سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
: والد غريب وبشير شهيدي حريقي شركتي النصر والمعمل بالسويس فقدت أگبر وأصغر أولادي.. الله أعطي وله ما أخذ
شقيق الشهيدين : بشير دعاني للإفطار وأصر علي انتظاري وكأنه يودعني
والد الشهيدين المكلوم حزناً على ابنيه بشير وغريب شقيقان قدر الله لهما ان يلقيا حتفهما بنفس الطريقة داخل مقر عملهما.. الاول بشركة السويس لتصنيع البترول (المعمل) والاخر بالنصر للبترول.. فما كاد يمر شهر ونصف علي فراق الاول حتي لحق الاخ الاصغر بشقيقه بنفس الطريقة التي استشهد بها الأول.. ليلقيا الشهادة في حريقين لا يبعد بينهما سوي كيلو متر واحد و05 يوما كفاصل زمني بين الحادثين. في منزل متواضع بحي بالسويس بدا واضحا خطان اسودان في وجه سعد بشير والدهما العجوز .. ينظر بعين الحسرة والحزن الذي يعتصر قلبه الي صورة نجله غريب الاكبر وصورة لبشير (او هاني كما كانوا يحبوه ان ينادوه).. عندما سألته عن اخر مرة رأي فيها بشير الاصغر انهمر في البكاء ولم يتمالك نفسه.. وبعد فترة تحدث بصوت متقطع وقال اخر مرة جمعت بيني وبينه كانت وجبة غداء يوم الجمعة الماضية.. سألت عنه السبت الماضي لنتناول الغداء معا لكنه تركني وذهب لعمله بالنصر وكان ذلك خروجه الاخير .. ويصمت قليلا متأملا وجه حفيده احمد نجل بشير ويقول : الله رزقني بأربعة أولاد واخذ مني أكبرهم واصغرهم فلله ما اعطي ولله ما اخذ .. اخر مره رأيته فيها الجمعة ليلا : هكذا بدأ يحيي شقيق المتوفيين حديثه وقال في تلك الليلة احضر بشير هاتفا محمولا جديد وطلب رأيي فيه.. لكنه ترك هاتفه في جيبه محترقا.. وعلمت بنبأ وفاته خلال عملي باحدي الشركات بالعين السخنة.. لم اصدق ما سمعت.. وكأن مشهد وكواليس وفاة شقيقي سعد 42 سنة الذي توفي خلال عمله في حريق السويس للبترول (المعمل) 22 فبراير الماضي يتكرر امامي مع تغيير بطل القصة.. ففي كلا اليومين كنت بعملي وابتعد عن السويس مسافة لا تقل عن 50 كيلو .. وتذكرت فجأة كم سعي بشير منذ التحق بالشركة من سنة ونصف سائقا الي الإلتحاق بنظام الورادي لانها تحقق زيادة في الدخل يحتاج إليها في ظل غلاء المعيشة .. ولم يمر علي عمله في الورادي 10 ايام حتي استشهد في الحريق.. واستطرد كان يوم وفاته يعمل بالوردية الثانية للعمل وهي من الثانية عشرة ظهرا حتي العاشرة ليلا وشاءت إرادة الله ليخرج بعد عصر ذلك اليوم بناء علي طلب من مسئولي الحركة لجلب احد الموظفين.. وخلال توجهه الي بوابة الشركه تصادف مروره بجوار المستودعات التي كانت في اوج حرارتها فاشتعلت به السيارة ولقي مصرعه في الحال ليكون شهيدا ويلحق بأخيه سعد علي نفس الطريقة التي توفي بها. أما ايمن الشقيق الآخر فيقول اننا نشأنا نحن الاربعة في بيت العائلة وساد بيننا جو الحب والمودة الذي زرعه فينا والدنا.. وقبل ان يخرج بشير الي عمله السبت الماضي تناول معي وجبة الافطار بناء علي رغبة منه وظل ينتظرني حتي حضرت وتناولنا الطعام معا .. ثم صعد لشقته المقابلة لشقة غريب وتوجه لعمله. ويقول ان بشير كان حسن الخلق والمعاملة ومحبوبا من جميع زملائة بالشركة .. وكذلك كان غريب فكان رجلا له مكانة وكلمة بين آلاف العاملين بشركة السويس لتصنيع البترول فكان عضو نقابة نشيطا واخا كبيرا لكل من يصغره سنا بالشركة .. وفور علمه بمبادرة الشيخ محمد حسان بجمع تبرعات للاستغناء عن المعونة الامريكية .. تجول بأقسام الشركة مناشدا الكل بأن يدفع ما يقدر عليه من اجر في حب مصر واستطاع جمع 2 مليون جنيه من عمال الشركة وسلمها الي المسئولين عن المبادرة. واشار ايمن الي ان غريب قضي بشركة السويس لتصنيع البترول 17 عاما من حياته وتوفي في حريق الشركة مع 4 اخرين.. وبعد وفاته كان من حق ابناء غريب او زوجته الإلتحاق بالعمل عوضا عنه .. لكن ابناء شقيقي صغار وزوجته تعمل بمديرية الشباب الرياضة منذ 16 عاما.. ونحن نطالب بتعيينها بالشركة فور إلتحاقها بدلا عن زوجها فنخشي ان تحدث مستجدات فيما بعد وتسرح الشركة العاملين المؤقتين بالعقود وتضيع علي شقيقه زوجي فرصة عملها الاولي وتسرح من الثانية. وقبل ان أغادر حملني والد المتوفيين رسالة يطلب فيها من المسئولين بشركتي النصر للبترول والسويس لتصنيع البترول بضرورة التعجيل بإنهاء اجراءات صرف المعاش ومكافأة نهاية الخدمة للمتوفيين حتي تستعين بها زوجتاهما واولادهما علي متطلبات الحياة.