بعد فوضي احدثتها فتاوي بعض رجال الدين وصفت بعضها بأنها "غير مسؤولة" ساد جو من الارتياح الشارع السعودي والاسلامي عامة بعد صدور قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اخيرا بتنظيم الافتاء وحصره للمؤهلين فقط. واعتبر المراقبون ان هذا القرار انه "من اهم القرارات التي اتخذها العاهل السعودي لضبط امور الافتاء وحماية المجتمع من الاضطراب الفكري والاجتماعي الذي احدثته الفتاوي الشاذة". ويأتي توقيت الامر الملكي بعد ان تنامت "ظاهرة الافتاء الغير مدروس" التي احدثها بعض رجال الدين في الساحة المحلية السعودية والتي غدت مسرحا لها لتضاربها في بلد ينظر اليه علي انه قائد للعالم الاسلامي وصور بعض تلك الفتاوي بانها تمثل "المنهج الرسمي في الافتاء". والمتتبع للشأن المحلي السعودي يجد ان القرار قد سبقته سلسلة من الاجراءات الرسمية مثل عزم هيئة كبار العلماء علي تعيين مفتين في مناطق السعودية المختلفة ملحقين بها رسميا بالاضافة الي التصريح الذي ادلي به وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد السعودي الشيخ صالح آل الشيخ والذي اشار فيه الي "عدم الالتزام من قبل البعض". كما ان مفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رد علي تلك الفتاوي في شهر يونيو الماضي بأنه "اذا خرج من هو غير مؤهل للفتوي سنوقفه عند حده ونمنعه من التجرؤ علي الله حتي لا يحسن الظن به فيقلد في خلاف الشرع". وعلي الرغم من ان القرار الموجه الي المفتي قد قصر الفتوي علي اعضاء هيئة كبار العلماء الا انه اجاز للهيئة ان ترفع للحكومة باسماء ممن تري بهم القدرة علي الاضطلاع به مشددا كذلك علي دعم الهيئة في توجهها لضبط روابط الافتاء وذلك للحفاظ علي اهمية حفظ مكانة الفتوي وهيبة المؤسسات الدينية وقيمتها الاعتبارية. كما استثني الامر الملكي الفتاوي الخاصة الفردية غير المعلنة في امور العبادات والمعاملات والاحوال الشخصية شريطة ان تكون بين السائل والمسؤول. وفي السياق ذاته اعتبر وزير العدل السعودي الدكتور محمد العيسي في تصريح رسمي ان القرار يأتي "تأكيدا علي احترام المؤسسات الدينية وعدم تخطي صلاحياتها بأي اسلوب من اساليب التجاوز" مضيفا "ان امر خادم الحرمين الشريفين يجدد الثقة والاعتزاز بمؤسسات الافتاء والاحتساب ورجالها الذين هم علي قدرة في الاضطلاع في مهام الافتاء". من جانبها علقت (هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) في بيان لها "ان القرار يحفظ للفتوي مكانتها بعد ان كانت بعض تلك الفتاوي الشاذة مبررا للبعض في الطعن بالثوابت الدينية ومحاربة علماء الدين". واضافت الهيئة "ان تلك الفتاوي والاقوال المهجورة يجب ان تكون موجهة للمتخصصين في امور الدين وليس للعامة وذلك لما يمكن ان تحدثه من بلبلة". وحول هذا الخصوص رأي استاذ الشريعة في (جامعة الامام محمد الاسلامية) الدكتور خالد الحليبي في تصريح صحفي "ان القرار كان متوقعا بعد ان انتشرت في الفترة الاخيرة فتاوي من غير اهل الاختصاص اثارت فتنة وتشكيك في علماء الدين وان الكثير منها قيل دون تركيز او دراسة وافية وهو الامر الذي يتوجب علي المفتي ان يتوخاه" مؤكدا "كفاية هذا القرار في الحد من الفتاوي غير المدروسة". اما الدكتور عقيل العقيل استاذ الشريعة في (جامعة الامام محمد الاسلامية) ايضا فقد لفت في تصريح مماثل الي اهمية قرار خادم الحرمين الشريفين في "اعادة الهيبة للمؤسسة الدينية بعد ان حاول البعض التطاول علهيا والتقليل من شأنها".