوا أفكارهم، والتجربة هي الفيصل؟
نغمة (خليهم يفرجونا حيعملوا ايه) نغمة لا تخلو من الخبث..إذا كان هؤلاء قد اختارهم الشعب المصري فعلينا أن نعاونهم لا أن نتحداهم، فيعلنوا عن خططهم ونساعدهم علي إنجازها فإذا فشلوا فلن يعلقوا فشلهم علي باقي التيارات التي لم تتعاون معهم، كما أن مجلس الشعب الحالي بدأ منذ مدة بسيطة والملف الاقتصادي لم يفتح بعد إلا في مناقشة أزمة أنابيب البوتاجاز.
الأداء البرلماني
وهل تري أن جلسات مجلس الشعب حتي الآن تبشر بأداء برلماني جيد؟
بالطبع، هناك من ينتقد فوضي النواب في الجلسات لأنهم لم يروا البرلمان الايطالي والنواب يضربون بعضهم بالكراسي، وانا أؤيد إذاعة الجلسات علي الهواء حتي يري الناس ماذا يجري داخل البرلمان، وأنا أري ان الفوضي التي حدثت حتي الآن أقل كثيرا مما يحدث في برلمانات العالم. وفي برلمانات الحزب الوطني رفعت الأحذية وهو ما لم يحدث علي الأقل حتي الآن. وفي الجلسة الافتتاحية للبرلمان اقترح أحدهم أن يكون القسم جماعيا ورفض الاقتراح وكانت هذه الجلسة عادة لا تذاع لكن الناس تابعتها بشغف واستمرت الجلسة حتي المساء.
كانت المرة الأولي التي يلتف فيها الناس حول الشاشات وكأنهم يتابعون مباراة في كرة القدم وهي ظاهرة جديدة علي المصريين؟
هي ظاهرة ايجابية ولكن القسم يجب أن يتغير لأنهم يقسمون علي حماية النظام الجمهوري أي أن الأمة تختار رئيسا لفترة محدودة، وليس نظام الخلافة الذي يبقي علي الخليفة ما دام عادلا. هناك تفسير اسلامي يقبل بذلك لكن هناك تفسيرات أخري في دول مجاورة لاتقبل به لأنه قسم علماني لأنك اذا اخترت رئيسا خليفة وأحسن الادارة فلماذا يترك الرئاسة بعد فترة. بعض النواب الاسلاميين أضاف عبارة في حدود الشريعة وهذا غني عن البيان ولكنك تقول إن النطام الجمهوري نظام تقبله الشريعة، ولكن لو نظرنا حولنا سنجد بلادا قائمة علي التوريث لن يريحهم هذا القسم. والملاحظة الثانية أنهم كانوا يقولون ان صوت المرأة عورة فانتهت هذه المقولة إلي الابد عندما طلب رئيس مجلس الشعب من عضوات المجلس ترديد القسم وقمن بترديده بثبات وبصوت مسموع وهذا نوع من التأقلم والممارسة تخلق آلياتها.
انتخابات الشوري
انصراف معظم الناخبين عن انتخابات مجلس الشوري اعتبر رفضا لهذا المجلس كيف تفسر هذا الامر؟
مشهد الناخبين في الشوري امتداد لمشاهد سبقت تؤكد أن الجمهور سبق النخبة التي لا تزيد نسبتها علي 10٪ ونجاح كوادر الأحزاب يكمن في قدرتها علي جمع الجمهور، والأحزاب جميعها لم تقاطع الانتخابات ولكن الناس قاطعت.وهو الرد علي الاستقطاب الديني لأن الناس تتصرف (من مخها) وحسب تفكيرها والناس أصبحوا لا يساقون، وثقل الحزب بالناس لا بالنخبة. وعندما رفع شعار العصيان المدني لم يستجب الناس، ولما دعاهم التلفزيون الرسمي لمساندة القوات المسلحة التي تتعرض لهجوم من الأقباط عند ماسبيرو لم يستجب أحد، مما يدل علي نمو الوعي الجماعي، وأي ثورة لها طليعة ثورية أقل عددا ونجاح النخبة يكمن في جذب الأقل منها.وهي كثورة تلقائية تتصدرها طليعة وبعد نجاحها في تحقيق أهدافها من الطبيعي أن تتفرق الأهداف.
