والأمر من الرسول »صلي الله عليه وسلم« وخرج المستضعفون إلي تلك الأرض.. إلي بلد لا يظلم فيها أحد.. وإلي ملك يعرف ربه ويخشي عقابه، ويعمل علي مرضاته.. ويتابع أنباء الرسول »صلي الله عليه وسلم« مع قريش.. ويتعرف علي أخبار معاركه في سبيل نصرة هذا الدين. من أنباء هذا الملك يقول عمرو بن العاص »رضي الله عنه«: كنت أجلس عند النجاشي فدخل عمرو بن أمية الضمري.. وكان رسول الله »صلي الله عليه وسلم« قد بعثه بكتاب إليه.. فلما خرج، قلت للنجاشي: هذا الرجل رسول عدو لنا قد وترنا، وقتل أشرافنا فأعطينيه فأقتله. فغضب الملك من ذلك.. ورفع يده فضرب بها أنفي ضربة ظننت أنه كسره، فابتدرت أنفي..؟ فجعلت أتلقي الدم بثيابي.. عندها أصابني من الذل ما جعلني أتمني أن تنشق بي الأرض لأتواري فيها.. ثم قلت: أيها الملك لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتك؟ قال: فاستحيا وقال: يا عمر تسألني ان أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسي، والذي كان يأتي عيسي لتقتله..؟.. قال عمرو: فغير الله قلبي عما كنت عليه.. وقلت في نفسي: عرف الحق هذا والعرب والعجم وتخالف أنت؟.. ثم قلت: أتشهد أيها الملك بهذا؟.. قال نعم.. أشهد به عند الله يا عمرو، ثم سكت هنيهة وقال: »فأطعني يا عمرو واتبعه فوالله انه لعلي الحق وليظهرن علي من خالفه كما ظهر موسي علي فرعون وجنوده. قلت: أتبايعني له علي الإسلام. قال: نعم. فبسط يده فبايعني علي الإسلام. وروي مسلم في صحيحة عن وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله »صلي الله عليه وسلم«: »من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردي من جبل فقتل نفسه، فهو يتردي في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا«.. »يتوجأ بها في بطنه«: أي يطعن.. »فهو يتحساه«: أي يتجرعه. د. عبدالرحمن عميرة