غلطة الشاطر بألف مما تعدون، ومايقع إلا الشاطر، لو كنت مكان خيرت الشاطر لادخرت نفسي ليوم معلوم، يوم الخلافة بعد التمكين في الأرض، تعجل الشاطر قطف الثمرة، ظن قطوفها دانية، دنت حتي صارت بعيدة المنال، الأرض لاتزال رخوة تحت أقدام الإخوان. الإخوان بترشيح الشاطر دخلوا الربع الخالي بلا دليل، حيث تغوص القامات في رمال السياسة الناعمة حتي منبت الشعر، يغرق البعض في بحر الرمال المتحركة، الإخوان غرقوا في لجة البحر، فإن أخذوا علي يديه (علي يد الشاطر) ومنعوه من الاستمرار في الترشيح نجا ونجوا. وحتي لو لم نرتضه مرشحًا، وحتي لو نرتضي من الجماعة ترشيحه (بعد وعد جازم وحلف اليمين بعدم الترشيح)، وحتي لو تعاطف رهط من شباب الجماعة مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي تم شلحه إخوانيًا وذبحه علي مذبح الشاطر بسكين مكتب الإرشاد الباردة علي وقع تكبيرات المرشد الذي صار (محللا) لترشيح خيرت ليس مرشدا للجماعة، فلنقبله (الشاطر) مرشحا إلي حين تشخص فيه الأبصار إلي اسم الرئيس، ساعتها سيعلم إخوان الشاطر أي منقلب سينقلبون. يخطئ الشاطر وجماعته كثيرا، أخطأوا مرارا وتكرارا في وقت قصير، الجماعة تحترق كالسيجارة في فم المرشد بديع، حسن البنا يتململ في رقدته الأبدية، يضيع حلم الخلافة علي أيدي من ظنهم الإخوان شطارا وفي مقدمتهم الشاطر، يتعجلون الحكم، مكسبنا الحقيقي في ترشيح الشاطر رئيسًا ليس في الانكشاف الإخواني الفاضح فحسب، بل تخارج الشاطر وتنظيمه من حالة السرية التي فرضها علي نفسه (يفضل الضوء الخافت)، لم يعد هناك مبرر للعمل في الظلام، الشمس طلعت في التحرير، نعلم، ويعلم القاصي والداني، أن خيرت هو رجل التنظيم القوي، سمه ما شئت، المرشد السري، المرشد الفعلي، أمير التنظيم، خازن المال، المؤتمن علي التنظيم، كلها صفات ونعوت وألقاب جاهزة وتفصيل، وخيرت جاهز وبتفاصيل خطط وأفكار ومقترحات، سياسية واقتصادية واجتماعية، وتنظيمية، وبنيوية، وتحالفات داخلية، وتفاهمات خارجية وأغلبية برلمانية لحكم (لفتح) مصر، أهلا بالريس خيرت هذا لقب ينقصه. إذن وفق حسابات الجماعات، وهو من يمسك بحساباتها السرية واقتصادياتها التحتية وبهيراركيتها التنظيمية، ما الذي يمنع خيرت من حكم مصر وأنهار المال تجري من تحته والرجال تحت أمره، قالوا سمعنا وأطعنا، إذا كانت علي الاعتبار السياسي، رد عليه العسكري اعتباره (ولو لم ينشر في الجريدة الرسمية)، كما رد لجماعته اعتبارها وأذن بحزبها (الحرية والعدالة)، طباخ الاعتبار (خيرت الشاطر) لا زم يذوقه، فلينل الشاطر من نفحات الثورة قدرًا معتبرا، مثلما نال عبود الزمر وغيره كثير، قتلة السادات خرجوا من السجون وشكلوا أحزابًا، تسد عين الشمس، وقانون العفو الذي يستنه الأخوة في البرلمان سيعفو عن كثير من القتلة والإرهابيين، وفي البرلمان متسع لآخرين لم نقصصهم عليك. الشاطر ترشح رئيسًا، والجماعة وراءه صف واحد سوي نفر من الشباب المفجوعين في صدقية مشايخ الجماعة، فلنفضها سيرة اللكلكة في ترشيح خيرت الشاطر مضيعة للوقت، والتحليلات، والتنظيرات، وزعم الصفقات، والمكايدات عبث سياسي بامتياز، فلنعترف بحقائق الأرض التي لا محيص عن الاعتراف بها، الإخوان كسبوا الانتخابات البرلمانية، ليس بأمر من الله، وإنما بتفتت المنافسين وتشرذمهم، لم يكسبوها لأنهم جماعة ربانية أو لأن مكتب إرشادهم مقدس أو لأن مرشدهم من أولياء الله الصالحين أو لأنه ذلك العبد الذي آتاه الله علمًا من الكتاب فاخترق حجب الزمن، ولكنها المكيدة والحرب، باعتبار انتخابات البرلمان غزوة أو سرية في سبيل الله، وفتح مصر ثانية علي أيدي خيرت الشاطر يماثل فتحها لأول مرة علي أيدي ابن العاص، وسيعملون علي فتحها واعتلاء صهوتها. فليترشح الشاطر للرئاسة، ونحن لحملته الرئاسية، نفقاتها، أفكارها، شعاراتها، بوستراتها، مراقبون، متابعون، محاسبون، الجماعة تعودت في الانتخابات أن تنفق إنفاق من لايخشي الفقر، ونحن فقراء إلي الله، نترجي الله في حق النشوق، فليتبوأ مقعده بين المرشحين، وليتنزل برنامجه من سماء القداسة والدعوات المستجابة إلي بيانات وأرقام وخطط وأفكار بعيدًا عن وعود المساعدات القطرية التي حظي بها في زيارته الأخيرة، والاستثمارات التركية التي ظل يعمل عليها طويلا، خيرت أسقط نظام مبارك كما قال المرشد- بدعوة من فيه، دعوة المظلوم لاترد، لكن مصر لاتحكم بالدعوات حتي الصالحات منها، مصر تحكم بالبرامج، الحسنات يذهبن السيئات البرامج تذهب الفساد، وتخطط العشوائيات، عجبًا الإخوان بعد الثورة قالوا إن الله أعاد فيهم قصة يوسف عليه السلام، فهيا ياشاطر نريد أن نري عامًا فيه يغاث الناس وفيه يعصرون، طبيعي أن يتقدم خيرت الصفوف ويقول أنا لها أنا لها، أي للرئاسة، ولكن لمن الرئاسة اليوم؟ خيرت لم تسقط عليه الرئاسة صدفة، أو قبلها كرها، أو عزم عليه بها مكتب الارشاد، بل خطط وتكتك وراوغ وناور وجمع واستجمع حتي أتاه الخبر اليقين، انهض أنت مرشح رئاسي، خلاص قضي الأمر، الشاطر مرشحًا، لازم الإخوان يحكموا، لازم خيرت يحكم، فليحكم الإخوان وعلي رأي المثل "الميه تكدب الغطاس".