يقولون ان أكبر خطأ ارتكبه الثوار هو أنهم تركوا الميدان يوم 11 فبراير بعد تنحي مبارك وترك أمور البلاد للجيش؟
هذه هي الحكمة بأثر رجعي ففي يوم 11 فبراير كان بالميدان العديد من القوي والطوائف بالاضافة الي الجيش والاخوان ولا سبيل للعودة الي الوراء.وماحدث أن الرئيس السابق تنحي وذهب الي شرم الشيخ وظل هناك الي ان أذاع بيانه علي قناة العربية فاشتعلت الساحة ونقل الي مستشفي شرم الشيخ حتي بدأت محاكمته تحت الضغط الجماهيري، والتماس العذر للرئيس لكبر سنه مسألة لاتجوز، الدرس المهم أن الجماهير هي التي تصنع القرار وتقدير ثقل الميادين مسألة نسبية، وسلاح المليونيات لا زال قائما وفاعليته تأتي من اقناع الجماهير.
مشاعر القلق
ولكن ما الذي يزيد شعورك بالقلق؟
النقطة الخطرة جدا التي تشعرني بالقلق هي اهتزاز صورة القوات المسلحة في أعين الكثير من المصريين بعد أن كانت مشرقة في أعين كل المصريين، وحتي بعد أن يعود الجيش الي ثكناته فمن الطبيعي أن يجدد دماءه بشباب من المجندين ودفعات الكليات الحربية وبعضهم من شباب التحرير، والمشكلة أن الدم لا ينسي والحل أن الجيش يصالح الشعب بمحاكمة المخطئ أو تقديم الفاعل الحقيقي للعدالة دون الترويج لفكرة أن محاكمة العسكريين إهانة للجيش بينما هي شرف للجيش. وقد سبقت محاكمة بعض كبار الضباط مثل محمد فوزي ومحمد صادق وسعد الدين الشاذلي. والعدل يعني أيضا تقديم من قتلوا ضباط وجنود القوات المسلحة للمحاكمة. فالفكرة ليست رغبة في الانتقام من الجيش ولكن إعادة صورة الجيش مشرقة كما كانت، نريد تصفية النفوس مع التزامهم بالوعود التي قطعوها للشعب، أما ما يقال عن الخروج الآمن فهو تعبير مهين والأفضل منه الخروج العادل وهو لا يعني ترك البلاد فالمجلس الأعلي للقوات المسلحة هو قيادة الجيش التي تمارس دورا سياسيا سينتهي ويعودون لمواقعهم العسكرية.
الدستور أولا
تجري المناقشات الآن حول تشكيل لجنة المائة لاعداد الدستور قبل الانتخابات الرئاسية ليحدد صلاحيات الرئيس وما إذا كانت الدولة ستتبع النظام البرلماني أم الرئاسي ألم نتأخر في وضع الدستور؟
أنا أري أن وضع الدستور أولا هو الأفضل، لكن هناك خوف من أن الدستور لا يكون توافقيا وأن يكون منحازا لفئة ضد فئة أخري وماذا لو أن الناس لم توافق علي الدستور التوافقي فماذا نفعل؟ خريطة الشارع المصري تمت قراءتها ولم تعد غامضة.. كنا نتناقش حول المادة الثانية من الدستور، الآن الشارع اتجاهه إسلامي فلابد أن نضع هذا في اعتبارنا، فالدستور لن تضعه لجنة الدستور ولكن سيطرح للتصويت فلو عملنا دستورا غير متشدد اسلاميا قال الناخبون: هذا دستور كافر. هل سنقول ان نتيجة التصويت علي الدستور لا تتوقف علي الصندوق؟ هناك إشكالية لأنه للمرة الأولي في مصر مطلوب إقناع الناس وهذا هو التحدي الحقيقي وأنا أتكلم عن الجمهور لا عن النخب التي لا يتعدي نسبتها 10٪ الي 15٪..مزاج الشارع المصري هذا هو المطلوب الاجابة عنه.