"حكاية رجل عجوز كلما حلم بمدينة مات فيها " عنوان غير مألوف اختاره طارق امام ليعود من خلاله الي القصة القصيرة بعد ثلاث روايات حققت انتشارا واسعا بين القراء .. ويبدو طارق في مجموعته الجديدة حريصا علي الاختلاف عن الشكل السائد للقصة باختياره عالما يصوغ تفاصيله بمزج بارع بين الواقع والأسطورة وحرصه علي ألا يصبح القاريء عابر سبيل يمر سريعا علي نصوصه فمن الصعب أن يتفهم قاريء من هذا النوع كتابة ليست سهلة تتزاحم فيها الصور والمجازات الا اذا حقق تفاعلا حقيقيا مع النص . بقدر ما جاءت المجموعة مغايرة طرحت تساؤلات عدة يجيبنا طارق علي جانب منها.. ما الضرورة لاختيار هذا العنوان الطويل ؟ العنوان بالفعل طويل ولكني رأيته جذابا ويشبه عالمي وشخصياتي، ويطرح علامات استفهام أولية عند من يراه: كيف حدث ذلك؟ وما الحكاية؟ أحب العناوين التي فيها قدر من التشويق والاستقلالية. وما سر انشغالك بالموت في كل أعمالك ؟ _ لكل كاتب في الدنيا سؤاله الكبير، أو هكذا أفترض، وسؤال الموت بالنسبة لي مهيمن بالفعل.. وربما عندما أكتب خوفي من الموت وأتخلص من هواجسي تجاهه بالكتابة واللعب الفني أستطيع أن أعيش الحياة نفسها، حياتي كبني آدم، بشكل سوي .. ربما هو نوع من التطهر بشكل ما. يبدو أن هناك خيطا واحدا يربط قصص المجموعة فلماذا لم تسمها متتالية ؟ المتتالية أراها تحمل دلالة زمنية بشكل ما، بمعني أن التتالي يجعل كل نص خطوة للأمام في زمن ما مرسوم، وبحيث لا يمكن قراءة العمل الا وفق هذا الترتيب.. وانا لا أري مجموعتي تحقق هذه الفكرة بالمنطق الزمني.. ولا أميل للتجريب في المصطلح نفسه بقدر ما أفضل توسيع معناه من خلال الكتابة ذاتها. ما سر اصرارك علي التمسك باللعب بالأساطير ومزجها بالواقع هل تري أن القاريء يتجاوب مع الفانتازيا في ظل كل هذه الكتابات السهلة أو الواقعية جدا ؟ للأسف النقد الواقعي أفسد الأدب .. رغم أن تراثنا السردي فانتازي وأسطوري وخرافاتي في الأساس، واسألي "ألف ليلة وليلة"! .. من قال ان الأسطورة والخيال لا يفسران الواقع، لا يعمقانه؟ أنا مصر علي النظر لما هو مبهم وخفي وغرائبي في الواقع والقراء يقبلون علي كتابتي ويدعمونها. ما دلالة كثرة استخدامك لضمير المتكلم للجمع "نحن" في كثير من القصص دون أن تبوح بمن يعود عليه هذا الضمير تحديدا ؟ استخدم هذا الضمير عندما أريد التعبير عن جماعة كاملة تواجه شخصا واحدا استثنائيا.. الجماعة هي الكتلة التي تتحدث بصوت مفرد لكن رغم ذلك الفرد الذي تواجهه يكون هو البطل.. كفافيس، بورخيس، يهوذا .. ماذا أردت باستخدامك لتلك الشخصيات الحقيقية؟ _ أردت تحويلها إلي شخصيات فنية تخصني، وتنتمي لعالمي خاصة وأني مشغول بها في الحقيقة.. كل هؤلاء أبطال ضديون.. يصلحون ليكونوا شخصيات فنية أكثر منهم أشخاصا واقعيين .. شعرت بشكل ما أنهم أبطالي الشخصيين، فقررت أن أجعلهم من تأليفي! هل تري أن اتجاه دور نشر كبيرة مثل "نهضة مصر" لنشر الأدب الجديد تأكيدا للقفزة التي حققتها مبيعات الأدب الآن ؟ _ بالطبع .. الأدب الجديد صار رهانا ناجحا وسلعة رابحة وهو شيء جميل حرمنا منه طويلا.. وهذه فرصة ان أشكر دار نهضة مصر التي تحمست لي رغم أنها متحققة في مشاريع كثيرة ولها اسمها التاريخي.. وجميل أن تدخل المؤسسات الكبيرة الرهان، لأننا بحاجة لكيانات ضخمة تتولي نشر الادب وتجيد توزيعه وتمنح الكاتب قدرا من حقه المادي والمعنوي بعد سنوات طويلة من المعاناة في سياقات غير مكتملة يكون فيها الكاتب هو الخاسر الوحيد.