فوجئت في المؤتمر الصحفي الذي عقد بوزارة الصناعة والتجارة الخارجية بإحدي الصحفيات تسأل وزير الاقتصاد الألماني الذي جاء في زيارة لبحث فرص ومجالات دعم مصر الثورة سؤالا آثار دهشتنا واستنكارنا. قالت له: هل سيؤثر فوز الإخوان المسلمين وحصول ممثلي التيار الإسلامي علي الأغلبية البرلمانية علي توجه المانيا لدعم الثورة المصرية؟.. وبالطبع كان السؤال غريبا ويبدو تحريضيا إلي الدرجة التي تجعلنا لا نستغرب لو جاء الرد عليه بالايجاب. ولكن الوزير الألماني الذي ينتمي إلي أصول آسيوية ولم يتجاوز الاربعين من عمره أعطي بإجابته درسا للمصريين في أصول الديمقراطية وقطع الطريق علي أي أسئلة مستفزة من هذا النوع.. قال: المانيا تنظر باعتزاز لثورة الشعب المصري واصراره علي الحرية والديمقراطية.. وقد جئت إلي هنا بتكليف من المستشارة الألمانية لأبحث مع المسئولين السبل الممكنة لدعم هذه الثورة الرائدة حتي تثبت أركانها وتعزز من نجاحاتها. والمانيا تنظر إلي التيار الديني علي أنه اختيار أصيل للشعب المصري وهو يمارس حريته أمام صناديق الانتخاب وبالتالي لا يجوز التدخل في هذا الاختيار بل ننظر إليه باحترام بالغ ولن يؤثر ذلك دون شك علي رغبة المانيا في الدعم والتعاون والمساندة بدليل وجودي بينكم الآن!.. هذا ما قاله الوزير الألماني في حضور نظيره الدكتور محمود عيسي وزير الصناعة المصري الذي ترك للصحفيين كامل الحرية لطرح اسئلتهم في واحد من أنجح المؤتمرات الصحفية التي شهدتها بوزارة الصناعة منذ سنوات رغم أنه لم يتجاوز 04 دقيقة!.. وما يثير الدهشة أننا مازلنا ننظر إلي التيار الديني بتوجس ونثير المخاوف من حوله، بل ونصدرها إلي الآخرين الذين يمدون يد التعاون ويفتحون صفحة بيضاء مع مصر.. ورغم أن حصول التيار الديني علي الأغلبية جاء باختيار حر أصيل من المصريين إلا أن وسائل إعلامية وفضائيات عديدة لا تحترم هذا الاختيار وتواصل بث الشك في نوايا أنصار التيار الديني دون موضوعية أو حياد. ودون مواربة اتصور أن العيب في هؤلاء الإعلاميين أنفسهم الذين لم يتحرروا من آثار الماضي وتجاربه المريرة في تمجيد النظام ومحاربة خصومه. فهم لم يعرفوا غير هذا الاسلوب علي امتداد عقود طويلة.. وهم مازالوا ماضون علي نفس النهج وإن تغيرت بعض الاسماء والعناوين!.. وليس خافيا علي أحد بل إن الفضائيات خير شاهد أن الذين اكلوا علي موائد الحزب الوطني حتي التخمة هم أنفسهم الذين يتحدثون عن الثورة المصرية الان بعد أن أداروا ظهورهم لماضيهم الكئيب وراهنوا أن الناس ستنسي ممارساتهم ولن يطالبوا في ميدان التحرير بإبعادهم عن قنوات السي بي سي والنهار والتحرير مثلما يطالبون بإقالة الجنزوري أو المجلس العسكري.. أنا شخصيا كدت أنسي ما فعلوا مع الموجات المتلاحقة من ظهورهم وحماسهم وحواراتهم وحالة البجاحة التي يتحدثون بها عن الثورة ورعايتهم لها وانتمائهم إليها حتي جاء إلي أحد الأصدقاء بتسجيل لأحد المذيعين المشاهير تم عرضه يوم 42 يناير يطعن فيه علي دعوة الشباب للتجمع يوم 52 يناير ويطالبهم بفضه ويستخف بدعوتهم ارضاء لقيادات الحزب وقتها وتسجيل آخر لإحدي المذيعات اللامعات وهي تحاور نجل الرئيس المخلوع تري فيه مايدفعك لان تضربها في وجهها بالبيض الفاسد والطماطم الحامضة بسبب حالات التزلف والنفاق والدغدغة التي تحاوره وهي في قمة السعادة والفخر بوجودها معه.. وها هي نفسها تجلس الآن بمليء السمع والبصر والاعلانات تقدمها علي انها بطلة! أما السمين الأكبر الذي يتحدث عن الفقراء والمساكين من أبناء الشعب وهو يتقاضي الملايين بالله عليكم كيف نصدقه ونؤمن بما يقول؟.