أنا غير متخصص في القانون ولا في الدستور ولا يوجد ما يسمي دستورا رجعيا او تقدميا أو توافقيا ولكن دستور يعبر عن اتجاهات الناس في الوقت الراهن ولكن ما معني أن أضع دستورا عظيما من وجهة نظري لكن الناس لا توافق عليه فكيف سأمرره؟ فأنا أري أن يكون النظام مختلطا بين البرلماني والرئاسي..ولكن الدستور سيتم الاستفتاء عليه ككل. فماذا لو اختلف البعض حول التفاصيل؟ ونحن نعيش حالة تمرد علي القيادات لا أحد يحمل توكيلا مكتوبا من الشعب المصري وأنا أري النخب تتناقش مع بعضها ولكن حين يناقش الناس فهل هم مهتمون أم لا؟ وقد سمعت تعبيرا بديعا لأحد اساتذة القانون الدستوري (نحن نكتب الدستور ولكن يصنعه الشعب) بمعني أن من يضع الدستور يكتب ما يريده الناس وليس ما نري أنه الأفضل.وهنا لا أوافق علي ما يسمي الدستور الدائم..هل دام فعلا؟ لا يوجد شئ دائم ولماذا لا نصنع دستورا نغيره كل عدة سنوات؟ فكل دستور به آليات للتعديل فيحتاج الي أغلبية معينة، ولو قلنا إن الدستور غير قابل للتعديل فإننا نمهد للثورة القادمة فثورة 25 يناير بدأت ملامحها من المادة 76 التي تم تفصيلها للوريث ووافقت عليها المحكمة الدستورية العليا وأصبحت مادة لا يجوز الطعن عليها واعتبروها مادة محصنة.. ولكن طعن فيها بالثورة.
الرئيس المحتمل
ومن تري من المرشحين المحتملين للرئاسة فرصته أكبر؟
بالنسبة لفرص نجاح المرشحين المحتملين للرئاسة فلايوجد لدينا أجهزة لقياس اتجاهات الرأي العام ولا توجد سوابق تاريخية نستند إليها فهي المرة الاولي التي يخوض فيها المصريون هذه التجربة وهذا هو أول رئيس منتخب في تاريخ مصر. وهناك سؤال: هل يفضل المصريون الرئيس العسكري أم الاسلامي أم الليبرالي؟ وأنصار كل فريق يؤكدون أنه سيكون المفضل لدي المصريين وهم ال17 مليونا الذي يملكون حق الانتخاب.
قرأت لك (كان مضحوك علينا بأننا شعب متعصب وعنيف ومتحرش) ما تفسيرك لذلك؟
كنا نري أنفسنا متعصبين ومتحرشين ولكن في يناير عندما اختفت مظاهر الدولة لم تلق طوبة علي كنيسة ومرت المظاهرات أمام المعبد اليهودي ولم يمسه المتظاهرون، وغابت الشرطة فحافظ الناس علي الأمن وشكل المواطنون اللجان الشعبية، وحين راهن التلفزيون الرسمي علي البعد الطائفي خلال أحداث ماسبيرو وطالب المسلمون الشرفاء بالنزول دفاعا عن الجيش ضد المسيحيين فشلت خطتهم لأن الشعب وعي الدرس.
بوصفك مختصا في علم إدارة الأزمات كيف تري الأزمة التي تمر بها مصر حاليا؟
للأزمة الحالية أوجه كثيرة فهناك أزمة خاصة بعلاقتنا مع أمريكا واسرائيل لكن الازمة الاخطر هي الأزمة الداخلية فأصعب الازمات هي التي يقتنع كل طرف فيها بشرعية ما يفعل، فأهالي الشهداء لهم حق الدم والمسئول أمامهم السلطة الشرطة تقول كنا ندافع عن الاقسام والسجون والجيش يقول نزلنا لحماية المؤسسات فشتمونا وأهانونا، وكل الاطراف لديها حق، ولابد أن ندير الأزمة بطريقة تضمن تصالح كل الاطراف مع عقاب المخطئ بشرط عدم اختزال الصراع بين الجماعات ليصبح صراعا بين أفراد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.