عصام حشىش ليل نهار ومعظم وسائل الإعلام تهاجم التيار الإسلامي وعلي رأسه جماعة الإخوان المسلمين وتنتقدهم وتظهر التناقض في مواقفهم وتسعي لهدم الثقة فيهم. ورغم ذلك فإن أربع تجارب خاضها الإخوان المسلمون وحزبهم السياسي أثبتت أن الإعلام ذا القوة الجبارة والتأثير السحري علي أدمغة الناس واتجاهاتهم يمضي في واد وما يريده أغلبية الشعب في واد آخر بدليل هذه الثقة الكبيرة التي انحازت اليهم ووثقت فيهم عند الاستفتاء علي مباديء الدستور ثم في انتخابات البرلمان ثم في النقابات المهنية ثم في مجلس الشوري! وهي أغلبية واضحة كاسحة لا تدع مجالاً للشك في اختيار الناس لهم ولكن الأقلية لا يرضون!!. ويدهشني أن إعلام التيار الإسلامي لا يكاد يبين وسط هوجة الهجوم الضاغط والمستمر من جانب التيارات الليبرالية والمدنية الأكثر نفيراً بل ظهر وكأن أصحاب التيار الديني يعتمدون في استمرار شعبيتهم علي شدة هجوم خصومهم عليهم.. ورغم ان الاخوان المسلمون لم يستحوذوا علي ادواتهم حتي الآن فلم يشكلوا حكومة أو يتولوا رئاسة إلا أن الهجوم عليهم ضاريا، شرسا لا يترك فرصة إلا وينقض بلا هوادة مستغلاً في ذلك أكثر الأقلام رشاقة وأشد مقدمي البرامج شعبية وقبولاً وأعلي القنوات الفضائية انتشاراً ومشاهدة. وقد تحرك فضولي الصحفي لاري كيف يرد التيار الديني اعلاميا علي خصومه وذهبت أتحري أين أجد المتحدثين عنهم لأستمع إلي خطابهم وأسلوبهم في تقديم أنفسهم وحركت مؤشر التليفزيون ذات مرة إلي إحدي القنوات الفضائية الإسلامية وسامحوني لأني لن أقول اسمها حتي لا أسيء إليها فوجدت اسلوباً إعلامياً باهتاً رتيباً أظن أن زمانه انتهي منذ قرن أو أكثر ومع ذلك يتم الالتزام به حرفيا! مجموعة رائعة من علماء الدين الأفذاذ يندر أن يجتمعوا تحت سقف واحد.. وتصورت للوهلة الأولي أنني سأستمع لحوار رائع متفاعل بينهم ولكن ذهلت من اسلوب الحوار.. يسأل المذيع سؤالاً طويلاً وكأنه خطبة لإحدي الشخصيات وعندما تبدأ الاجابة يستهل المتحدث الكلام بالحمد لله والصلاة علي الحبيب طويلاً. ثم ينخرط في تلاوة عصماء منفعلة وكأنه يقف علي المنبر دون توقف أو مقاطعة من جانب مقدم البرنامج ولو من باب الحيوية وإثارة الانتباه.. وبعد معاناة تنتهي الاجابة بعبارة »والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته« لتعود الكرة إلي المذيع حيث ينتقل إلي متحدث آخر!! ولا أخفي عليكم أنني واصلت »الفرجة« من باب العلم بالشيء ليس أكثر.. وقلت أن إعلاماً من هذا النوع كفيل بصرف الناس عن اصحابه. فمن أين إذن يكتسب التيار الديني هذه الشعبية الجارفة رغم الانتقاد والهجوم الذي لا يخفت ليلاً أو نهاراً؟!.. انه ببساطة عدم الثقة في الآخر!! الأمر الأكثر غرابة في المحطات والصحف الليبرالية أن الجميع يدعون الحياد وأنهم فقط ينقلون آراء الخبراء ويعكسون مواقف اللاعبين في دهاليز السياسة بينما هم يدسون السم في العسل سواء في اختيار ضيوف بعينهم أو في انتقاء مواقف بذاتها لتسليط الأضواء عليها وهم جميعاً يظنون أن هذه الحيل القديمة سنطلي علي العامة.. وبلغ الحال بمحطة فضائية أن وقف رئيسها ومذيعوها في أحد الميادين يهتفون علناً بسقوط التيار الإسلامي. وهو أمر عجيب يخرج الإعلام علينا عن حياده المطلوب ويجعله طرفاً في اللعبة السياسية. وإذا كان المبرر الأوحد في عهد النظام السابق أن الشعب قد اختار ممثلي التيار الديني نكاية وكراهية في نظام مبارك. ولكن تري جاء الاختيار هذه المرة نكاية في من؟! والسؤال.. لماذا نرفض تصديق أن هذا الاختيار جاء حراً أصيلاً فنريد تعديله أو تشويهه؟ وكيف يكون للأقلية هذا النفوذ المستبد علي الأغلبية؟ وأخيراً لماذا نتسلط علي الشعب ونشك في اختياره ونصفه بأنه جاهل لا يعرف مصلحته لأنه اختار من يقول فلنحكم بشرع الله؟ أفي الله شك!!.